تصدر قريباً الترجمة العربية لكتاب "دروس السلطة" للرئيس الفرنسى السابق فرانسوا هولاند، ترجمة حسين عمر، عن دار المدى، وهو عبارة عن مذكرات صدرت بالفرنسية فى أبريل الماضى، وفيها يتحدث الرئيس السباق لفرنسا عن تجربته كرئيس، ويستخلص الدروس والعبر منها، منوها بجميع العقبات والمشاكل التى واجهته سواء بفرنسا أو خارجها ومتطرقا إلى حياته اليومية والخاصة كذلك.
ومن قبل نشر موقع فرنس 24 تقريرا عن الكتاب، جاء فيه: "دروس السلطة" صدر عن دار "ستوك" للنشر، وهو من تأليف الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا هولاند، يروى فيه تجربته السياسية فى الحكم (2012-2017) والمشاكل التى واجهها على المستوى الشخصى والسياسى.
كما أجاب هولاند عبر كتابه عن عدة أسئلة كان الفرنسيون يطرحونها آنذاك، من بينها أسباب عدم ترشحه لعهدة رئاسية ثانية فى 2017، وتطرق إلى أهم الأخطاء التى ارتكبها خلال حكمه لفرنسا.
وخصص الرئيس الفرنسى السابق بعض الصفحات من كتابه لحياته الشخصية، إذ تحدث عن رفيقته السابقة فاليرى تريرفيلر التى عانت كثيرا حسب تعبيره عندما نشرت مجلة "كلوزر" المتخصصة فى عالم النجوم والأزياء مقالا حول علاقته الجديدة مع الممثلة جولى غاييه.
"فاليرى تأثرت بشكل عميق عندما قرأت المقال. وعندما دونت كتابها (شكرا على تلك الأوقات) الذى لقى صدى إعلاميا كبيرا، عبرت عن جروحها العميقة بكلماتها الخاصة. لقد تألمت كثيرا". كما تحدث هولاند عن العلاقة التى تربطه بالممثلة جولى غاييه التى "وقفت بجانبه طيلة السنوات الثلاث الأخيرة"، حسب قوله.
أما على الصعيد السياسى فاعترف هولاند بأن الخطأ الأول الذى ارتكبه تمثل فى ذكره شخصيا قضية ليوناردا، وهى فتاة من كوسوفو تم إبعادها من فرنسا إلى بلادها رفقة عائلتها فى أكتوبر 2013، كاتبا "ليتنى استمعت لنصيحة كريستيان توبيرا (وزيرة العدل خلال عهدة هولاند). عندما أعيد التفكير فى عهدتى، أشعر بالندم إزاء هذا الملف".
والموضوع الثانى الذى أعرب الرئيس الفرنسى السابق عن ندمه عليه يتعلق باقتراحه مشروع قانون يقضى بتجريد الفرنسيين ذوى الجنسية المزدوجة، والذين تورطوا فى عمليات إرهابية، من جنسيتهم الفرنسية. ما أدى إلى خلق شرخ سياسى كبير فى صفوف الحزب الاشتراكى والنواب الاشتراكيين فى الجمعية الوطنية.
وقال هولاند فى هذا الشأن: "لقد قللت كثيرا من مدى الصدى العاطفى الذى يمكن أن يسببه هذا المشروع فى المجتمع الفرنسي. كنت متيقنا أنه (مشروع القانون) لن يهدد الحريات العامة والفردية ولن يخل بمبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين. لكن فى نظام ديمقراطي، لا يكفى فقط أن تمتلك الحق، بل عليك أيضا أن تقنع الآخرين".
وحول قانون العمل الذى اقترحته مريم الخمرى والذى تم تمريره بفضل المادة 3/49 ودون مصادقة برلمانية، اعترف هولاند أن هذا القانون "كان ضروريا وأدرج أصلا فى برنامجى الانتخابى"، لكنه فى نفس الوقت عبر عن "ندمه إزاء الطريقة التى استخدمها من أجل المصادقة على هذا القانون".
وأردف:" أريد أن أؤكد من جديد أن إصلاح قانون العمل كان مبررا. هدفه إنعاش المفاوضات داخل الشركات والمؤسسات الاقتصادية، إضافة إلى أنه كان يتضمن مكاسب اجتماعية جديدة للعمال، معترفا فى نفس الوقت بـ"أن هذا القانون لم ينل القسط الكافى من المحادثات والمشاورات بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين وذلك بسب الوضع الأمنى الذى كانت تعيش فيه فرنسا والذى كان تميزه الاعتداءات الإرهابية".
وفى كتابه، انتقد أيضا فرانسوا هولاند النواب الاشتراكيين الذين تمردوا على سياسته وقللوا من مصداقيتها ومن نتائجها. "النواب المتمردون فى الحزب الاشتراكى قللوا منذ بداية عهدتى الرئاسية من مصداقية السياسة التى كنت أتبعها ومن أهميتها. كانوا مقتنعين أن مرشحا آخر هو الذى سيفوز فى مكاني، الأمر الذى فسح المجال أمام إيمانويل ماكرون للفوز بالانتخابات". وأضاف هولاند فى هذا الخصوص: "لقد قطعوا الغصن الذى كنت أجلس عليه، لكنهم نسوا أنهم هم أيضا كانوا يجلسون على نفس الغصن. وحصول بنوا هامون على 6 بالمائة من الأصوات هو دليل على أن المتمردين لم يكونوا على صواب".
ووجه فرانسوا هولاند انتقادات غير مباشرة للرئيس الحالى إيمانويل ماكرون واتهمه بتسيير "شؤون فرنسا كأنه يسير شركة اقتصادية". فيما انتقد الطريقة التى يريد بها ماكرون تمرير قانون العمل وإصلاح قطاع سكك الحديدية "عندما نغلب لغة الحوار والتشاور نتوصل دائما إلى نتائج، لكن عندما نستخدم القوة، يمكن أن نفوز، لكن فى نفس الوقت، نفقد المصداقية والشرعية"، مضيفا أن "انتخاب ماكرون رئيسا للبلاد كان ناتجا عن لعبة قدر وعن ضعف القوى السياسية الأخرى وهو اعترف شخصيا بذلك".
دوليا، رفع فرانسوا هولاند النقاب عن العلاقات التى كانت تربطه ببعض الرؤساء الغربيين على غرار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والأمريكى باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
فيما يخص الرئيس الروسي، أقر هولاند فى كتابه بأن "فلاديمير بوتين لا يفهم سوى لغة القوة" وأنه "يعتقد بأن أوروبا ضعيفة وبالتالى يجب الثأر منها"، وكتب فى هذا الشأن: "على ضوء المحادثات التى أجريتها مع الرئيس بوتين، استخلصت أنه لا يفهم سوى لغة القوة. إنه رجل مملوء بالعضلات والأسرار. فبإمكانه أن يكون تارة لطيفا ومنتبها لما حوله، وعنيدا وباردا إزاء من يحاوره تارة أخرى. يستخدم عيونه الزرقاء مرة ليغويك ويجذبك ومرة أخرى ليقلقك ويخيفك".
وعن باراك أوباما، اعترف فرانسوا هولاند أن الرئيس الأمريكى السابق "يملك كاريزما وسحرا كبيرين" منوها بـ"الحفاوة التى يظهر بها أمام المواطنين الأمريكيين والعالم، ويستخدمها لأغراض إعلامية تنتهى عند أبواب اللقاءات الثنائية.. أوباما لا يحب كثيرا التعبير عن مشاعره الخاصة أو أن يبوح بأسراره، كما أنه لا يأكل كثيرا حفاظا على أناقته وقوامه".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة