رحل الدكتور على مبروك، لكن لا تزال كتبه قادرة على التواجد وستظل إلى ما يشاء الله، ومن ذلك كتابه المهم "الإمامة والسياسة.. الخطاب التاريخي في علم العقائد" والصادر عن المركز الثقافى العربى ومؤمنون بلا حدود.
يقول الكتاب "الإمـــــــــامة أو السياسة تفكير فى جملة المبادئ والقواعد التى تنظم وضعاً اجتماعياً ما فى لحظة معينة، وهنا فإن نقطة البدء عند من يفكر فى الإمامـــة هى "الحاضر"، الذى قد ينطلق منه "الماضي" باحثاً فيه عما يؤسسه ويكرسه أو يخلخله ويزحزحه".
ويتابع الكتاب " أما التاريخ، فهو قول عن الماضى بقصد العظة والاعتبار فى الأغلب، لكنه يبدو أن كل تفكير فى الماضى هو تفكير فى الحاضر أيضاً، وذلك من حيث إنه قد يستهدف، بدوره، إما تكريس هذا الحاضر أو زحزحته".
إذن، فالإمامة تفكيرٌ فى الحاضر غالباً ما يقصد الماضي، وذلك فيما التاريخ هو تفكيرٌ فى الماضى دائماً ما يقصد الحاضر، ويبقى "المستقبل" بعداً غائباً عنهما معاً، لكنه يبدو أنه رغم اختلاف نقطتى البدء بينهما، فإن الحاضر يبتدى بوصفه قصدهما المشترك، إما زحزحة أو تكريساً له، وليس من شك فى أن الرابطة بينهما، تعنى أن الواحد منهما يتأسس بالآخر ويؤسسه، وعلى الرغم من العديد من الدراسات عن "الإمامة"، فإن الأمر لم يتجاوز التفكير فى جملة مسائلها الجزئية أو بعضها، أو عند فرقة كلامية محددة، ومن دون التطرق إلى التأمل فى دلالة أشمل تتجاوز هذه الجزئيات، فتجعلها ذات مغزى يتخطى بها حدود كونها مجرد تشريع لكيفية ممارسة السياسة، إلى التشريع لبناء التصورات وبلورة المفاهيم.
وعلى الرغم من أن نقطة البدء فى كل من الإمامة والتاريخ هى الحاضر والماضي...فإن الرابطة بينهما تتكشف- للمفارقة- من خلال المستقبل على نحو أساسي؛ إذ الحق أن الدور التأسيسى الذى تلعبه الإمامة فى التاريخ يتبدى جوهرياً، من خلال ما يتضمنه التاريخ من تصور عن المستقبل. فقد بدا أن مواقف الفرقاء حول الإمامة قد تبلورت من الاختلاف حول تقييم ما جرى فيما يتعلق بإمامة الخلفاء الأربعة وما ترتب عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة