تلقيت رسالة مهمة من الدكتورة ميرفت شيخ العرب الصديق، أستاذ التوليد وأمراض النساء بكلية الطب جامعة الإسكندرية، موجهة إلى السيد رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى، لتضعه فى صورة ما جرى من استحداث قوانين طبية دون دراسات حقلية معمقة، وبعيدا عن رؤية ثقات الأطباء الذين هم أدرى بشعاب مهنتهم، وتشخص ما آلت إليه القوانين فى إقلاق المجتمع الطبى المصرى على نحو يؤثر على تمام الخدمة الصحية فى مصر، ويورث الأطباء قلقا على قلق.
أضع الرسالة المهمة تحت نظر رئيس الوزراء، وكافة المسؤولين فى الحكومة كإضاءة كاشفة لما يعتمل فى الوسط الطبى من إحساس بالألم الذى يستبيحه البعض لإحداث غضبة نحن فى غنى عنها بالكلية.
تقول الدكتورة ميرفت شيخ العرب فى رسالتها إلى رئيس الوزراء:
«ترى هل يعلم السيد مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان، أنه أصبح المسؤول الأول عن التعليم والتدريب الطبى فى مصر؟!
وهل يعلم رؤساء الجامعات المنتمون إلى كليات مختلفة كالحقوق والآداب والهندسة أنهم مسؤولون عن تنظيم العمل فى المستشفيات الجامعية والتحكم فى كليات الطب؟!
هذا الـ«سمك- لبن- تمر هندى» هو ما أتت به القوانين الثلاثة التى رُزئنا بها على يد السيد أحمد عماد الدين راضى خلال استوزاره للصحة بين سبتمبر 2015 ويونيو 2018 تحت مسميات قانون التدريب الإلزامى للأطباء وقانون التجارب السريرية وقانون المستشفيات الجامعية الجديد، أما المضحك المبكى هو أننا مسؤولون عن إيجاد وسيلة لتطبيق هذا العبث!
وتفصيل ذلك العجب العجاب أن الوزير السابق قد دأب على إنشاء كيانات موازية للتدخل، فيما ليس من صلاحيات وزارته بدلا حل المشاكل المزمنة فيها وذرا للرماد فى العيون، فقد جعل تلك الكيانات إما تابعة لرئاسة مجلس الوزراء كهيئة التدريب الإلزامى للأطباء التى أوكل إليها تغيير نظام التعليم الطبى بمصر، أو للمجلس الأعلى للجامعات، كالمجلس المراد إنشاؤه لفرض الوصاية على المستشفيات الجامعية التى تمثل الأقسام الإكلينيكية بكليات الطب.
أزيدكم من الشعر بيتا، فقد استحدثت تلك الهيئة شهادة طبية جديدة- أسمتها البورد المصرى- يستوجب الحصول عليها خمسة أعوام، لتحل محل شهادة أخرى تسمى الزمالة المصرية، تم إنشاؤها عام 1998، رغم أن وزارة الصحة أصلا ليست جهة تعليم طبى ولا منح شهادات.
وبعد التسجيل لتلك الشهادة، أعادت السيدة وزيرة الصحة شهادة الزمالة مرة أخرى، ورفضت التواصل مع «أطباء البورد»، لأنهم لا علاقة لهم بوزارة الصحة، وإنما برئاسة مجلس الوزراء، لتضيف إلى الإحباط والغليان الذى يعانى منه أبناؤنا الأطباء الذين هم خيرة شباب مصر، والذين لا يجدون فعلا من يحنو عليهم.
ثلاثة أنفاق مظلمة أدخلتنا فيها تلك القوانين التى لم تترك حجرا على حجر فى نظام التعليم الطبى الراسخ والعريق فى مصر إلا ونقضته، تدمير ممنهج للطبيب المصرى علميا ومهنيا ونفسيا، واعتداء صارخ على الدستور وعلى استقلال الجامعات، ولكن أكثر ما يدهشنى هو كيف استطاع الوزير السابق إنجاز كل الهراء وتمريره فى أقل من ثلاث سنوات؟؟ أما ما يحزننى ويؤسفنى فعلا أن تجد تلك القوانين الجائرة من يروج لها، ويزعم أنها خطوة إلى الأمام، أما الرسالة الأخيرة التى أوجهها للجميع فهى قول الشاعر:
إن المناصب لا تدوم لأهلها.. إن كنت فى شكٍ فأين الأول؟
فاصنع من الفعل الجميل فضائلا.. فإذا عُزِلتَ فإنها لا تُعزلِ
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة