حسن مجدى

سنودن "نظرية المؤامرة واقع"

الجمعة، 28 سبتمبر 2018 10:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من الضجة العالمية التى أثارتها تسريبات إدوارد سنودن، عميل الاستخبارات الأمريكية السابق، والضجة الأكبر التى فجرها الفيلم السينمائي الذى تناول رحلته، واهتمام كبار الشخصيات العالمية المرموقة بحضوره مثل دميتري بيسكوف السكرتير الصحفى للرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى سينما موسكو، إلا أن الفيلم لم يحظى بنفس الاهتمام فى الوطن العربى، على الرغم من أنه يكشف بالتفصيل حقيقة ما حدث فى الوطن العربى، ويعرض بوضوح كيف استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية التكنولوجيا لإسقاط زعماء العالم الثالث ممن لم يسيروا على الخطة الموضوعة لهم.

 

لم يكن أخطر ما كشفه إدوارد سنودين خلال هذا الفيلم الذى أنتج فى 2016، ومتوفر بالطبع عبر الإنترنت، أنهم استخدموا التكنولوجيا للتجسس على الجميع بشكل غير قانونى، ومراقبة كل الرسائل الموجودة على الإنترنت حتى التى لم يرسلها أصحابها، وكيف حدث هذا مع الشعب الأمريكى بالمخالفة للدستور، وحتى مع شعوب الدول الصديقة وبالطبع مع باقى شعوب العالم، ولكن الأخطر أنه يكشف كيف سيطروا عبر طرق "قذرة" فى الـCIA، على البنية التحتية حتى لدول متقدمة مثل "اليابان"، وكيف توظف تلك السيطرة لإسقاط الدولة التى تريد أن تسقطها فى لحظة واحدة دون الحاجة للدخول فى حروب.

 

يحكى سنودين عن ما تعرضنا له فى مصر والمنطقة العربية بكل وضوح، فحكايته تداخل مع وضعنا الداخلى والإقليمى بصورة فى غاية الوضوح، وفى مشهد أيقونى تسأله المسئولة عن توثيق قصته عن السبب فى استكمال عمله فى الـCIA رغم اكتشافه سبلهم القذرة، فيخبرها أنه بعد انتخاب أوباما توقع أن تتغير الأمور ولكنه كان مخطئ والأمور ذهبت للأسوأ، وهذا بالطبع تحديدا ما حدث معنا، ويقول أننا أصبحنا نملك القدرة على التحكم فى الاتصالات وشبكات الإنترنت والمستشفيات وخطوط المترو والقطار، ومن ضمن الكثير من الأهداف التى يقومون بها عبر تلك السيطرة هو إسقاط زعماء العالم الثالث الذين لا يريدونهم.. ببساطة فى اللحظة التى لا يريدونهم فيها يسقطون.

 

سنودين الذي كان أحد عباقرة الـCIA يكشف أيضا خلال الفيلم حوار خاضه مع رئيسه في المؤسسة، ويقول له رئيسه بوضوح أنه لا يمكن أن يرسل للعراق شخص بقدراته، فالعراق بعد سنوات قليلة ستصبح مكان قذر لا يريده أحد، ولن يضحى به فى حرب من أجل "الرمال والنفط"، فالحرب القادمة لهم ستكون من الصين وإيران وروسيا عبر الإنترنت، الأمر بهذا الوضوح إذن.

 

سنودين ببساطة ورغم أننى لست من أبناء نظرية المؤامرة، ولكنه يكشف بوضوح ما نعيش فيه من حرب دائمة، حرب ربما تتخطى بكثير ما سمعنا عنه من مفهوم حروب الجيل الرابع، حرب كنا قد سقطنا فيها وكان المخطط أن لا نعود، واليوم بعدما عدنا ولو جزئيا علينا أن نخضع لكثير من المراجعات، ونرصد هل نعرف ونستعد للحرب القادمة عبر الإنترنت.

 

لا أطلب منكم هنا أن تعيشون فى نظرية مؤامرة مستمرة، فنظرية المؤامرة هى أبسط طريقة للتغاضي عن مشكلاتنا الداخلية وإحالة كافة أزماتنا إلى أننا نتعرض لمؤامرة، وهذا بالتأكيد ليس حقيقى فنحن مسئولون بقدر كبير عن الكثير من الأزمات التى نعيشها، ولكن أيضا معرفة حدود المعركة والمؤامرة التى تحاك ضدنا من الخارج لا يقل أهمية عن معرفة وإدراك الأزمات التى نتسبب فيها لأنفسنا إن كنا نريد التقدم، فالحديث بوضوح عن إمكانية التحكم فى المستشفيات وخطوط السكة الحديد والمترو وانقطاع الكهرباء وإمدادات الطاقة بالكامل والاتصالات يجعلنا نعيد حسابتنا، ويجعلنا لا نتعجب حينما نرى دولا ضخمة مثل الصين تنفق المليارات لإنشاء إنترنت خاص بها لا يمكن لأمريكا المسيطرة على شبكات الإنترنت عالميا الوصول له.

 

إن كنت مهتما بمعرفة مصير سنودين فالعميل السابق لـCIA حصل على إقامة فى روسيا ليهرب من المصير الذي ينتظره فى الولايات المتحدة الأمريكية، ويملك حق الإقامة لديها حتى عام 2022 وفقا للمحامى أناتولى كوتشيرينا، المسئول عن الشؤون القانونية له، وكان دونالد ترامب قد طالب بتسليمه للولايات المتحدة الأمريكية ولكن طلبه لم يلق استجابة من الجانب الروسى.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة