فقدت مصر فى 27 مايو من عام 1873 أحد دعاة نهضتها هو رفاعة الطهطاوى عن عمر يناهز الثانية والسبعين عاما، بعد أن قدم مشروعا نهضويا استفادت منه الحركة الثقافية والعلمية فى مصر، ولا تزال أفكاره قابلة للتطبيق.
بالطبع لم تكن حياة رفاعة الطهطاوى المولود فى عام 1801 خالصة من المنغصات، بل كانت المصاعب تلاقيه طوال الوقت ومن ذلك تعرضه للنفى فى فترة ما من حياته، وكان نفيه إلى الخرطوم، حدث ذلك فى عهد الخديوى عباس الأول الذى حكم ما بين 1848 و1854.
من الأشياء غير الطيبة التى فعلها عباس الأول إغلاق "مدرسة الألسن" التى أنشأها الطهطاوى وذلك بعد 15 عاما من العمل، ثم تم إرسال الطهطاوى إلى الخرطوم، لتولى نظارة مدرسة ابتدائية هناك.
الغريب فى الأمر أن رفاعة الطهطاوى رغم إحساسه بالألم بسبب ابتعاده عن القاهرة لكنه استغل وجوده فى السودان بعمله على ترجمة رواية فرنسية شهيرة باسم "مغامرات تليماك" أو "مواقع الأفلاك فى وقائع تليماك" لمؤلفها القس الفرنسى فينيلون.
وقد استغرق الطهطاوى الفترة ما بين 1851 و1854 فى ترجمة الرواية المذكورة، التى اعتبرها النقّاد فى عصرها صورة فاضحة للملك لويس الرابع عشر، حيث تضمنت نقداً لاذعاً وحاداً لسياساته.
ونشرت الرواية لأول مرة عام 1699، وقد عاش مؤلفها فى فرنسا فى الفترة ما بين 1651 و1765، وهى تقتبس من شعرية هوميروس، وتدور فى فلكه، حيث تختتم الرواية بانتصار البطولة وقيم العدل والحرية.
كذلك فى الخرطوم أنشأ الطهطاوى مدرسة ابتدائية وكان عدد المنتظمين بها نحو 40 تلميذاً نالوا الإشراف المباشر من مديرهم وتعهدهم بالرعاية الخاصة.
وكتب قصيدة يصف فيها حال فترته هناك بالخرطوم يقول فيها: وما السودان قط مقام مثلى/ ولا سلماى فيه ولا سعاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة