يبدو أن الجناح الليبرالى وخبراء السياسة فى واشنطن يشعرون بالقلق حيال الأنباء الواردة بشأن تقديم وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف، استقالته من حكومة الرئيس حسن روحانى، وهو ما أعتبرته مجلة فورين بوليسى، الأمريكية، أن طهران تخسر أخر رابط مع الغرب.
فظريف الذى عرف عنه مهاراته الدبلوماسية فى التفاوض والتواصل مع الغرب، أثارت أنباء استقالته مخاوف فى الولايات المتحدة، إذ أشارت المجلة المقربة من دوائر صنع القرار الأمريكية، إلى أنها تفتح الباب أمام تطرف إيرانى جديد، والمقصود فقدان طهران صوت معتدل ربما يحل مكانه آخر متشدد.
بالنسبة لأولئك الدبلوماسيين الأمريكيين الذين تعاملوا مع ظريف أكثر ويعرفون تاريخه، فإن رحيله عن المشهد هو علامة مؤلمة على أنه بعد عام تقريباً من انسحاب الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، المفاجئ من الاتفاق النووى الإيرانى، فإن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران على وشك أن تأخذ منعطفاً دراماتيكياً نحو الأسوأ.
ووصف جيمس دوبينز، وهو دبلوماسى أمريكى سابق كان يعمل عن كثب مع ظريف فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر، بأن رحيله ليس علامة جيدة، وقال "لقد كان حاسما فى إبقاء إيران في خطة العمل المشتركة المشتركة JCPOA (الاسم الرسمى للاتفاق النووى الإيرانى)." وأضاف إنه إذا حدث ذلك، فسوف نواجه أزمة جديدة فى المنطقة، "إنه دبلوماسى ماهر، ومحاور موثوق به، ورفيق مسلي، ليس للأسف ما كانت تبحث عنه الإدارة الأمريكية الحالية".
وأشارت المجلة إلى أن ظريف، وهو متدين ومخلص للجمهورية الإسلامية الشيعية، كان دوماً محل شبهة فى نظر الغرب، ومع ذلك من الغريب نوعاً ما أن وزير الخارجية الإيرانى المستقيل كان أيضا موضع شكوك أكثر من قبل الراديكاليين فى بلده.
وتضيف، أن ظريف كان اجتماعيا ويزور الكثير من الأصدقاء والمعجبين من "غير المؤمنين" فى الخارج، وكانت لغته الإنجليزية جيدة للغاية بل فى الواقع مثالية وطلقة وقد أجرى الدراسات العليا فى كلية جوزيف كوربيل للدراسات الدولية فى جامعة دنفر، كما كان مضيافا وودودا وغالبًا ما كان يدعو المسئولين الغربيين والصحفيين إلى مكتبه الواسع فى الأمم المتحدة، حيث كان يقدم لهم الشاى الحلو والفستق الفارسى اللذيذ.
وتشير إلى إن ظريف دبلوماسياً بارعاً يعرف كيف يستغل كل ميزة لصالح بلده المعزول، ومع ذلك، وجد نفسه مهزوماً فى النهاية ليس بمقاومة مواطنيه، بل من قبل الغربيين الذين لم يتمكنوا من رؤية سبيلهم نحو إيجاد طريق وسط معه.
ولم يصب ظريف شئ أكثر من الاتفاق النووى الذى تم التوصل إليه عام 2015 بشق الأنفس والذى ساعد، أكثر من أى شخص آخر، على تنسيقه مع التمسك بوعد للإيرانيين بالخروج من العقوبات الغربية الساحقة ومع ذلك فلقد سحقه هذا فى النهاية.
فعلى مدى ما يقرب من عشرين عاماً، عمل ظريف، البالغ من العمر 59 عاماً، نائب وزير الخارجية، ثم سفير لإيران لدى الأمم المتحدة، وأخيراً كوزير للخارجية، لاعبا دوراً مركزياً فى محاولات إيران الرامية إلى إقامة تسوية مع الغرب، وفي كل مرة يجد نفسه فيها مرفوضاً ومذلا من واشنطن، قد تكون الضربة الأخيرة لإرثه جاءت من اقتصاد إيران المتدهور، الذى يعانى من ضغوط أمريكية متجددة.
كما رأى آخرون أن استقالة ظريف هى تحذير محزن وخطير لما قد يحدث، وقالت سوزان مالونى، الخبيرة لدى معهد بروكينجز، إن "ظريف كان مفيدًا لسببين رئيسيين- أولاً، معرفته بالنظام الأمريكى ؛ ثانياً، مهاراته كمفاوض "، ومع ذلك تشير إلى أن " كل من هذه الأصول غير كافية لإدارة حقبة ترامب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة