نجاحات مميزة أخرجت عشرات الكنوز الفرعونية للنور فى جبل القرنة غربى محافظة الأقصر، لتساهم بشكل كبير فى عودة اسم مدينة الأقصر الفرعونية عالياً خلال السنوات الماضية، وكان البطل فيها هو رجال "البعثة الأثرية المصرية" التى ضمت أثريين ومرممين وعمال من أبناء قطاع الآثار بمحافظة الأقصر، وقاموا بمجهودات ضخمة لإخراج مقابر رجال الدولة الفرعونية ومنهم "أوسرحات" و"أمنحوتب" وغيره وأسرهم التى كانت مدفونة منذ آلاف السنين.
وفى هذا الصدد يرصد "اليوم السابع" ملحمة رجال الآثار والبعثة المصرية فى الاكتشافات الفرعونية المميزة للحضارة القديمة فى جبل القرنة..
بداية الغيث قطرة.. بعد 5 سنوات من التوقف "البعثة الأثرية المصرية" تعود فى نوفمبر 2016
"بداية الغيث قطرة" بتلك الكلمات وصف الدكتور مصطفى وزيرى أمين عام المجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة الأثرية المصرية، قرار وزارة الآثار فى نوفمبر 2016 بعودة عمل "البعثة الأثرية المصرية" بعد مرور حوالى 5 سنوات ونصف من التوقف لتلك البعثة فى 14 فبراير عام 2012، وانطلقت وقتها زخات المطر بالخيرات فى الأعمال التاريخية للبعثة فى 3 سنوات وما زالت مستمرة حتى الآن وبكل قوة.
وقال الدكتور مصطفى وزيرى لـ"اليوم السابع"، إنه مع قرار الوزارة وعقد الجميع العزم على تشكيل أفضل فريق أثرى يضم أفضل الخبراء والمرممين والمكتشفين والعمال الأقوياء الشجعان، وتم الانطلاق فى الرهان الضخم لحفر أرض جبل ذراع أبو النجا بغربى الأقصر وتحقيق سلسلة من النجاحات المميزة، وهو ما تم بالفعل باكتشاف عدد من مقابر كبار رجال الدولة داخل ذلك الجبل الذى أصبح عالميا ويذكر اسمه فى كافة وسائل الإعلام الدولية المسموعة والمكتوبة والمقروءة، مؤكداً أن ذلك يعد النجاح القوى لدعم التاريخ الأثرى وضمان أفضل جذب للسائحين من مختلف دول العالم لمشاهدة تلك المقابر العالمية التى أحدثت ضجة كبرى بمؤتمرات عالمية عام تلو الآخر.
وأضاف رئيس البعثة الأثرية المصرية، أنه تم خلال أيام قليلة تشكيل فريق البعثة بكل صرامة وتركيز لخدمة وزارة الآثار، وتم تشكيل البعثة لتضم فريق من رجال الآثار والمرممين والعمال تتكون من حوالى 78 رجلا مصريا من أقصى جنوب الصعيد، وتم تقسيم عمل البعثة بالعمل فى البر الشرقى داخل تماثيل الملك رمسيس الثانى بمعبد الأقصر والتى شارك فيها أحمد عربى مدير معبد الأقصر ويشاركه العمل 10 رجال أثريين، و10 من فريق الترميم الأثرى المصري، و30 عاملا من معابد الكرنك ومعبد الأقصر بجانب قيادات معبدى الأقصر والكرنك، وفى البر الغربى شارك فى البعثة طلعت عبد العزيز مدير عام آثار القرنة وقتها، وشاركه العمل 7 رجال أثريين، و9 من فريق الترميم الآثرى المصري، و12 عاملا فى مقابر دراع أبو النجا بجبل القرنة بقيادة الريس على فاروق كبير العمال حتى يومنا هذا.
