مع اقتراب الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، تنتشر عبر مواقع الإنترنت والسوشيال ميديا العديد من الاستفتاءات واستطلاعات الرأى، التى تكون فى كثير من الأحيان غير حقيقية، بل هى من صنع خيال بعض ضعاف النفوس وأصحاب المصالح والمرتزقة الذين يديرون صفحات "السوشيال ميديا" الوهمية وكأنهم يديرون أماكن مشبوهة حيث يحترفون لعب "التلات ورقات"، فنجدهم يزيفون الحقائق ويزورون الأرقام ويروجون وفق حملات منظمة وممنهجة أرقاماً وبيانات لا وجود لها على أرض الواقع، وذلك بالطبع من أجل رفع اسهم هذا الفنان أو ذاك.
وللأسف الشديد فإن المحصلة النهائية من وراء هذه الاستفتاءات الوهمية التى تتم حسب الأهواء الشخصية بأن نصبح فجأة وبدون مقدمات أمام نتائج مفبركة تأتى على حساب النجوم الحقيقيين الذين يستحقون بالفعل التقدير والتكريم.
واللافت للنظر أن هذا النوع من الاستفتاءات " المضروبة" ينشط دائماً فى المواسم الفنية، وبالطبع فإن سباق دراما رمضان تأتى فى مقدمة تلك المواسم خاصة وسط ما تتناقله وسائل الإعلام بشكل يومى عن الأعمال الأكثر مشاهدة والنجوم الذين يشكلون الاعلى "ترند"، وكأن حياتنا تحولت بقدرة قادر إلى ما يشبه السوق الذى يعرض بداخله كل شخص بضاعته بالشكل الذى يرضيه، وبالطريقة التى يرى أنها تناسبه، فيختلط "الحابل بالنابل" ويتحول مجال النقد وتصنيف الفنانين وترتيب الأعمال الفنية الى تجارة تحكمها اليات شديدة التعقيد وسط هذا الكم الهائل من مواقع الأنترنت ومنصات التواصل الاجتماعى التى تروج لهذا الأمر حسب أهواء القائمين عليها، وبالتالى فإن من يدفع أكثر يكون فى الصدارة، لأن الحملات الممولة تأتى دائماً بنتائج أكثر خطورة لأنها تأتى بلوى الذراع.
وهنا أتساءل إلى متى تظل تلك الاستفتاءات التى نسمع عنها ونقرأ نتائجها الفجة تتم بدون أن تكون هناك ضوابط تحكمها، وبدون أن يكون هناك التزام بمعايير علمية، وأن تكون من خلال فريق يضم نخبة من المتخصصين ونقاد الدراما والذين يمتلكون مقومات إصدار الأحكام المتعلقة بمستوى النجوم بشفافية، كما أرى ضرورة أن يكون القائمون على تلك الاستفتاءات الجماهيرية يمتلكون الخبرة الكافية التى تؤهلهم لتحليل وقياس الرأى العام بشكل علمى ودقيق بعيداً عن الاهواء الشخصية وبعيداً عن الرضوخ لرأى من يمتلكون القدرة على تزييف الواقع ورسم صورة ذهنية مغلوطة بعيدة كل البعد عن الحقيقة .
إن هذا الموضوع شديد الأهمية لأن العشوائية فى الاستفتاءات تمثل خطراً حقيقياً على النجوم الذين يستحون أن يكونوا فى الصدارة، خاصة أنه فى حالة ظهور تلك الفقاعات الفنية لتحتل المراكز الأولى فى الاستفتاءات التى أراها سريعة التجهيز، فإن هذا يتسبب فى إهدار قيمة فنانين كبار بذلوا جهداً مضاعفاً واجتهدوا قدر استطاعتهم ليقدموا لنا فناً متميزاً وناجحاً بكل المقاييس، ولكنهم يفاجأون أن الساحة الاعلامية تمتلئ بأسماء (ما أنزل الله بها من سلطان) تتصدر المشهد عبر صفحات السوشيال ميديا وعلى مواقع الإنترنت التى أرى أن كثيرا منها يشبه المنتجات الرديئة التى تنتجها مصانع "بير السلم".
أنا لست ضد إجراء استفتاءات جماهيرية، فالاستفاءات الجماهيرية وقياسات الرأى العام شىء مهم وضرورى فى كافة المجتمعات، ولكن الذى أرفضه شكلاً وموضوعاً، هو تلك العشوائية التى تتسم بها الغالبية العظمى من الاستفتاءات التى يتم تنفيذها وتفصيلها بشكل خاص لتكون على مقاس نجم معين، أو مسلسل معين، وهو ما يهدر جهد الآخرين الذين هم فى أشد الحاجة لمن يقول لهم "شكرا.. لقد امتعتونا بفنكم الجميل".
كما أرى أن لهذا الموضوع وجها آخر وهو الجانب الإخلاقى، فكيف يسمح شخص بأن يقوم بسرقة مجهود الغير وينسبه لشخص آخر لمجرد أنه دفع أكثر وأجزل له العطاء.
أما عن عشاق الشو الإعلامى والمرضى بالظهور مع هذا النجم أو ذاك، فحدث ولا حرج، فهؤلاء ينتشرون ويتغلغلون من خلال تلك النوعية من الاستفتاءات الوهمية، حيث يحرص كل منهم على التصوير مع النجوم فى حفلات التكريم التى يتم تنظيمها بحجة إعلان نتائج الاستفتاء الذى يستخدمونه كواجهة لهم، وبالتالى فإن بعض الفنانين يقعون فى هذا الفخ الاعلامى المنصوب لهم ويتحول الأمر الى مجرد حفلات من أجل إلتقاط الصور التذكارية فى العديد من المؤسسات التى غالباً تكون عبارة عن جمعيات خيرية أو مدارس أو مستشفيات، فالكل يسعى من أجل تحقيق هدف واحد وهو "الشو الإعلامى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة