ارتباك ممتد، وغياب لرؤية واضحة.. بهذه العبارات يمكن إيجاز المشهد داخل المملكة المتحدة بشكل عام، وبريطانيا بشكل خاص، بعدما تعثرت خطة الخروج البريطانى من عضوية الاتحاد الأوروبى لتدفع رئيسة الوزراء تيريزا ماى أمام تصويت على سحب الثقة من حكومتها مرتين خلال أقل من 30 يوما.
الارتباك الذى تشهده دوائر السلطة والتشريع داخل لندن، انتقل بدوره إلى المواطنين وسط حالة من الغموض بشأن مستقبلهم بعد الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبى، وهو الأمر الذى يزداد تعقيدا لعدم الاتفاق بشأن الترتيبات النهائية لتفاصيل هذا الخروج مع الاتحاد، فى وقت تتزايد فيه الأصوات المطالبة بتنظيم استفتاء شعبى ثانى لإلغاء هذه الخطة.
وبخلاف الخوف على تراجع الوضع الاقتصادى فضلا عن فقدان امتيازات الاتحاد مثل تشنجن وغيرها، قالت صحيفة جارديان البريطانية فى تقرير لها، إن المواطنين بدءوا فى تخزين الأدوية خوفا من تداعيات بريكست، فى مؤشر على حالة القلق المتنامية لدى قطاع عريض من الشعب البريطانى.
وحث كبار الأطباء البريطانيون الحكومة، على الكشف عن مخزون الأدوية الوطنية، وسط أدلة متزايدة على أن المرضى يقومون بتخزين الأدوية استعدادا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، بحسب الصحيفة.
وحثت الكلية الملكية للأطباء (RCP)، التى تمثل عشرات الآلاف من الأطباء، الحكومة على أن تكون أكثر شفافية بشأن المخزونات الوطنية، لا سيما فيما يتعلق للأدوية الناقصة أو تلك تحتاج إلى التبريد، مثل الأنسولين.
فيما حذرت لجنة الخدمات الصيدلانية (PSNC)، من أن النقص فى الأدوية قد زاد فى الأشهر الأخيرة.
وعادة ما يتم شراء الأدوية بأسعار التعريفة المحددة وطنيا. ومع ذلك، يمكن للصيدليات التقدم بطلبات للحصول على امتيازات سعر تدفع بموجبها خدمة الصحة الوطنية أموال أكثر بشكل مؤقت عندما تكون الأدوية ناقصة. وارتفع عدد طلبات الامتيازا التى تقدمت بها لجنة الخدمات الصحية من 45 فى أكتوبر، إلى 72 فى نوفمبر و87 فى ديسمبر.
وبعد نجاة رئيسة الوزراء تيريزا ماى من تصويت سحب الثقة من حكومتها قبل أسبوع، تتزايد الدعوات لتنظيم استفتاء شعبى ثانى للاستطلاع رأى المواطنين فى الخروج من عدمه، بعد التراجع الواضح فى أعداد المؤيدين لمغادرة الاتحاد الأوروبى فى أوساط البريطانيين.
القلق الذى تثيره فوضى الخروج لم يقتصر على البريطانيين وحدهم لينتقل بدوره إلى الأيرلنديين الذين يشاركون بريطانيا المصير نفسه لانتمائهم للمملكة المتحدة، حيث بدأ المواطنون فى اللجوء إلى الذهب كوعاء ادخارى آمن بدلا من اليورو أو الاسترلينى.
وبحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، دفع الخوف من مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبى دون اتفاق الكثير من المستثمرين فى مقاطعة إيرلندا الشمالية إلى شراء الذهب بكميات كبيرة.
ونقلت الوكالة عن أحد مؤسسى شركة الوساطة "ميريون فولتس"، التى توفر صناديق تخزين لإيداع الذهب فى وسط العاصمة الإيرلندية دبلن، قوله "إن المستثمرين يخشون تراجعا كبيرا فى قيمة الجنيه الإسترلينى فى حال حدوث بريكست" بدون اتفاق.
وأشار إلى ارتفاع بنسبة 70% لزبائنه من مقاطعة إيرلندا الشمالية المجاورة حيث لا توجد أى خدمة مماثلة، وذلك فى العام 2018 مع تزايد الشعور باحتمال خروج من الاتحاد بدون اتفاق، مؤكدا أن "الزبائن يسحبون المال من البنوك ويشترون سبائك الذهب بوساطتنا لتخزينها".
وبعد استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى يونيو 2016، تراجعت قيمة الجنيه الإسترلينى إلى أدنى مستوى لها منذ 1985 مقابل الدولار فى حين بدأ ارتفاع سعر الذهب مع مكاسب تاريخية بلغت 22% من قيمة الذهب بما يعادله من العملة البريطانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة