كنت قد طرحت فى مقال الأمس سؤالا حول الأسعار والدولار، ولماذا لا تنخفض السلع والخدمات ارتباطا بالانخفاض فى سعر الدولار، الذى تراجع بمعدلات غير مسبوقة على مدار الشهرين الماضيين وصلت إلى جنيه و25 قرشا تقريبا، وفقا لأسعار البنك المركزى، وقد كانت الملاحظة الغالبة أن الأسعار فى مصر ترتبط بالدولار صعودا، لكنها لا تتأثر على الإطلاق بحالة الانخفاض أو التراجع المصاحب لتلك العملة أمام الجنيه، بما يفسر حالة الجشع والاستغلال، التى يقودها مجموعة من الصناع والتجار لتحقيق مكاسب مضاعفة على حساب المستهلك وحده.
بعض التجار يقدمون إجابات وتفسيرات غير منطقية لتبرير عدم انخفاض الأسعار، مثل التعلل بأن هناك قوانين مرتبطة بحركة الاستيراد من الخارج وتفرض رسوما على السلع والبضائع المستوردة، وأن ضوابط حماية الصناعة الوطنية ورسوم الوارد على بعض السلع ينتج عنه ثبات الأسعار أو رفعها فى أحيان كثيرة، حتى ولو كان الدولار ينخفض أمام الجنيه، والرد هنا فى منتهى البساطة خاصة أن هذه القوانين ليست وليدة اليوم أو الأمس، إنما منذ سنوات وسنوات، ويتم التلويح بها من قبل الصناع والتجار والمستوردين فقط عندما تنخفض العملة الخضراء، بينما حال ارتفاعها لن نجد أحدا يتحدث عنها.
البعض الآخر يتحدث عن تكلفة الخامات وارتباطها بأسعار الخدمات الرئيسية مثل الماء والكهرباء، وتناسى هؤلاء أن الدولة مازالت تدعم تلك الخدمات، وتقدمها بسعر أقل من التكلفة الحقيقية، حتى الآن، وإن كانت قد بدأت خطة قبل عدة سنوات لرفع الدعم تدريجيا عنها من أجل تحسين أداء الاقتصاد والتوسع فى الاستثمار الأجنبى، والتخلص من عبء منظومة الدعم التى انتهت من أغلب دول العالم منذ سنوات طويلة بعد فشلها فى خلق تنمية حقيقية.
يجب أن تتدخل أجهزة الدولة الرقابية فى ضبط أسعار السلع، خاصة المعمرة، والخدمات مرتفعة التكلفة المرتبطة بصورة مباشرة بالعملات الأجنبية، حتى لا تضيع الجهود التى تبذلها الحكومة فى تحسين مؤشرات النمو الاقتصادى، وتوزيع عوائد التنمية على المواطن بصورة عادلة، حتى يتأكد من أن القرارات الاقتصادية الصعبة التى تم اتخاذها قبل عامين ونصف كانت لصالحه ومن أجل إنقاذ الاقتصاد الوطنى من الضياع فى مرحلة فارقة وخطوة جادة اتخذتها مصر لأول مرة.
نتمنى أن يقوم الصناع والتجار والمستوردين بدورهم الوطنى تجاه المستهلك المصرى، الذى دائما يدفع الفاتورة كاملة لأى مشروع إصلاحى، وأن يكونوا على قدر هذه المسئولية ويدعموا توجهات الدولة نحو الإصلاح والتنمية، بأن يخفضوا مكاسبهم، التى بالورقة والقلم تصل إلى 150%، حتى نرفع ثقة المواطن المصرى ببرامج الإصلاح الاقتصادى، ويرى أن هناك أمل فى مستقبل أفضل لأسرته وأبنائه، والقضاء على النظرة التشاؤمية التى يروج لها البعض وتستغلها الجماعات المتطرفة لتشويه صورة الاقتصاد المصرى.
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد هانى
احسنت
مقال موضوعى وهام جدا ويلمس المعاناه الحقيقية للشارع المصرى . ولكن لم ولن تجد رجال اعمال يسلكوا هذا المنهج !! من يكسب 150% يسعى لتكون 300% وهاكذا