مع ارتفاع نسب الطلاق وتزايدها بشكل ملحوظ فى الفترة الأخيرة نتج عن ذلك الكثير من المشاكل الناتجة عن هذه الزيادة الملحوظة فى الطلاق، وأهمها وأكثرها شيوعا هى النزاعات الخاصة بالنفقة والتمكين من مسكن الزوجية والرؤية وغيرها من النزاعات التى تعج بها ساحات المحاكم والخاسر الأكبر فيها هم الأطفال.
ولعل أهم هذه النزاعات هى تلك النزاعات الخاصة بالنفقة الخاصة بالصغار فى حالة ما إذا كان هناك طلاق قد تم وامتنع الزوج عن الانفاق على أولاده أو حتى إذا كانت العلاقة الزوجية قائمة ولكن الزوج ترك زوجته وأولاده دون أن ينفق عليهم، وهو الأمر الذى لا تجد معه والدة هؤلاء الصغار من طريق إلا أن تلجأ إلى ساحات المحاكم لإجبار والد الصغار عن الانفاق على أولاده.
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية تهم ملايين الأسر المتعلقة بتلك النزاعات الخاصة بالنفقة الخاصة بالصغار من حيث الإلزام القانونى لإلزام الوالد بالإنفاق على صغاره، وآلية تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقات، وللوقوف على المشكلة وأسبابها، فإننا نستعرضها على النحو التالى – للخبير القانونى والمحامى المتخصص فى الشأن الأسرى هشام الكودى.
أولا: الأساس القانوني لإلزام الوالد بالإنفاق على صغاره
تنص المادة 18 مكرر ثانيا من المرسوم بقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه: "إذا لم يكن للصغير مال فنفقته على أبيه وتستمر نفقة الأولاد على أبيهم إلى أن تتزوج البنت أو تكسب ما يكفى نفقتها وإلى أن يتم الابن الخامسة عشر من عمره قادرا على الكسب المناسب فإن اتمها عاجزا عن الكسب لأفة بدنية أو عقلية أو بسبب طلب العلم الملائم لأمثاله ولاستعداده أو بسبب عدم تيسر هذا الكسب استمرت نفقته على أبيه، ويلتزم الأب بنفقة أولاده وتوفير المسكن لهم بقدر يساره بما يكفل لأولاده العيش فى المستوى اللائق بأمثالهم، وتستحق نفقة الأولاد على أبيهم من تاريخ امتناعه عن الانفاق عليهم".
فالأصل في نفقة الأولاد على أبيهم لا يشاطره فيها أحد وهى تجب لسد حاجتهم، ولذا تقدر بقدر كفايتهم ومن أدلتها قوله تعالي "وعلى المولود له رزقهن بالمعروف وكسوتهن بالمعروف" من الآية 223 من سورة البقرة، وقوله صل الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول" وأن نفقة الابن تجب فى ماله فإذا كان ذا مال فلا يلتزم الأب بنفقته، فإذا أنفق رغم ذلك اعتبر متبرعا ليس له الرجوع بما أنفق الالتزام سببه الجزئية، لأن الولد جزء من ابيه – الكلام لـ"الكودى".
والأصل الشرعي أن نفقة الصغير حين تطلق فإنها تشمل المأكل دون المسكن، وذلك لأن الصغير إما أنه يقيم صحبة أبويه أو صحبة حاضنته أو صحبة أبيه فهو لا يكون في حاجة إلى تقرير أجر لسكناه إلا في حالة أن يكون مستقلا في الإقامة عن أمه أو أبيه بعد بلوغه سن زوال الولاية عن نفسه ولفظ نفقة الصغير يختلف فى مضمونه عن لفظ نفقة الزوجية، فلفظ نفقة الصغير يشمل كما قدمنا سوى المأكل والملبس فقط.
النفقة الشاملة
وعلى ذلك يمكن القول إنه إذا طلبت المدعية في الدعوي القضاء للصغير بنفقة، وسكتت أي دون بيان آخر أو فرض نفقة بنوعيها انصرف المعني إلى المأكل والملبس دون سواهما أما إذا كان الطلب فرض نفقة شاملة شمل المعني كله المأكل والملبس والمسكن ويدخل في عموم نفقة الصغير بمعناها الواسع المصروفات المستحقة كأجر الطبيب والعلاج، وكذا أجر الخادم إن كان الاب ممن يخدم أولاده ولو كان قد فرض أيضا كما يذهب الفقه أجر خادم للزوجة أو الحاضنة ويشترط لوجوب نفقة الفرع على الأصل ثلاثة شروط يتعين توافرها وهي:
1 –أن يكون الابن فقيرا لا مال له فإذا كانت له بعض الأموال إلا أنها لا تكفى نفقته التزم بها الأب بتكملة الباقى منها.
2-أن يكون الابن عاجزا عن الكسب لصغر أو انوثة أو عاهة.
3-أن يكون الأب غنيا أو قادرا على الكسب.
والاصل أن الابن يفترض فيه الفقر وليس بذي مال وعلي الأب إذا ادعي خلاف هذا الأصل أي أن للابن أموال خاصة أن يثبت ما يدعيه، كما أن المشرع بمقتضي القانون رقم 100 لسنة 1985 اعتبر صغر السن والانوثة والعاهة والانخراط في التعليم عجزا حكميا عن الكسب أما إذا كان الصغير قد بلغ سن المخاصمة القضائية "الخامسة عشر"، فلا يجوز لصاحب اليد عليه المطالبة بنفقته إذ يقتصر الحق في ذلك علي الصغير ذاته، فإذا اقيمت الدعوي من ذي اليد في هذه الحالة قضي بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة – وفقا لـ"الكردى".
نفقة الزوجة
كما تجب للزوجة نفقة بمقتضى نص المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 المستبدلة بالمادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1985: "تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليها ولو حكماً حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين"، وتجب للمعتدة كافة أنواع النفقة التي تجب للزوجة فيجب لها الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وبدل الفرش والغطاء وأجر الخدم ومؤنه.
وبالإضافة إلى ذلك نجد أن القانون قد أطلق لفظ النفقة، وبالتالي فإن النفقة تشمل اية مصروفات ضرورية تحتاجها الزوجة أو الصغار لمواجهة أعباء معيشتهم فيدخل ضمن مضمون النفقة المصروفات المدرسية ومصاريف العلاج والكسوة وبدل الفرش والغطاء ومصاريف العلاج والعمليات الجراحية وما الي ذلك مما يعد ضروريا لسد الحاجة.
ثانيا: آلية تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقات
أ-تنص المادة الـ(15) تنشأ بكل محكمة أسرة إدارة خاصة لتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها أو من دوائرها الاستئنافية، تزود بعدد كاف من محضرى التنفيذ المؤهلين المدربين الذين يصدر بتحديدهم قرار من رئيس المحكمة.
ب- ويتولى الإشراف على هذه الإدارة قاض للتنفيذ تختاره الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية من بين قضاة محكمة الأسرة في دائرة تلك المحكمة.
ج- وبموجب هذه المادة أنشأ المشرع بمقتضى المادة (15) من قانون محكمة الأسرة رقم 10 لسنة 2004 بمقر كل محكمة من محاكم الأسرة إدارة خاصة لتنفيذ الأحكام الصادرة من هذه المحكمة ومن دائرتها الاستئنافية.
إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة الأسرة
هذا وقد زود المشرع إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة الأسرة بعدد كاف للقيام بالعمل من محضري التنفيذ المدربين الذين يصدر بتحديدهم قرار من رئيس المحكمة كما جعل الإشراف على هذه الإدارة لقاض تنفيذ من بين قضاة محكمة الأسرة تختاره الجمعية العمومية للمحكمة.
وبالإضافة الي إدارة التنفيذ التي تتبع المحكمة فقد أنشأ المشرع لضمان تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير نفقة للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الأقارب صندوق باسم صندوق نظام تأمين الأسرة فقد نص في المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2004 على إنشاء صندوق باسم صندوق نظام تأمين الأسرة يكون مقره مدينة القاهرة وله شخصية اعتبارية عامة يتبع بنك ناصر الاجتماعي، ويتولى إدارية مجلس إدارة يصدر بتشكيله ونظام العمل فيه قرار من وزير التأمينات والشئون الاجتماعية، وله موازنته الخاصة به.
أنشأ المشرع لأول مرة نظام تأمين الأسرة بالقانون رقم 1 لسنة 2000 (م 71) بفرض ضمان تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير نفقة للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الأقارب – وقد أناط المشرع الإشراف على تنفيذ نظام تأمين الأسرة إلى بنك ناصر الاجتماعي – كما أناط بوزير العدل – بعد موافقة وزير التأمينات – وضع قواعد نظام تأمين الأسرة وإجراءاته وطرق تمويله.
علاقة بنك ناصر بالإشراف على النفقات والأجور وتنظيمها
هذا ويتولى بنك ناصر باعتباره المنوط به الأشراف على صندوق نظام تأمين الأسرة أداء النفقات والأجور وما في حكمها مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين "الأقارب"، واستوفى بنك ناصر ما قام بأدائه من نفقات وأجور وما في حكمها وجميع ما تكبده من مصاريف فعلية أنفقها بسبب امتناع المحكوم عليه عن أدائها ويتبع في ذلك الأحكام والقواعد الآتية:
أولاً : إذا كان المحكوم عليه من العاملين بإحدى الوزارات أو المصالح الحكومية أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو وحدات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو جهات القطاع الخاص أو من مستحقي المعاش من الهيئة القومية للتأمين والمعاشات للقوات المسلحة والنقابات المهنية وغيرها من جهات أخرى يتم تحصيل ما قام البنك بأدائه من نفقات وأجور وما في حكمها بطلب يقوم إلى جهة عمل المحكوم عليه مشفوعاً بصورة طبق الأصل من الصورة التنفيذية للحكم وما يفيد تمام إعلانه وتقوم هذه الجهات بخصم ما يحكم به من راتب المحكوم عليه في الحدود التي بينتها المادة "76" من القانون رقم "1" لسنة 2000 وإيداعه خزينة البنك فور وصول الطلب إليها ودون حاجة إلى أي إجراء آخر .
ثانيا: إذا كان المحكوم عليه من الجهات المعنية العاملين أو المحالين متهم إلى المعاش يتم تحصيل المبالغ المحكوم بها بخصمها من مستحقات المحكوم عليه بمجرد إخطار إدارة القضاء المختصة بصورة طبق الأصل من الصورة التنفيذية المعلنة للحكم مختومة بخاتم فرع بنك ناصر المختص.
ثالثا: إذا كان المحكوم عليه من المصريين أو الأجانب المقيمين خارج مصر بصورة طبق الأصل من الصورة التنفيذية المعلنة للحكم مختومة بخاتم فرع بنك ناصر الاجتماعي المختص لاتخاذ إجراءات التنفيذ بالطرق الدبلوماسية أو القنصلية بحسب الأحوال.
رابعا: إذا كان المحكوم عليه من غير ذوي المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها على النحو المبين سابقاً فإنه يجب عليه أن يودع المبلغ المحكوم به خزينة بنك ناصر الاجتماعي أو أحد فروعه أو وحدة الشئون الاجتماعية الذي يقع محل إقامته في دائرة أي منها خلال الأسبوع الأول من كل شهر متى ثبت عليه البنك بالوفاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة