يستاهل البيان رقم «31» الصادر من القيادة العامة للقوات المسلحة وقفة إجلال وإكبار، وقفة أمام التضحيات الجسام التى تقدمها القوات المسلحة والشرطة، تزف للمصريين استشهاد ضابط وستة جنود فى معركة الواجب.
يا لها من تضحيات عظيمة تدفعها قواتنا الأبية عن طيب خاطر بلامن ولا أذى، قربى إلى شعب الأكرمين، شهداء.. شهداء.. شهداء، عظم الشهادة فى تجليها على الأرض الطيبة، شجرة طيبة أصلها «جذرها» ثابت فى أرض مباركة وفرعها فى السماء.
سيكتب التاريخ سطورا مضيئة عن خير أجناد الأرض الذين ضحوا من أجل التراب المقدس منذ فجر التاريخ، وأجيال وراء أجيال كتبت على جباههم الشهادة، سيماهم فى وجوههك من أثر السجود على تراب الوطن، تطلعا لرب السموات والأرض أن يحفظ كنانته فى أرضه.
بيان الأعمال القتالية فى البيان «31» يشعرك بالدفء فى صقيع الشتاء، تخيل حجم هذه المعارك وتشعبها وتفرقها بطول وعرض البلاد، من أقصاها إلى أقصاها، معارك ضارية مع عدو غدار فى برد يقطم المسمار، فى صقيع شنيع، يالله، من أى جبل قد هذا الجيل من المقاتلين العظام، صبر وتضحية وفداء، إنهم يتنافسون على الشهادة، ويتمونوها فى بطن الجبل، جيل عظيم، يشعرك بالفخار، ولطالما فى مصر مثل هذا الجند فهى عصية بعون الله، وعناية الله جندى.
ونحن تحت البطاطين غافلون عن عظم التضحيات، كلما جن ليل بهيم، وعصفت الرياح، وبات الشتاء زمهريرا، أتذكرهم، لا أنساهم أبدا، وكيف أنسى من هم ساهرون على الحدود، كيف أنسى عبد الودود اللى رابص على الحدود، كيف أنسى.. وكل منهم مشروع شهيد، كيف أنسى شباب شهداء ولكنهم أحياء، كل منهم مشروع شهيد.
للأسف تاخدنا الدنيا لبعيد، نتلهى، ونضرب لبعض المواعيد، وهنا سهرة مع الشلة، وهناك جلسة نادٍ مكيف، وسحلب ومعسل، وتكا وكنتاكى، وحكايات الليل وآخره، وحساب على فيس، وتغريدة على تويتر، وصورة على إنستجرام.. فى لهوهم يعهمون، هم فى شغل، والرجال السمر الشداد رابضون على الحدود أو رابصون كما قال نجم وغنى الشيخ إمام.
أخشى من الخشية وأنا أقول قولا لينا علهم يسمعون، للأسف نحن عنهم غافلون، وهم قائمون على الحدود، عيون ساهرة، عين باتت تحرس فى سبيل الله، لا نتذكر تضحياتهم إلا فى المناسبات الحزينة، تشييع الشهداء أو تكريم أبناء الشهداء، وهم أحياء عند ربهم يرزقون .
لو تعلمون حجم التضحيات الجسام لقبّلتم الأرض من تحت أقدامهم، ولكن نجيب منين ناس لمعناة الكلام يتلونه، حزين ونحن ننتحر اختلافاً ونتمزق شيعا، وهم على قلب رجل واحد، ننهزم داخلياً وهم منتصرون، نتباكى على علاوات وبورصات ومزايدات، ونزايد على بعض، ونحترب كرويا، قبائل وشيع وأحزاب، وهم مرابطون على الحدود، لا يليههم بيع أو تجارة عن ذكر الوطن من بعد المولى فى علاه.
أخشى أننا صرنا لا نعتبر لتضحية الرجال، ولشهادة الغر الميامين، ولا تهزنا بطولاتهم كالأساطير، أسطورة «المنسى»، ليست لشخص، ولكن لجيش جرار من الأساطير، ولا نقف إجلالاً للموت، الموت مثل الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع، الحزن زى البرد.. زى الصداع، التفاهات صارت لها سعر فى السوق، والإعلانات الملونة تغرق الشاشات، ونجوم الشباك ليسوا الشهداء، حزين، أخشى الشهداء صاروا غرباء فى وطنهم، طوبى للغرباء فى أوطانهم.
صلِ لربك.. وتذكر، من يقف فى خدمة فى نقطة نائية على الحدود فى اتجاه «جعبوب»، تعرف فين جعبوب، راجع الخريطة علك تفقه أين يقف الجنود، وقبل أن تشتكى من ضيق رزق وتتباكى، تمعن فيمن يكتفى بلقيمات يقمن صلبه وهو قائم يحرس فى سبيل الله، تذكروا جميعاً أن هناك شهداء أحياء من بين الصلب والترائب، طوبى للشهداء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة