الحكم المحلى وأجهزته الإدارية متهمة بالفساد والتقصير والإهمال وهذه حقيقة تؤكدها ملفات القضايا أمام المحاكم وجهات التحقيق، وتنشرها الصحف من حين لآخر، أحيانًا القبض على رؤساء أحياء أو مهندسى التنظيم أو إدارات التراخيص وغيرها وما أكثرها هذه الأيام ولا يتعظ أحد، ووصل الأمر إلى محاكمة نائب محافظ العاصمة الثانية ومحافظ المنوفية وغيرهما، ومع ذلك هناك دائمًا استثناءات مشهودة تسمح لبعض المحافظين بالنجاة فى التعامل مع التراكمات والضغوط المتوارثة والبعض الآخر يؤثر السلامة وينهى مدته دون إثارة مشكلات مع أحد. فالمحافظ يواجه ضغوطًا من الأجهزة الشعبية ونواب البرلمان، إما أن يقبل بها أو تعلن عليه الحرب، فهل يمكن أن تحاسب شخص بلا سلطة- خاصة- وهو يواجه العديد من العراقيل ينجح البعض فى التغلب عليها، ويؤثر البعض الآخر السلامة ويؤجل المواجهة حتى يرحل ويأتى خليفته ليتذوق مرارة التجربة. والحقيقة أن الأمر يحتاج إلى مبادرة وقدرة على التعامل مع الأمر الواقع حتى يصدر قانون الإدارة المحلية الجديد، ويتم إجراء الانتخابات بحيث يكون هناك مشاركة ورقابة شعبية.
خاصة أن الدستور وضع ركائز هذة الرقابة فى المواد 180 التى تنص على تنتخب كل وحدة محلية مجلسًا بالاقتراع العام السرى المباشر، لمدة أربع سنوات، ويشترط فى المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، كما ذكرنا أيضًا هنا فى موقع الأنبا تكلا هيمانوت فى أقسام أخرى. وينظم القانون شروط الترشح الأخرى، وإجراءات الانتخاب، على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالى عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلًا مناسبًا للمسيحيين وذوى الإعاقة. وتختص المجالس المحلية بمتابعة تنفيذ خطة التنمية، ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، وممارسة أدوات الرقابة على الأجهزة التنفيذية من اقتراحات، وتوجيه أسئلة، وطلبات إحاطة، واستجوابات وغيرها، وفى سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية، على النحو الذى ينظمه القانون. ويحدد القانون اختصاصات المجالس المحلية الأخرى، ومواردها المالية وضمانات أعضائها واستقلالها. والمادة 181 التى تؤكد أن قرارات المجلس المحلى الصادرة فى حدود اختصاصه نهائية، ولا يجوز تدخّل السلطة التنفيذية فيها، إلا لمنع تجاوز المجلس لهذه الحدود، أو الإضرار بالمصلحة العامة، أو بمصالح المجالس المحلية الأخرى. وعند الخلاف على اختصاص هذه المجالس المحلية للقرى أو المراكز أو المدن، يفصل فيه المجلس المحلى للمحافظة. وفى حالة الخلاف على اختصاص المجالس المحلية للمحافظات، تفصل فيه على وجه الاستعجال الجمعية العمومية لقسمىّ الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وذلك كله وفقًا لما ينظمه القانون، وهذه المواد سوف تكون أمام البرلمان أثناء نظر التعديلات الدستورية مما يمكنه من إزالة أى عقبات حالت أو تحول دون إجراء الانتخابات بما يسمح بالرقابة المجتمعية. فهل تنتهى مشاكل الإدارة المحلية بالضربات المتتالية التى تقوم بها الرقابة الإدارية أم أن الأمر يحتاج إلى رؤية جديدة واستيراتيجية طويلة المدى تمكن الإدارة المحلية من القيام بواجباتها ومهامها بما يضمن الحد من مظاهر الفساد، ويحقق الهدف النبيل من الإدارة المحلية بوجه عام. الأمر يستلزم التدريب والتوعية والتحديث والحوكمة لكل العاملين فى هذا الجهاز الضخم والمرتبط ارتباطًا وثيقًا بمصالح المواطنين وفى القلب منها تدريب رؤساء المدن والأحياء والقرى الذين يحتاجون إلى تأهيل ومساندة مالية وإدارية ومنح المحافظين سلطات واختصاصات تمكنهم من تطبيق نظام اللامركزية، خاصة أن هناك قطاعات عديدة لا تخضع لسلطة المحافظ ومنها على سبيل المثال لا الحصر قطاع الرى والموارد المائية والسياحة والضرائب العقارية والثقافة الجماهرية وشركات المياه وهى مرافق حيوية أغلبها تابع لشركات قابضة مركزية وسلطة المحافظ عليها هشه، أضف إلى ذلك التربية والتعليم والصحة ومديريات الإسكان التى يخضع أغلبها إلى سلطة الوزير المختص.
كل هذا يجب أن يوضع فى الاعتبار خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن غياب الرقابة الشعبية لأكثر من عشر سنوات تسبب فى تفاقم الأزمة وتفحلها مما زاد الضغوط على الأجهزة الرقابية وفى القلب منها الرقابة الإدارية مما يستدعى معاونة المجتمع المدنى مع الوضع فى الاعتبار أن العالم أصبح يعتمد كثيرًا على مشاركة المجتمع المدنى فى دعم الإدارة المحلية فى إطار التنمية المستدامة وحث الأطراف الفاعلة فى المجتمع على احترام سيادة القانون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة