"الحقنى يا بابا.. الحقينى يا ماما، هذه الأصوات التى صدرت من أطفال حضانة الشابات المسلمات بمدينة أسيوط، كانت كفيلة أن تحرك الحجر قبل البشر".. بهذه الكلمات بدأ العميد حاتم الخشت مأمور قسم أول أسيوط حواره لـ”اليوم السابع” الذى ساهم ورجال الحماية المدنية وشباب المنطقة وبعض المشرفين بالحضانة فى إنقاذ أرواح قرابة 100 طفل من بينهم عدد كبير من الرضع فى حريق شب بحضانة جمعية الشابات المسلمات ونتج على إثرها إصابة 14 شخصا باختناقات نتيجة تصاعد النيران والأدخنة ونقلهم لمستشفى الشرطة وأسيوط الجامعى بينهم 5 أطفال ومن بينهم مأمور قسم.
كيف تلقيت البلاغ وما المسافة بين القسم ومكان البلاغ ؟
كنت بمكتبى وتلقيت بلاغا من النجدة بنشوب حريق بإحدى الحضانات التابعة لإحدى الجمعيات وهى "جمعية الشابات المسلمات" فسألت هل هناك أطفال بالمبنى فعرفت أنه بالفعل هناك أطفال معظمهم رضع فلم أتمالك أعصابى وأخذت قوة من قسم الشرطة وسيارة اطفاء موجودة بالقسم تابعة للدفاع المدنى وتوجهنا على الفور إلى مكان البلاغ والمسافة بينى وبين البلاغ نحو 6 كيلومترات وشديدة الزحام فكنت طوال الطريق أضغط على السرينة حتى يتم فتح الطريق بأقصى سرعة ودقائق وكنت أمام الحضانة فشاهدت تصاعد الأدخنة والسنة النيران فى الطابق الأول وكان الأمر بمثابة الصدمة.
كيف بدأتم فى التعامل مع الحريق حتى يتم إنقاذ الأطفال؟
لرجال الدفاع المدنى دور كبير فى السيطرة على الحريق ولكنى وعدد كبير من الشباب تحمس معى عندما وجدنى أحاول اقتحام الأدخنة والنيران فتشجعوا، وعندما بدأت أسمع أصوات الأطفال "الحقنى يابابا.. الحقينى ياماما" لم أتردد لحظة فكأن من ينادينى "محمد ابنى" فتعاملت على الفور واقتحمت الطابق الأول فوجدت أن النيران قد بدأت فى الخروج من المطبخ وهو مصدر النيران فذهبت للطابق الثانى على الفور فوجدت أطفالا صغارا منهارين من البكاء وأطفال رضع وبدأ البعض فى التوجه بالأطفال إلى سطح المبنى كونه أكثر أمانا.
كيف تصف لنا لحظة إخلاء الأطفال من الحريق ؟
لحظات إخلاء الأطفال كانت لحظات صعبة جدا فأصوات الأطفال والرضع والبكاء المستمر ورغبتك فى إنقاذ هذه الأرواح والدعاء المستمر هو ما كان يسيطر على وعلى زملائى والشباب الجميل والطلبة فكنت أصعد إلى الطابق الثانى وأحمل طفل وطفلين فى يدى ثم أنزل بهما إلى خارج الحضانة ثم أعود مرة أخرى إلى الطوابق العليا وهكذا قرابة الـ5 مرات حتى تمكنا بمساعدة قوات الحماية المدنية ورجال الإطفاء من السيطرة على الحريق وإنقاذ كل الأطفال الرضع والصغار من هذا الحريق الهائل الذى كاد أن يودى بحياتهم جميعا.
ما أصعب اللحظات التى واجهتك خلال إخلاء الأطفال؟
بدءا من رؤية المنظر العام للحريق مرورا بكل الوقت الذى قمنا فيه بإخلاء معظم الأطفال كانت كلها لحظات صعبة فالرؤية بسبب الأدخنة منعدمة لدرجة كنت أعتمد فى بعض اللحظات على كشاف الموبايل الذى بحوزتى لمحاولة الرؤية والبحث عن الأطفال كما أن رؤيته والنيران والأدخنة تحاصر المكان وأمامك أرواح وأطفال لا حول لهم ولا قوة كانت أيضا من اللحظات الصعبة على بشكل كبير ولكن من أصعب المشاهد على الإطلاق أننى بعد إخلاء عدد كبير من الأطفال الذين كنت أصل لهم من خلال البكاء ومن خلال أصواتهم لعد وجود رؤية وجدت صدفة وأنا أقوم بمراجعة الأسرة الموجودة فى الغرف طفل عمره 8 شهور لا يصدر صوتا وكان من الممكن أن ننساه وكان حينها سيلقى حتفه بسبب النيران والأدخنة ولكن الحمد لله أننى كنت أراجع الأسرة والغرف.
متى استشعرت التعب وأنك بدأت تستسلم له ؟
فى أثناء البحث عن الأطفال الرضع ومحاولة إنقاذهم لم أشعر بأى تعب إطلاقا وصعدت إلى الأدوار العليا أكثر من مرة وكان هناك أطفال فوق السطح لم أكن قلقا عليهم وبعد أن بدأت الأمور تتضح وأخرجنا كل الأطفال بمعاونة رجال الحماية المدنية، والشباب المحيط بالجمعية وفى لحظة من اللحظات بدأت أشعر بضيق تنفس شديد ودوار ولم أشعر بعدها إلا وأنا على سرير المستشفى بعد أن حاولت أن أقاوم الإغماء ولكن من الواضح اننى تشبعت كثيرا بالأدخنة بالإضافة إلى الإنهاك والتعب نتيجة الصعود والنزول بالطوابق العليا.
كيف ترى ما فعلته وهل تلقيت رسائل شكر من قيادات الوزارة وأولياء الأمور؟
لم أقم بشىء حتى أنتظر الشكر، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن أقوم بعمل يواجه بهذا القدر الكبير من الثناء من الناس والإعلام وقيادات الوزارة وأولياء الأمور، ولم أكن بمفردى فى هذا الفعل العظيم فرجال الحماية المدنية والشباب المحيط بالمكان الذى خاطر بروحه أيضا والبعض من المشرفين داخل الجمعية وتلقيت اتصالات كثيرة من زملاء وقيادات بالوزارة وزارنى اللواء جمال شكر مدير الأمن واللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط والقيادات الأمنية والتنفيذية وتلقيت اتصالات من أولياء أمور الأطفال لشكرى على هذا الموقف وأنصح وزارة التربية والتعليم والجهات المشرفة على روضات الأطفال باستيفاء كل اشتراطات الأمان ووجود طفايات حريق كافية وأن يخضع العاملون بالمدارس لدورات مكثفة فى الحماية المدنية لتفادى مثل هذه المواقف.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود ابوالوفا
بارك الله فيك
ربنا يجعله فى ميزان حسناتك وهكذا هم اخواننا بالشرطه