وأوضح الدكتور مصطفى وزيرى رئيس البعثة الأثرية المصرية، أن منطقة جبل ذراع أبوالنجا كانت تعتبر كتابا مفتوحا لرجال البعثة، فهى عبارة عن بحر من المقابر الفرعونية مدفونة فى جبل القرنة الذى تسبح أسفله مقابر المئات من قيادات وكبار رجال الدولة الفرعونية بداية من الأسرة 17، حيث تقع منطقة "جبانة دراع أبو النجا" عند مدخل الطريق المؤدى للدير البحرى شمالى مقابر العساسيف، وشهدت اكتشاف أكثر من 50 مقبرة تاريخية على مدار السنوات الماضية وما زالت لم تخرج كافة أسرارها حتى الآن، وتم استخدامها فى الأسرة 17 من العصر الفرعونى كمقابر جنائزية، ثم تواصل العمل فى الدفن داخلها فى الأسرة التى تلتها، وخلال العصر القبطى شيد الأقباط ديرا لهم وهو "دير البخيت"، فوق تلك المقابر الفرعونية.
البعثة الأثرية بالبر الغربى تكشف للعالم مقابر "أوسرحات" مستشار المدينة و"أمنمحات" صائغ الذهب للإله آمون
وعن نجاح البعثة فى الاكتشافات الفرعونية داخل جبل القرنة ومنطقة ذراع أبوالنجا، أكد الدكتور مصطفى وزيرى، أنه تم اكتشاف مقبرة "أوسرحات" مستشار المدينة فى العصور الفرعونية فى عام 2017، والتى أخرجت كنوز مدفونة منذ آلاف السنين، حيث نجحت البعثة فى الكشف عن أكثر من 1400 تمثال فرعونى متنوعة الأحجام، ومنها جرى التوصل لكنوز مقبرتين آخرتين تم العثور عليهما فى بئر بعمق 7 أمتار داخل مقبرة "أوسرحات"، كما تم اكتشاف مقبرة "أمنمحات" صانع الذهب للإله آمون، وبداخلها غرفة تضم تمثالا مزدوجا له ولزوجته، وهى "أمونحتب" وابنهما "نب نفر"، والتى تم داخلها العثور على أكثر من 100 تمثال أوشابتى، وتوابيت خشبية ملونة ومومياوات وماسكات خشبية وتمثال أوشابتى صغير عليه رقائق ذهب، وإكسسوارات ذهبية لزوجة صاحب المقبرة، كما تم العثور على "أختام جنائزية" لأربعة أشخاص لم يتم الكشف عن مقابرهم حتى الآن، وهم (رورو – ماعتى – منجى – بتاح مس).
وفى عام 2018 تم اكتشاف مقبرة ثالثة وهى لشخص يدعى "ثاو إر خت اف" وهو كاتب فى مقصورة التحنيط بعصر الرعامسة فى الفترة بين العصر 19 و20 للدولة الفرعونية، بالإضافة إلى المدخل الأصلى للمقبرة رقم TT28، وأكثر من 1000 تمثال أوشابتى صغير ومومياوات وتوابيت فى حالة جيدة من الحفظ رغم مرور آلاف السنوات عليها، حيث إن المقبرة كانت لدفن عائلى لـ"ثاو إر خت إف" كاتب فى مقصورة التحنيط وكان يحمل عدة القاب منها مساعد فى معبد موت، والمشرف على المجندين، والمومياوات المكتشفة داخل المقبرة تؤكد أنه دفن برفقة زوجته، كما تم استخراج تابوتين أسودين من الخشب عليهما النقوش والألوان الجميلة وأكثر من 1000 تمثال أوشابتى داخلها، أما الاكتشاف الأخير فتم فى العام الجارى بالإعلان عن كشف مقبرتين مميزتين للحضارة الفرعونية القديمة، بحضور الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، و21 من سفراء دول العالم، وتعتبر المقبرة الأولى الأكبر والتى يتقدمها فناء كبير جداً بعرض 55 مترا يؤدى إلى مقبرة صفّ بها 18 مدخلا وبذلك تكون المقبرة هى أول مقبرة فى جبانة طيبة يوجد بها هذا العدد من المداخل.
الريس على فاروق كبير عمال مقابر ذراع أبو النجا يكشف تفاصيل العمل بالمقابر
الريس على فارق كبير عمال الحفائر بمنطقة ذراع أبو النجا بالبر الغربي، هو القائد لملحمة العمال داخل المقابر الفرعونية المكتشفة مؤخراً، فهو يلقب بـ"على القفطاوي" مقيم بقرية القلعة بمدينة قفط التابعة لمحافظة قنا، ويعمل فى مجال الحفائر الأثرية منذ أكثر من 35 سنة، وولد لأسرة تخصصت فى الحفائر بالمقابر الفرعونية بوزارة الآثار منذ 100 عام مضت، وعمل خلال السنوات التى عمل بها بوزارة الآثار برفقة البعثات الأجنبية المختلفة منها الفرنسية والأمريكية وخلافه التى تقوم بعملها فى جبل القرنة على مر السنوات الماضية.
وقال الريس على فاروق كبير عمال الحفائر بالبر الغربى لـ"اليوم السابع"، إن العمال فى كل موقع آثرى يقومون بمهمتهم على أكمل وجه لخدمة الوزارة والحضارة الفرعونية التى ما زالت لم تخرج الكثير والكثير من المدفون أسفل الأرض، مؤكداً أنهم ما أن أبلغهم الدكتور مصطفى وزيرى رئيس البعثة الأثرية المصرية ببدء العمل فى تلك المقابر التاريخية بمنطقة ذراع أبوالنجا الشهيرة، وافقوا على الفور وتواجدوا معه منذ الدقيقة الأولى فى العمل ولم يتكاسل عامل واحد عن مهمته.
وأضاف الريس على فاروق كبير عمال الحفائر بالأقصر، أن العمال عبروا عن سعادتهم الكبيرة بتلك اللحظات المميزة بتقديم هدية تذكارية للدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء فى الاكتشاف الأخير، مؤكداً أنهم مستمرون فى تحقيق النجاح مع كبار رجال وزارة الآثار خلال الفترة المقبلة لخدمة السياحة والآثار بمصر.
وأكد الريس على فاروق، أنه نشأ هو وشقيقه "محمود فاروق" كبير عمال الكرنك، فى عائلة تعشق العمل فى المعابد والمقابر الفرعونية منذ قديم الأزل فأسرتهما من أبناء محافظة قنا وتعمل فى مجال الحفر والتنقيب عن الآثار بمقابر وادى الملوك والملكات وجبل القرنة مع هيئة الآثار منذ أكثر من 100 سنة، فوالده الريس "فاروق شارد" من كبار رجال التنقيب والحفر عن الآثار التاريخية وتقديمها للعالم فى مختلف متاحف ومعابد مصر وعمل فى تلك المهنة منذ أن كان عمره 10 سنوات حتى وصل لكبير عمال الحفائر والتنقيب وورث المهنة عن والده، مؤكداً تعلمه فنون الحفر والتنقيب بالمقابر الفرعونية من والده الذى كان له باع كبير فى هذا المجال.
وأوضح كبير عمال الحفائر بمقابر ذراع أبو النجا، أنه عمل مع العديد من البعثات الأجنبية وجميعهم أصدقاء شخصيين له لعشقهم للحضارة الفرعونية ورجال الحفر بقلوبهم الطيبة، مؤكداً أنه عمل مع العشرات من البعثات الأجنبية فى الشرق والغرب والتى ساهمت فى إثراء الحضارة الفرعونية بمصر، وتلك الأعمال مع البعثات الأجنبية ساعدته فى زيادة الخبرة وكيفية التعامل مع المقابر وطرق حفرها بأحدث الأساليب المتطورة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة