بعد أكثر من عامين قضاها فى التحقيق فى القضية الأهم فى عهد الرئيس دونالد ترامب، أنهى المحقق الخاص فى قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية لعام 2016 روبرت مولر مهمته بعد أن سلم تقريره الذى لم يتهم فيه ترامب، ولم يبرئه تماما من اتهامات تواطؤ حملته مع الروس أو عرقلة سير العدالة بمحاولة التدخل لوقف التحقيقات. وعلى الرغم من أن المهمة إلى أوكلت إلى مولر، المدير السابق لـ"إف بى أى" لمدة 12 عاما، كانت حساسة وصعبة إلا أنه لم يكن أول "محقق خاص" يتم تعيينه للبحث فى قضية معينة.
فعندما إندلعت فضيحة "ووتر جيت" فى عهد الرئيس نيكسون، تم تعيين أرشيبالد كوكس فى مايو 1973 من قبل وزير العدل إليوتن ريتشاردسون للتحقيق فى الجرائم المحتملة النابعة من اقتحام ووتر جسي ومحاولة البيت الأبيض اللاحقة للتغطية على الأمر، وسرعان ما أغضب كوكس البيت الأبيض بمطالبه لوثائق وتسجيلات سرية لمحادثات نيكسون فى البيت الأبيض والتى تم الكشف عن وجودها فى يوليو عام 1973، وفى هذا الوقت، لم يكن أحد يعلم تحديدا مضمون هذه التسجيلات ومدى ما تحتويه من أدلة تثبت محاولة تغطية نيكسون على فضحية اقتحام "ووتر جيت" للحصول على معلومات عن منافسيه الديمقراطيين، وسعيه لوقف التحقيقات. وفى 20 أكتوبر 1973، أمر نيكسون ريتشاردسون بإقالة كوكس، لكن وزير العدل رفض تنفيذ الأمر واستقال، ثم طلب نيكسون بعدها من نائب وزير العدل ويليام راكسلشاوس إقالة كوكس، فرفض هو الآخر واستقال، ثم وافق الرجل الثالث فى وزارة العدل على تلبية طلب نيكسون بمنطق أن الرئيس سيظل يدور داخل وزارة العدل بأكملها حتى يجد شخص مستعد لإقالة كوكس، وأطلق على هذه الاستقالات اسم "مذبحة ليلة السبت" والتى زادت من المطالب بعزل نيكسون. ولم يلبث كوكس فى مهمته كمحقق خاص سوى خمسة أشهر قبل أن يتم إقالته، وفى ظل تزايد الدعوات باستقالة نيكسون قام الرئيس بتعيين محقق خاص آخر. وفى الأول من نوفمبر 1973 تم تعيين ليون جاورسكى الذى واصل التحقيق ومطاردة محادثات نيكسون، وأشرف على توجيه اتهامات إلى أفراد منهم كبار مساعدين للرئيس، ووصل الصراع بين البيت الأبيض والمحقق الخاص إلى المحكمة العليا التى حكمت بضرورة تسليم نيكسون ما لديه من وثائق، وفى نهاية التحقيق تم توجيه الاتهامات للعشرات، ووصف نيكسون من قبل المحقق الخاص بأنه مشارك فى المؤامرة دون أن يوجه إليه اتهام. وفى عهد رونالد ريجان، حدثت فضيحة إيران كونترا عندما استخدمت الإدارة بشكل غير قانونى إجراءات لتمويل المتمردين المناهضين للشيوعية فى نيكارجوا، والمعروفين باسم الكونترا خلال الحرب الأهلية فى البلاد، وتم الكشف عن الفضيحة بعدما تم إسقاط طائرة تابعة للسى أى إيه فى نيكارجوا فى نهاية عام 1986. وتم تعيين المحقق المستقل لورانس والش، الجمهورى والذى كان من أنصار ريجان، لتحديد دور الإدارة فى صفقات السلاح السرية والمشاركة فى حرب نيكارجوا، واستمر تحقيقه سبع سنوات وامتد فى رئاستى جورج بوش الأب وبل كلينتون، وأدى التحقيق إلى توجيه اتهامات جنائية ضد 14 شخصا أغلبهم داخل إدارة ريجان والسى أى إيه، 11 منهم تمت إدانتهم، وتم العفو عن بعضهم فيما بعد فى عهد الرئيس بوش وهو ما أغضب والش وفريقه. ورغم اتهام وزير الدفاع ومستشار الأمن القومى، لم يتم اتهام ريجان أبدا حيث لم يحد والش دليلا على جريمة أو أن الرئيس كان يعلم تماما بالصفقات. أما عن بل كلينتون، فقد تم تعيين محقق خاص للتحقيق فى مدى استفادة كلينتون وزوجته ماليا من شركة وايت ووتر بشراء مئات الأفدنة فى جبال أوزارك على أمل بناء وبيع منازل لقضاء العطلات، وكان هذا فى أواخر السبعينيات قبل فترة طويلة من دخول كلينتون الانتخابات الرئاسية. وفى يناير 1994، بعد عام من توليه الحكم، تم تعيين روبرت فيسكى للتحقيق فى الصفقة، ثم تم استبدال فيسكى بكين ستار واتسعت التحقيقات لتشمل علاقة كلينتون بمتدربة البيت الأبيض مونيكا لوينسكى، وتضمن تقرير ستار 11 اتهاما تستدعى العزل وضعها المحقق الخاص حتى يمكن استخدامها بإطاحة كلينتون من نصبه، وبالفعل بدأت إجراءات العزل فى الكونجرس وتمت الموافقة عليها فى مجلس النواب عام 1998 لكن مجلس الشيوخ برأه.
فى عهد جورج بوش الابن، تم تعيين محقق خاص للتحقيق فى تسريب اسم عميلة للسى أى إيه تدعى فاليرى بالم للإعلام، وألقى المحقق باتريك فيتسجريالد اللوم على عدد من المسئولين فى هذا الأمر بينهم نائب الرئيس ديك تشينى والمستشار السياسى للبيت الأبيض كارل روف، لكن تم توجيه الاتهام لشخص واحد فقط وهو لويس أو سكوتر ليبى، الذى كان يعمل فى مكتب تشينى وتم اتهامه بالكذب على المحققين ومعرقلة سير العدالة. |
|
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة