اليوم الكلمة للشعب، ولا أحد سواه. فقد وصل قطار التعديلات الدستورية إلى محطته الأخيرة فى انتظار سماع كلمة الشعب فى ما أبداه نوابه فى البرلمان من رغبة قوية فى إجراء تعديلات دستورية، وفتحوا أمامها حوارًا ديمقراطيًا حقيقيًا، لم يمنع أحدًا من المعارضة، مثلما أتاح الفرصة للمؤيدين.
اليوم، وعلى مدى ثلاثة أيام، يُجرى الاستفتاء الشعبى على التعديلات الدستورية؛ ومن ثم فلا مجال للحديث عن تفاصيل بالقطع وجدت طريقها نحو قناعات كل مواطن، وبات الكل وقد حاز قناعة سيعبر عنها بوضوح داخل صندوق محايد لا لون له إلا المصلحة الوطنية.
ولا شك أن الكل يعلم جدوى وأهمية التدفق بغزارة على اللجان الانتخابية، لا من أجل نعم أو لا، فتلك حرية لا يمكن النيل منها، ولكن من أجل إثبات حرصنا جميعًا على المشاركة فى بناء الدولة المدنية الحديثة التى نبنى آمالًا كبيرة على قدرتها على تحقيق الطموحات الشعبية المشروعة فى حياة كريمة حرة. إذن نعم، أو لا، ليست هى المعيار الذى سنستند إليه فى إثبات وطنيتنا، بل هى المشاركة بجدية فى رسم صورة للوطن تنسجم وما نحمله من مسؤوليات وطنية فى إعلاء شأنه بين الأمم التى تتابع عبر وسائل الإعلام العالمية حركة المجتمع المصرى صوب أهدافه التنموية العالية التى طالما أعلن الرئيس السيسى، بوضوح، وعن حق أنها تحتاج إلى جهد كل مواطن.
إلا أننى أود التأكيد على أن التعديلات الدستورية لم تستهدف مصلحة معينة لشخص ما، أو لتيار بعينه، أو لجهة ما، إذ لا يتم تعديل الدساتير إلا محكومة بالمصلحة الوطنية ومتطلباتها. ومن هنا فإن رأيك فى التعديلات ينبغى أن يتخلص من أى شكوك أو هواجس قد تعلق به جراء الأحاديث المسمومة التى يروج لها أعداء الوطن.
فرئيس أتى مدفوعًا بحناجر الجماهير التى هتفت باسمه، ونادت عليه بقوة شهد بها العالم، لا يمكن أن يسعى إلى البقاء فى موقعه إن لم يكن قادرًا على بذل المزيد من الجهد فى سبيل دفع عجلة التنمية إلى الأمام على نحو يحقق تطلعات الشعب، ولا يمكن أن يتخذ فى سبيل ذلك منهجًا يتنافى وطبيعة العملية الديمقراطية، وقد حرص منذ كان وزيرًا للدفاع على حماية الإرادة الشعبية الحرة التى أصرت على دولة مدنية حديثة، لا فساد فيها، ولا حكم دينى يختزل الوطن فى جماعة.
ومؤسستنا العسكرية، بتاريخها الوطنى المُشرف والثرى بالإنجازات، لا يمكن أن تسعى إلى التقليل من جوهر العملية الديمقراطية التى طالما انحازت لها أمام العالم كله، فساندت رغبة الشعب فى الإطاحة بكل ما رأته يعرقل مسيرة الديمقراطية، سواء بحكم دام عدة عقود دون بارقة أمل فى التغيير نحو الأفضل، أو بجماعة ارتهنت المصلحة الوطنية لتحقق أهدافها البالية الفارغة من أى مضمون وطنى.
وإذ تطال التعديلات الدستورية المرأة المصرية، وتعطيها ما لا يقل عن 25% من إجمالى مقاعد مجلس النواب، فإن دور المرأة فى كل المجالات الوطنية لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه، وهى الأم والزوجة والابنة والزميلة والمعلمة والطبيبة والقاضية والمحافظ والوزيرة.. إلخ. وقد أدت مسؤولياتها فى كل هذه المواقع بأمانة وكفاءة لا يمكن الطعن فيها. فهل جاملتها التعديلات الدستورية بمنحها 25% من إجمالى مقاعد البرلمان؟، أتصور أن الانتخابات البرلمانية عليها أن «تستعدل» الأمر، وترفع بالممارسة الفعلية نسبة المرأة فى مجلس النواب إلى النصف بحكم تمثيل عادل نتمنى أن يهيمن على خطواتنا المقبلة بشكل نتخلص معه من موروث قديم ما عاد يصلح لمواكبة التغيرات المجتمعية الهائلة التى حققها الشعب المصرى.
وبالمثل، من قال إن مجلسًا نيابيًا حقيقيًا لا تُمثل فيه فئات بعينها ربما لا تملك القدرة على المنافسة بقوة فى المعركة الانتخابية الشرسة التى نعرفها جميعًا، وعليه، فحق لذوى الاحتياجات الخاصة والشباب والمصريين فى الخارج أن يكون لهم نصيب معقول، كحد أدنى، داخل مجلس النواب.
كل الأمل أن يحتشد المصريون داخل وأمام لجان الاستفتاء بشكل حضارى يؤكد حيازتنا لقناعات ديمقراطية حقيقية، سيتحدث عنها العالم، واصفًا ما نقدمه بأنه استمرار طبيعى للأداء المتميز الذى حققناه فى عهد الرئيس السيسى من إنجازات غير مسبوقة فى التنمية بكل أوجهها، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة