قال ترامب ولم يضحك العالم، رغم أن الكلام كوميدى، ورغم أن الشخصية أكثر من كوميدية، ورغم أن الأمر قد ينتهى تماما لو تعاملنا مع هذه الشخصية باعتبارها فقرة ترفيه ساخنة بعد يوم شاق، لكن للأسف، يتناول الناس الأمر بجدية بالغة، أشك فى أنها تسعد ترامب.
قال ترامب: إن أمريكا ستنسحب من سوريا، لكن انسحابها لن يكون سريعا، وليته صمت، واستطرد: ولن يكون بطيئا، قال ترامب ولم يوضح معدل السرعة أو معدل البطء، قال هذا والسلام، لم يبلغنا ترامب بالحد الأقصى ولا الحد الأدنى، تركنا هكذا، نخمن نحن ونحسب نحن ونخطئ نحن، أما هو فلا قال ولا صمت، وقد تحسب كلاما كلاما، وقد تحسبه صمتا، أنت ونيتك، أما هو فخارج حدود العقل.
قلبى يحدثنى أن ترامب غاضب جدا من الناس جميعا، الرجل لا يجد ما يشجعه، لا يلحظ من الجمهور تجاوبا، ليس هكذا يا بشر يكون التعامل مع من يحترق من أجلكم، الرجل يبذل أقصى ما فى وسعه، يصل الليل بالنهار ويصل النهار بالليل ويصل الأبيض بالأسود والأسود بالبرتقالى من أجل خاطركم، يجتهد بما يعجز الآخرون عن مجاراته، يفكر ويفكر ويفكر، يكتب ما يقوله، يحفظه عن ظهر قلب، يؤديه أمام المرآة، يتخيل نفسه واقفا أمامكم ملقيا نكتته، الصارخة، ثم لا تضحكون، أليس هذا نكرانا للمجهود؟ أليس هذا هدرا للتعب؟
أقاوم ظنى بأن ما يحدث يحدث فعلا، وأن هذا الرجل يحكم العالم حقا، فهذا الذى يشبه إلى حد بعيد «شريف منير» فى إحدى مسرحياته حينما وقف متقمصا دور أنثى لعوب قائلا: أمال لأه.. أمال طبعا، فلا أنت تفهم «اللأة» ولا أنت تدرك الـ«طبعا»، غير أن حظ شريف منير كان أوفر كثيرا من حظ هذا المسكين «ترامب» فضحك الجميع على «إفيه منير» وتندر الجميع على تلك الشخصية، وشباب الفيسبوك صنعوا من هذا الموقف كادرات كوميكس، وظل فى الأذهان سنوات وسنوات، بينما «يا حرام» تناقلت وكالات الأنباء تصريحات «ترامب» ولم تحفل بها سوى القنوات الإخبارية والمواقع الجادة، وأنا بالطبع لن أصدق هذه الجدية المبالغ فيها، فسهل على أن أتخيل وجود شخصية واحدة تغرق فى العبث، والصعب كله أن أتخيل أن الفيروس انتشر فى العالم كله إلى هذا الحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة