لا يمكن أن نتصور أن طبيبا يمارس الطب والعلاج دون دراسة وتأهيل، وكذلك كل المهن الفنية، التى تحتاج إلى قواعد عملية منظمة فى تعلمها وممارستها، إلا أن المراكز التعليمية، التى انتشرت مؤخرا لتعليم اللغات دون ترخيص، أو اختبار للقائمين عليها، ومدى إتقانهم لما يقدمون، أو اختبار جودة محتوى هذه المراكز، أمر فى غاية الخطورة، فالبعض يتصور أن كل دارس لتخصص معين يصلح أن يكون معلما فيه، أو مهيأ لتدريب وتعليم الآخرين.
شوارع الدقى امتلأت على آخرها بمراكز تعليم اللغات غير المرخصة، أو التى تحمل تراخيص وهمية، تارة يقولون من وزارة الاتصالات، وأخرى يدًعون أن الترخيص من جامعة الدول العربية، والحقيقة أن 90% لم يحصل على تراخيص حتى من الحى، بل وتعامل فى المرافق والخدمات باعتبارها شقق سكنية، لا تقدم نشاطا تجاريا، وإذا أردنا التعرف على هذه المراكز يمكننا أن نتجول فى شوارع الأنصار والحسين ومصدق فى حى الدقى، حتى نكتشف الأعداد الكبيرة التى باتت تستغل طلبة الجامعات أو الراغبين فى التقدم لوظائف تشترط مهارات معينة فى اللغات لاصطيادهم، وتقديم أردأ خدمة تعليمية، يمكن أن يحصلوا عليها، فالأمر خرج عن نطاق التعليم والجودة والخبرة إلى التجارة.
فى بعض الأحيان، قد تجد أن مالك المركز التعليمى لا يحمل شهادة، أو تاجر فاكهة أو حاصل على دبلوم تجارة أو صناعة – مع كل الاحترام لهذه الفئة – إلا أن هناك مواصفات اتفق عليها القانون ونظمتها اللوائح لشخصية المعلم، ومقوماته، وكذلك المؤسسات التعليمية، التى يجب أن تكون على قدر عال من الجودة، فلا يمكن أن نقدم تعليما منقوصا أو بنصف جودة.
يجب أن تتحرك محافظة الجيزة ومعها وزارة التعليم العالى لمداهمة وغلق مراكز تعليم اللغات غير المرخصة، التى تحولت إلى مشروعات تجارية ضخمة، تقدم تعليما مشوها لا يليق بتاريخ مصر، التى علمت العالم منذ آلاف السنين، والأمر كله متوقف على تحرك صارم من المحليات، خاصة بعدما تم اعتماد حركة جديدة للمحافظين، وتعيين أكثر من 23 نائبا، نعول عليهم كثيرا فى ضبط إيقاع العمل داخل منظومة المحليات، التى تعانى من أمراض مزمنة، تحتاج إلى عقول شابة وقدرات أكثر حركة وتحرر، حتى تتمكن من المواجهة والتعامل بصرامة، خاصة إن كان الأمر يتعلق بالتعليم كقضية أمن قومى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة