أقيمت بالمجلس الأعلى للثقافة، ورشة عمل بعنوان "مسار العائلة المقدسة: تاريخ - عمارة وعمران - سياحة دينية"، نظمتها لجنة العمارة بالمجلس ومقررتها الدكتورة دليلة الكردانى، وذلك بالتعاون مع عدة لجان ثقافية أخرى بالمجلس الأعلى للثقافة، ومن بينها: لجنة التاريخ، لجنة الفنون الشعبية والتراث الثقافى غير المادى، ولجنة الآثار، ولجنة الموسيقى والأوبرا والباليه، وقد انقسمت الفاعلية لجلستين.
وقد رصد المتحدثون خلالهما عدة أوجه لتأثر التراث المصرى (المادى وغير المادى)؛ برحلة العائلة المقدسة إلى مصر، حيث جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان: "رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، تاريخ وألحان"، وتحدث خلالها كل من: الدكتور إسحاق إبراهيم عجبان، أستاذ علم التاريخ القبطى بمعهد الدراسات القبطية، والدكتورة زبيدة عطا، أستاذة تاريخ العصور الوسطى والعميدة السابقة لكلية الآداب جامعة حلوان، وعضوة لجنة التاريخ بالمجلس، والدكتور ماجد صموئيل، الأستاذ المساعد بقسم التأليف والنظريات بكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان.
أما الجلسة الثانية فحملت عنوان: "رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، فن، عمارة، عمران وسياحة"، تحدث فى بداية الجلسة الأولى الدكتور إسحاق إبراهيم، الذى تناول رحلة العائلة المقدسة فى ثقافات الأمم والشعوب، أكد أن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، تعد إحدى أهم الركائز الأساسية للحضارة القبطية؛ حيث أضفت إليها عمقاً واستمرارية لأن السيد المسيح بذاته جاء إلى أرضها وباركها، وتحطمت أوثان مصر خلال زيارته لها وبهذا بدأ التغيير العقائدى والفكرى من المعتقدات الوثنية إلى بزوغ الإيمان المسيحى بالله الواحد، وكأنه بيديه المباركتين يطهر أرض مصر من الوثنية، ويضع حجر الأساس للكنيسة المصرية. وأخذت أرض مصر مكانتها بأنها الأرض التى قدمت الملاذ والملجأ والحماية للسيد المسيح والعائلة المقدسة، وأشار إلى أن عراقة الحضارة القبطية التى تعود نشأتها إلى بزوغ فجر المسيحية، حيث أقيمت الكنائس والأديرة بامتداد مسار العائلة المقدسة فى أرض مصر، مما اعتبر من عوامل نشأة وتجمع واستقرار لمجتمعات بشرية وتجمعات عمرانية ارتبطت ببعض مواقع ومحطات هذه الرحلة المباركة، وما تبع ذلك من تأثيرات جغرافية وديموجرافية وحضارية.
ثم تحدثت الدكتورة زبيدة عطا، التى دارت كلمتها حول المجموعة الأثرية القبطية بمتحف الحضارة المصرية، مؤكدة أن هذا المتحف الذى تم تصميمه بتعاون مصرى يابانى، يُعد أحد الأماكن السياحية الشاملة لتاريخ مصر بشكل عام، وأوضحت أن الجزء الخاص بالعرض القبطى، ينفرد بوثائق وبرديات مهمة متبادلة بين الكنيسة والدولة إبان حقبة الحكم البيزننطى، حيث أشارت إلى أن تلك الحقبة حملت اسمها نسبة إلى الإمبراطورية البيزنطية، والتى حكمت مصر آنذاك، إلا أن جموع الشعب كانت قبطية بطبيعة الحال، ثم تابعت أستاذة تاريخ العصور الوسطى والعميدة السابقة لكلية الآداب بجامعة حلوان حول أهم الأيقونات القبطية التى يذخر بها متحف الحضارة المصرية، وهى التى تمثل نماذج تبرز دور الأم والمرأة بشكل عام، والذى استقاه الفن القبطى بدوره من عميق التأمل لدور السيدة مريم العذراء بوصفها أم السيد المسيح (عليهما السلام)، وأضافت أن الفن القبطى له سماته ومزاياه التى تشكل له شخصيته المتفردة، حيث أنها حين زارت الفيوم وشاهدت مجموعات لقطع أثرية هناك ضمن فن النحت باستخدام النحاس، كما أن لهذا الفن تطبيقاته البديعة الأخرى وما إلى غير ذلك، ويضاف إلى ذلك أن للفن القبطى رموز معينة تستخدم للدلالة عن معانى معينة، مثل رمز السمكة الذى يعتبر أحد أهم وأكثر الرموز المسيحية انتشارًا فى الشرق والغرب على السواء منذ عصر الكنيسة الأولى، كما أن لهذا الفن رموزه المتنوعة، التى لا يقل عددها عن 291 رمز مسيحى آخر، واختتمت الدكتورة زبيدة كلمتها بالحديث حول أوانى أبو مينا، التى تمثل أحد صور التبرك بالقديسين للشفاء والتداوى، شأن قنديل أم هاشم الذى يُعد أحد أشهر رموز التبرك مثلًا، وقد صنعت أوانى أبو مينا أو قارورات مارمينا على حدٍ سواء من الفخار وهى متعددة الأحجام وقد حُفر على أحد وجهى تلك الأوانى القديس مينا، ووجدت بمدينة أبومينا الأثرية الواقعة غرب الإسكندرية، والغرض منها هو حفظ الماء المباركة التى نبعت من عين بجانب القبر القديس مينا وذيع عنها أنها تشفى الكثير من المرضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة