قالوا لها بنت الضياء تأملى / ما فيك من فتن ومن أنداء
سمراء زان بها الجمال لونه / واهتز روض الشعر للسمراء
لو سكت الجاهل ما اختلف الناس، ولو خرس وجدى غنيم، ما استمطر لعنات الجزائريين، لعنة الله على الجهل الذى يستبطنه من يزعم علما وهو أجهل من الجهل، جهل بسيرة ومسيرة المناضلة التاريخية جميلة بوحيرد.
لو قرأ الإخوانى السفيه حرفا من سطور نضال الجميلة، لو تعرف على ما تيسر من سيرة أيقونة النضال الجزائرى، لو علم موقعها فى قلب العرب والعجم جميعا، لخرس تمامًا وأظنه سيخرس بعدما ألقمه الجزائريون حجرا، ولقنوه درسًا، مناضلات الجزائر لم يتركنه ينجو بفعلته وهو سادر فى غيه.
تخيل هذا الإخوانى الخرف الهارب كجرذ يظهر بين شقوق الفضاء الإلكترونى كل حين سبابا شتاما لعانا يعيب الجميلة، قطع لسانك الطويل، بلغت البذاءة منتهاها، ومنتهى السفالة أن يقذف جاهل من ألهمت بنضالها الشعراء، من اجتمع على سيرتها نزار قبانى، وصلاح عبد الصبور، بدر شاكر السياب، ومهدى الجواهرى وعشرات آخرون.. كتب فيها نحو سبعين قصيدة، وفى آخر الزمان يتطاول عليها إخوانى عقور مأجور.
وجدى غنيم نموذج ومثال للبذاءة الإخوانية، عقورون لا يستثنون أحدًا، بضاعتهم البائرة يجولون بها فى الفضاء الإلكترونى، يقذفونها فى الوجوه، لم يتركوا شريفا إلا وشانوه، ولا عفيفا إلا ونجسوا طرف ثيابه، بلغوا فى البذاءة مبلغا، وأمعنوا فى السفاهة، وتجاوزا الحدود جميعا من خارج الحدود.
قطع لسان طال يمس الجميلة، بنت حى «القصبة»، التى فاحت أقحوانة برية نبت فى جبال «الأطلس التلى»، صوت الجزائر الأبية التى صدح نداؤها «الجزائر آمن» فصارت مثلا، جميلة عنوان وطن، عنوان أمة، عنوان فخر، ولكن أمثال هؤلاء الجاحدين لم يجربوا فخرا، ولم يفقهوا نضالا، ولم يعرفوا رمزا، قبحكم الله.
مشكلة أمثال وجدى عنيم أنهم يعمهون فى ظلمات أنفسهم، لم يرَ فى سطوع شمس الجميلة على وجوه الثورة اليانعة سوى أنها، أى جميلة، ظهرت حاسرة الرأس، جميلة من مواليد 1935، تخيل هذا الخبل الإخوانى، العبث العقلانى، التخلف الشيطانى، جهل مركب ونقص فى مراكز التفكير والإدراك، وعته استولى عليه، من يرى قناة السويس الجديدة، كما طشت أمه، يرمى بالحجارة أمنا جميعا.
هذا الذى هو مهين ولا يكاد يبين، لم ير الطفلة جميلة تصرخ فى وجوه الاحتلال الفرنسى: «الجزائر أمنا»، وكان شعار الاحتلال «فرنسا أمنا»، أبت فى زمن الرفض يكلف حياة، لم يتتبع خطى جميلة وهى تربط بين الثوار فى الجبال وأقرانهم فى السهول، أتعرف يا جاهل بكتاب التاريخ أن رأسها كان مطلوبا، والرصاص كاد يصيبها فى مقتل، وتأبى أن تسلم لهم وتعترف وهى تنزف، فحركت ضمائر العالم يا عديم الضمير.
جميلة التى عذبت عذابًا لا يطيقه بشر، وغابت عن الوعى مرارا من قسوة الألم، وصارت صورتها بالأسمال معذبة تلهب خيال الشعراء، وروى قصتها الرواة، ويوم محاكمتها حاكمت هى العالم، ووقفت فى وجه العالم تصرخ كفتاة عربية كريمة أصيلة فصارت رمزا للمقاومة فى بلد المليون شهيد، تسمت الجزائر ببلد المليون شهيد، وبلد جميلة بوحيرد، حتى الأطفال فى حوارى المحروسة يعرفون اسمها، وكم جميلة مصرية تسمت باسم جميلة بوحيرد.
القبيح لا يعرف معنى الجمال، ولا يفقه سيرة الأبطال، عبد المرشد الذى يسبح بحمده لم يطالع الكتاب، يوم محاكمتها وقفت على قدميها لتعلن أنها حرة من بلد الأحرار، وصكت حكمتها التى صارت مثلا: «أعرف أنكم سوف تحكمون علىَّ بالإعدام، لكن لا تنسوا أنكم بقتلى تغتالون تقاليد الحرية فى بلدكم، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة