محمد عبدالرحمن زغلول

الحب أغلى من الـ100 جنيه يا شيخ

الثلاثاء، 22 يناير 2019 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنا صغارا، نخطو أولى خطوات الحياة، نتأمل الدنيا، لا نعرف كيف نطلب من الأشياء أن تعبر عن احتياجاتنا، كانت تملؤنا المشاعر تملكنا الأحاسيس ولا نعرف التعبير عنها، تعلمنا حينها أن الحب أسمى ما فى الوجود، وعرفنا أن المشاعر لا تقدر بثمن، وأن التعبير عن المكنونات الذاتية موهبة يمنحها الله لمن يشاء، وأن ما تحمله القلوب يستحيل شراؤه بالمال، لكننا كبرنا ورأينا الأمر أكثر بساطة، وأقل وطأة مما تعلمنا، واكتشفنا فجأة أن المشاعر يمكن التعبير عنها بـ"100 جنيه"!.
 
نعم مشاعر الإنسان وعواطفه اختزلها الشيخ مبروك عطية، فى تعليقه على الواقعة التى حدثت قبل أيام لشاب يجثو على ركبتيه ثم يحتضن حبيبته، قائلا: "كان يجب على الطالب أن يقف عزيزا وفى يده وردة وفى جيبه 100 جنيه لتشترى حبيبته كتابها".
 
وليت الرجل اكتفى بهذه الكلمات، لكنه قال عن صاحب الواقعة أيضا "جثو الشاب على ركبتيه يعنى أنه جاهل ولم يعلمه أحد، لأن هذا الوضع منتهى الذل وانتظار العذاب، كما صورته سورة الجاثية فى القرآن الكريم عن مشاهد يوم القيامة"، هكذا وبمنتهى السطحية فى الحكم، خرج علينا الرجل ليلخص نظرة رجال الدين للحياة، وكيف ذهب بمشهد شاب يعبر بصدق عن عواطفه من كونها مشهدا رومانسيا لطيفا، نتفق أو نختلف على مكانه، إلى مشهد من مشاهد يوم القيامة، ويبقى السؤال، لماذا حين نحب الحياة ونستطيع التعبير عن مشاعرنا يأتون بذكر القيامة، وكأننا غارقين فى الخطيئة؟ 
 
هكذا امتلأت الدنيا ضجيجا، بعد تداول فيديو لشاب داخل جامعة المنصورة يجثو على ركبتيه ليطلب يد حبيبته الطالبة بالأزهر، قبل أن يحتضنها معبرًا عن حبه أمام الجميع، وبينما تألمت من فكرة تصوير مقاطع لأشخاص وتداولها بمبدأ الوصاية، وجدتها تعبر عن حالة "حب"، وتجسد مشاعر إنسانية رائعة.
 
نظرة جامعة الأزهر كمؤسسة للواقعة لم يختلف كثيرا عن وضع الدكتور مبروك عطية المدرس بالجامعة، فالأخيرة لم تتوان عن تحويل الطالبة لمجلس تأديب وقرروا بمنتهى البساطة فصلها نهائيا وضياع مستقبل فتاة فى مقتبل العمر، قبل أن يتدخل شيخ الأزهر فى محاولة لتصحيح الوضع.
 
الجامعة بررت فصل الطالبة بأنه خروج كامل على القيم الأزهرية والمجتمعية، وعندما قرأت هذه الكلمات ظللت أسال نفسى، أى قيم تلك التى تحاكم الناس على مشاعرهم!، وما القيم الجامعية التى يحاكم عليها خارج أسوار الجامعة!، وما التقاليد التى تقف ضد أبسط مشاعر الحياة، وإذا كان التعبير عن المشاعر يقابله هذه القرارات العنيفة، فكيف تكون مواجهة من يتبنون أفكار ظلامية أو يتورطون فى الجماعات الإرهابية؟
 
الوضع نفسه ذكرنى بما حدث مع الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بالجامعة، بعد أن عبر عن تأييده لقرار المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة، الذى أقرته الحكومة التونسية رسميا، فتنقلب الجامعة ضده، ويخرج المتحدث باسمها ليقول أن "الهلالى" لا يمثل سوى نفسه، قبل أن يتعرض لسيل من التوبيخ والتهديد من زملائه، وبدل من تبنى حوار العقل والرأى مقابل الرأى، اكتفى أساتذة الجامعة بممارسة الكهنوت على زميلهم وطلابهم.
 
ما أود قوله هو أن الفتاة وقعت فى الحب ولم تسقط فى الخطيئة، وعبرت عن مشاعرها بكل صدق أمام الجميع، ولم ترتكب شيئا خبيثا بعيدا عن الأعين، لكن الجامعة اهتزت لفعل الحب الجرىء، ولم تهتز لممارسة الوصايا والكهنوت التى يمارسه بعض منتسبيها على الطلاب علنا دون وجه حق.
 
الأمر يا سادة أكثر بساطة ربما ما حدث ليس صحيحا تماما، ولكنه ليس كارثيا كما حاول المسئولون تصوريه، فعواطف شابين مارسا الحياة بعفوية، وعبرا عن مشاعرهما بمنتهى الصدق، أفضل من تبنى أفكار داعش.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة