كنت مع صديقتى العزيزة مى محى نمارس هوايتنا المفضلة (تناول الإفطار فى الخارج) وإذ بها تنظر إلى زوجين يجلسان لجوارنا بنظرات حسرة وسرحان.. وحين سألتها اخبرتنى: أنه أخ صديقة لها وزوجته.. وكم كان مجنوناً بها (زوجته) وينتظر يوم يجمعهما الله فى بيت واحد.. وكيف أن قصة حبهما كانت مضرباً للأمثال.. ثم قالت أنظرى إليهما الآن.. استرقت النظر لأجد رجلاً غارقاً فى شاشته يعتريه الملل والتأفف أما الزوجة (وكلاهما فى نصف العشرينات) تقلب فى شاشتها هى الأخرى وكلٌ منهما لا يشعر بوجود الآخر.. تنهدت صديقتى متسألة: ما الذى يفعله الزواج بنا؟
وهنا طرحت عليها نظرتى للأمور.. فكل منهما تزوج الآخر.. الآخر الذى يرسمه فى خياله.. والذى إن لم يتماشى مع الواقع.. فلا بأس إذ أنه سيعمل على أكبر كارثة تبنى عليها زيجات كثيرة (ولا تحدث ولن تحدث) وتكسر على جدرانها قلوب ويشرد أطفال.
(ابقى شكلها على إيدك.. ابقى غيريه بعد الجواز).
نرتبط بهم سعياً لتغييرهم.. نرتبط بهم لنجعل منهم إما نسخاً منا أو أشخاصاً على أهوائنا.. نسعى لتحويلهم لمسوخ.. نقتل حلماً جميلاً كان لنا معهم لنحوله لكابوس مع اشخاص لم يعودوا هم.
- هاخليه يبطل سجاير.
- هاحجبها.
- هاخليها تروح الجيم.
- هيبعد عن صحابه بعد الجواز
- هيبطل عصبى
- هتبطل غيرة لما نكون فى بيت واحد
- هيبطل غيرة لما نكون فى بيت واحد
- هاخليها تسيب الشغل.
- هيبقى بيتوتى زيى ويقعد معايا فى البيت.
- هيبطل سهر وقهوة.
- هتبطل رغى مع صاحبتها.
- هتبطل نكدية.
- هيبطل عصبية.
عزيزتى:
- بيشرب سجاير من وراكى ( وأى حاجة تانية أنت منعتيه منها.. ولم تتركى له حق الاختيار الشخصى.. (فهذه الأشياء يجب أن تكون بقرارٍ فردى وليس عليك إلا الدعم والمساعدة.. لا اتخاذ القرار).
عزيزى:
- إن لم تكن تزيل حجابها فى عدم وجودك.. فهى تتمنى أن تخلعه كل يوم.. فهو لم يكن قرارها.. وأنت حين أحببتها واخترتها كانت خصلات شعرها تتمايل وتتلون تحت أشعة الشمس.. (فهذه الأشياء يجب أن تكون بقرارٍ فردى وليس عليك إلا الدعم والمساعدة.. لا اتخاذ القرار).
وقيسوا على هذه الأمثلة كل ما تلى وكل ما يخطر لكم على بال..
أين الخطأ.. فى أى مرحلة يبدأ ميكانزم الحب بالانطفاء والتحول لرفض وآلم وهروب.
يبدأ منذ اللحظة الأولى.. حين تريه ماسكا سجائره وتضعى هدفاً أن تهتمى بصحته.. وأن تجعليه يتوقف عن هذه العادة السيئة (لو بيحبنى هيبطل) متناسية أنه (لو أنت بتحبيه هتقبليه زى ما هو).
لا أدعم التدخين لكنه من أكثر الأمثلة الشائعة فى العلاقات.
سبب فشل العلاقات العاطفية التى تؤدى لبيوت تتهدم وأطفالٍ تتشرد ونفسيات تتحطم هو:
عدم القبول..
وليس المقصود الرضا بين الطرفين.. بل أن نقبل الطرف الآخر (على عبله) ألا نضع خططاً مستقبليه لتغييره وتشويه هويته وشكله وطريقة تفكيره ليتعايش معنا ومع خيالنا وطموحاتنا عن شريك حياتنا.
نحن لا نملك من نحب.. هم لا يدينون لنا بشىء مقابل مشاعرنا.. حبنا لهم هذا شىء نحاسب عليه أنفسنا.. لا نحملهم فواتير أحاسيسنا.
علشان بيحبنى هيتغير.
علشان بتحبنى هتتغير.
لماذا؟؟؟!!!!
الحل: إن لم تحبنى كما أنا وتقبلنى كما أنا.. وتستطيع التعايش مع اختلافاتي عنك.. وتتقبلها بعقلك وقلبك (لا تمثيلاً ولا مهاودةً) فلا تخطو خطوة أخرى تجاه مستقبلٍ لنا معاً.
الحل: فليتقبل أحدكم الآخر دوووووون شروووووط.. فكلٍ منكم كائنٌ منفصل.. عاش حياة مختلفة.. تجارب مختلفة.. طريقة تفكيرٍ مختلفة.. وله دربٌ يسلكه فى الحياة.. أن أحبك لا يعنى أن أفنى روحى بك.. أن أحبك لا يعنى أن أرضخ لتغيير كل ما يميزني كفرد.. أن أحبك لا يعنى أن تمنع عنى أنفاس الهواء.
أعزائي: لا تسعوا وراء أشخاص يشعلون مشاعركم بالألعاب النارية (مع أنها حلوة).. بل اسعوا لأشخاص تقبلوهم كما هم. تتنفسوا هوائهم دون الشعور بثقلٍ أو انقباض أو مرض.. دون أن تكون أعصابكم تنهار لمجرد وجودهم فى المكان.
فيا صديقتى العزيزة: جواب سؤالك عند السيدة أم كلثوم:
العيب فيكوا يا فى حبايبكوا.. أما الحب يا روحى عليه.
العبل: فى قاموس المعجم الوسيط، اللغة العربية المعاصرة، الرائد، لسان العرب، القاموس المحيط. يقال: جاءَ بعَبَله: غير مَعْنِى بِهِنْدَامِهِ ونظافتِه، وأصْلُهُ من الشَّجر يكون عليه ورقُهُ لا يُشَذَّبُ ولا يُهَذَّبُ.
آخر الكلام
لن تجد الهدوء أبداً.. إذا كان مصدر الضجيج أعماقك.
مارك توين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة