أكدت الهيئة العامة للاستعلامات، على أن الزيارة الحالية للرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الأمم المتحدة لرئاسة وفد مصر فى اجتماعات الشق رفيع المستوى فى اجتماعات الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، هى الزيارة الخامسة من نوعها إلى المنظمة الدولية، حيث حرص منذ توليه رئاسة مصر فى يونيه 2014 على المشاركة فى جميع دورات الجمعية العامة التى تعقد فى شهر سبتمبر من كل عام، ليكون بذلك أول رئيس مصرى يحضر خمس دورات متتالية لاجتماعات الجمعية العامة، بل أن زيارات الرئيس الخمس للأمم المتحدة يفوق عددها مجموع زيارات جميع قادة مصر إليها منذ إنشاء المنظمة الدولية.
وبهذه المناسبة أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات كتابًا باللغتين العربية والإنجليزية يتضمن تحليلا لنتائج زيارات الرئيس الأربعة السابقة للجمعية العامة، ويوثق لأهم ما دار فيها وارتباطه بمصالح مصر الوطنية السياسية والاقتصادية وأمنها القومى، وقد تم توزيع هذا الكتاب التحليلى التوثيقى على وسائل الإعلام وكذلك المراسلين الأجانب وممثلى الصحف ومحطات التليفزيون والوكالات الإخبارية المعتمدين فى مصر، وأيضا تمت الاستفادة به فى تعزيز التغطية الإعلامية فى نيويورك لزيارة الرئيس.
وأشار كتاب هيئة الاستعلامات، إلى أن الرئيس السيسى قد ألقى خلال هذه الزيارات خطبًا رسمية كان أهمها خطاباته الأربعة أمام جلسة الجمعية العامة، والتى تمثل كلمة مصر الرسمية فى المنظمة الدولية، إضافة إلى كلماته وخطبه فى عدد من المؤتمرات والقمم الأخرى التى عقدت بمقر الأمم المتحدة خلال فترة انعقاد الجمعية العامة، كما عقد خلال وجوده فى نيويورك عشرات اللقاءات مع قادة وزعماء ومسئولين وإعلاميين من جميع قارات العالم خلال حضوره لهذا المحفل العالمى الكبير.
ويرصد الكتاب عددًا من الملامح التى ميزت مشاركات الرئيس الأربع خلال الفترة الرئاسية الأولى وأثمرت فى النهاية العديد من النتائج السياسية باستعادة مصر مكانتها فى محيطها الإقليمى والعالمى، وشجعت المجتمع الدولى على دعم جهود مصر السياسية والاقتصادية.
وجاء فى الكتاب، أن مشاركات الرئيس فى هذه الاجتماعات السنوية، جسدت الإدراك الكامل لأهمية هذا المنبر العالمى لمخاطبة المجتمع الدولى بكامله، والتواصل معه، وعودة صوت مصر على أعلى مستويات القيادة إلى منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، تأكيدًا لاهتمام مصر بدور المنظمة الدولية وضرورة تعزيزه واستعادة تأثيره فى النظام الدولى على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة فى الفترة الراهنة التى يمر فيها النظام العالمى بتغييرات متتالية فى توازن القوى وطبيعة ونمط العلاقات الدولية.
وتابع الكتاب: "كما يواجه المجتمع الدولى أشكالًا من التحديات المشتركة التى تهدد السلم والأمن والحياة على الكرة الأرضية مثل قضايا الإرهاب، واللاجئين، والتغيرات المناخية، والأزمـات الاقتصادية، وانتشار ثقافـات العنف والتطــرف على نحو يتطلب تعاونًا دوليًا كاملًا، لا يوجد أفضل من المنظمة الدولية وأجهزتها لتنسيقه والقيام به".
من جانب آخر، أوضح الكتاب، أن مشاركة الرئيس السيسى فى دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة هى رسالة إعلامية إلى شعوب العالم، بقدر ما هى رسالة سياسية ودبلوماسية، متابعا: "فالملايين فى أنحاء العالم تتابع وقائع اجتماعات الجمعية العامة وما يدور فيها. لذلك فإن الرئيس لم يكن فى هذه المشاركات يخاطب الحاضرين فى القاعة الرئيسية للجمعية العامة للأمم المتحدة – رغم أهميتهم – وإنما كان يخاطب من خلالهم كل شعوب العالم، الأمر الذى يختصر الكثير من الجهد فى نقل صورة مصر وحقيقة مواقفها إلى الرأى العام الدولي".
وبالفعل، حرص الرئيس السيسى فى خطاباته، بدءًا من الخطبة الأولى فى 2014/9/24 على شرح حقيقة ما حدث ويحدث فى مصر من تطورات، وطبيعة ما قام به الشعب المصرى من تحولات تخلص خلالها من قوى التطرف والظلام، واستعاد مسيرته المعتادة فى ركب الحضارة الإنسانية. وقد أدت كلمات الرئيس بالفعل – آنذاك – إلى تفهم دولى لما يدور فى مصر من خطوات على طريق بناء دولة مدنية حديثة وتحقيق السلام والاستقرار، وبدء عملية شاملة للتنمية والإصلاح الاقتصادى الاجتماعى الشامل فى البلاد.
وهكذا، فى كلمات وخطب الرئيس الأربع أمام الجمعية العامة حرص على شرح سياسات مصر الداخلية والخارجية، فى مكافحة الإرهاب، وفى التعاون البناء مع شركائها فى المنطقة العربية والشرق الأوسط وأفريقيا والعالم كشريك من أجل السلام والاستقرار والتقدم لكل الشعوب، والمساهمة فى حل المشكلات والأزمات الراهنة التى تخلف المآسى وتعوق سعى الشعوب لحياة كريمة، كما حدد الرئيس فى كلماته دائمًا موقفًا واضحًا لمصر إزاء مختلف القضايا العالمية. كل تلك المواقف كانت بمثابة رسائل سياسية – دبلوماسية – إعلامية أحدثت تأثيرًا مهمًا ووضعت الرأى العام الدولـى فى صـورة مصـر الحقيقية ومواقفها وسياساتها.
ولعل مطالعة خطابات الرئيس الأربعة ومقارنتها يكشف مدى الاتساق الفكرى والسياسى، وثبات المواقف والمبادئ التى عبر عنها الرئيس بشأن سياسة مصر تجاه مختلف القضايا والشئون الداخلية والخارجية.
55 قمة حصيلة مشاركة الرئيس بالجمعيات العامة للأمم المتحدة
ويرصد كتاب هيئة الاستعلامات، استثمار الرئيس السيسى وجوده فى نيويورك لعقد عدد كبير من اللقاءات والاجتماعات الجماعية والثنائية مع قادة وزعماء من مختلف قارات للعالم، وكذلك مع العديد من المسئولين فى المنظمات الدولية وممثلى الدول الأخرى فى اجتماعات المنظمة الدولية.
فخلال الدورة (69) للجمعية العامة عام 2014، عقد الرئيس اجتماعات مع رؤساء: الولايات المتحدة – فرنسا – العراق – كوريـا الجنوبية- موريتانيا - ملك الأردن - أوغندا – شيلى – فلسطين – قبرص- جنوب أفريقيا، ومع رؤساء حكومات: بريطانيا – الكويت – استراليا، ومع مسئولين دوليين منهم أمين عام الأمم المتحدة، ورئيس البنك الدولى، إضافة إلى مسئولى دوائر اقتصادية دولية ومسئولون أمريكيين حاليين وسابقين.
وفى الدورة (70) عام 2015، عقد الرئيس السيسى لقاءات مع رؤساء: فرنســا – الصــين – كرواتيا – تركمانستان – مالى - أورجواى – صربيا – السنغال – قبرص - بيلاروسيا - ملك الأردن – بنما – فلسطين، ومع رؤساء حكومات: هولندا – الهند - إيطاليا - المستشارة الألمانية– أيرلندا - العراق – المجر – إثيوبيا – لبنان – اليونان، ومع مسئولين دوليين منهم أمين عام الأمم المتحدة - أمين عام المنتدى الاقتصادى العالمى - مدير عام وكالة الطاقة الذرية- رئيس منتدى الأعمال للتفاهم الدولى - رئيس البنك الدولى، فضلًا عن حضور قمم دولية جماعية.
وفى الدورة (71)عام 2016 اجتمع الرئيس مع رؤساء فرنســا – قــبرص – رومــانيا – فلسطــين – اليمن – ملك الأردن، ومع رؤساء حكومات: بريطانيا – لبنان ومع مسئولين دوليين مثل أمين عام الأمم المتحدة – رئيس المجلس الأوروبى – رئيس منتدى الأعمال للتفاهم الدولى – رئيس البنك الدولى.
وفى الدورة (72) للجمعية العامة عام 2017 التقى الرئيس رؤساء: الولايات المتحدة – فلسطين – قبرص- غانا – البرازيل – رومانيا – صربيا – ملك الأردن، ورؤساء حكومات: إسرائيل – إيطاليا، ومسئولين دوليين كأمين عام الأمم المتحدة – رئيس المجلس الأوروبى – رئيس البنك الدولى – مفوض الاتحاد الأوروبى للهجرة والمواطنة، وشارك فى عدد من القمم العالمية، واللقاءات الجماعية.
قمم عالمية وإقليمية فى نيويورك
وأضاف كتاب هيئة الاستعلامات، أن وجود الرئيس السيسى فى نيويورك لم يقتصر على اجتماعات الجمعية العامة فقط، ولا أيضًا اللقاءات الثنائية على هامش هذه الاجتماعات، ولكنه شمل حضوره للعديد من القمم العالمية التى عقدت فى تلك الفترات وكان رئيسًا لبعض هذه القمم ومن بينها:
_فى الدورة 70 (سبتمبر 2015): شارك الرئيس السيسى فى "قمة اعتماد أجندة التنمية لما بعد 2015" التى حضرها عدد من رؤساء الدول والحكومات. كما شارك الرئيس السيسى خلال نفس الدورة فى "قمة مكافحة تنظيم داعش "والتطرف العنيف" التى دعا إليها الرئيس الأمريكى - آنذاك – باراك أوباما. فى الدورة نفسها شارك الرئيس فى القمة التى دعا إليها الرئيس الصينى "شى جين بينج" لبحث سبل التعاون بين دول الجنوب، حيث ألقى الرئيس كلمة أشار فهيا إلى التحديات التى تواجه دول الجنوب لتحقيق التنمية والتقدم ونقل التكنولوجيا وتوفير حياة أفضل لشعوبها.
_فى الدورة 71 (سبتمبر 2016) شارك الرئيس السيسى فى "قمة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين والمهاجرين، وشارك أيضًا فى اجتماع رفيع المستوى حول هذه القضية. وفى الدورة نفسها، ترأس الرئيس السيسى "اجتماع مجلس الأمن والسلم الأفريقي" الذى ترأسه مصر وعقد بمقر منظمة الأمم المتحدة. كما شارك الرئيس السيسى فى "قمة مجلس الأمن الدولي"، استنادًا لعضوية مصر فى المجلس عامى 2016/2017 التى تنأولت التطورات فى الشرق الأوسط وسوريا، وهى أول مشاركة لرئيس مصر فى قمة لمجلس الأمن. وخلال الدورة نفسها أيضًا، ترأس الرئيس السيسى اجتماع "لجنة الرؤساء الأفارقة المعنى بتغير المناخ" والمخصص لمناقشة نتائج المؤتمر العالمى للمناخ الذى عقد فى باريس قبل ذلك التاريخ، وتم خلال الاجتماع تنسيق الموقف الأفريقى بشأن المؤتمر العالمى التالى بشأن قضايا المناخ.
_ فى الدورة 72 شارك الرئيس فى "القمة العالمية بشأن ليبيا" التى نظمتها الأمم المتحدة بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات، حيث ألقى الرئيس السيسى كلمة أمام الاجتماع حث فيها المجتمع الدولى على دعم الجهود لإنجاز تسوية سياسية شاملة فى ليبيا تتوافق عليها الأطراف الليبية، وضرورة التعاون لمكافحة الإرهاب فى ليبيا. كما شارك الرئيس فى قمة مجلس الأمن الدولى حول إصلاح عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، واستعرض فى كلمته أمام هذه القمة دور مصر فى هذا المجال باعتبارها سابع أكبر دولة فى العالم تساهم فى عمليات حفظ السلام.
حوار مصرى أمريكى
من جانب آخر، فإن وجود الرئيس عبد الفتاح السيسى فى نيويورك يوفر فرصة للتواصل مع مختلف دوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة مع ما أظهرته كل دوائر السياسيين ومراكز البحوث والمسئولين السابقين والحاليين خلال الدورات الأربع من حرص على التواصل مع الرئيس.
كما حرص الرئيس على التواصل أيضًا مع وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى ومن خلالها خاطب الرأى العام الأمريكى والدولى بشأن جميع القضايا الداخلية والخارجية لمصر. وقد أثرت هذه اللقاءات فى تعزيز قنوات الاتصال بين مصر والولايات المتحدة، وتحسين العلاقات بين البلدين، والمزيد من التفهم بشأن مواقف كل منهما تجاه القضايا الاقليمية والدولية.
كما شملت هذه اللقاءات جوانب عديدة خاصة بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارات وغيرها:-
فخلال الدورة (69) للجمعية العامة (سبتمبر 2014) التقى الرئيس السيسى بالرئيس الأمريكى – آنذاك – باراك أوباما بحضور وفدى البلدين، وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية فى مصر أن القمة تناولت العلاقات الثنائية، وأكدت طبيعتها الاستراتيجية وتم التشاور حول القضايا الأمريكية فى ليبيا وسوريا وقضية الإرهاب والتحالف الدولى ضد تنظيم داعش.
من جانبه أشاد الرئيس أوباما بخطوات مصر فى مجال الإصلاح الاقتصادى وجذب الاستثمارات الأجنبية، واتفق البلدان على إجراء حوار استراتيجى على مستوى وزيرى خارجية البلدين. كما التقى الرئيس السيسى مع الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون وزوجته السيدة هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية السابقة حيث كان الرئيس صريحًا فى نقل غضب الشعب المصرى من الموقف الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط عمومًا. كما التقى الرئيس بعدد كبير من المسئولين الأمريكيين الكبار السابقين من بينهم هنرى كيسنجر ومادلين أولبرايت وبرنت سكوكروفت وأعضاء مجالس إدارات الشركات الأمريكية العاملة فى مصر.
وفى الدورة (70) للجمعية العامة (سبتمبر 2015) التقى الرئيس عددًا من الشخصيات البارزة والمؤثرة فى المجتمع الأمريكى، شملت مسئولين سياسيين وعسكريين سابقين، منهم ثلاثة من مستشارى الأمن القومى السابقين، هم: هنرى كيسنجر وبرينت سكوكروفت وستيفن هدلى، فضلًا عن ويزلى كلارك القائد الأعلى السابق لحلف شمال الأطلنطى، والأدميرال وليام فالون قائد المنطقة المركزية، بالإضافة إلى عدد من الأعضاء الحاليين بمجلس النواب الأمريكى، وكبار المفكرين مثل: ريتشارد هاس ودينيس روس، والعالم المصرى فاروق الباز، حيث تمت مناقشة الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر. وأكد الرئيس خلال اللقاءات اعتزاز مصر بعلاقات الشراكة الاستراتيجية مع أمريكا، وقال: أن مصر تبذل جهودًا مدعومة من الشعب المصرى فى التصدى لتحدى الإرهاب، وأن انتشار تيار التشدد والتطرف يؤجج النزاعات التى تموج بها المنطقة. كما اجتمع الرئيس السيسى فى الدورة نفسها مع أعضاء الغرفة التجارية الأمريكية وأعضاء مجلس الأعمال المصرى الأمريكى وشرح لهم جهود الإصلاح الاقتصادى وجذب الاستثمارات المباشرة. وخلال الدورة نفسها، كانت هناك مصافحة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الأمريكى باراك أوباما خلال قمة مكافحة تنظيم داعش حيث نزل الرئيس أوباما من المنصة الرئيسية وصافح الرئيس السيسى ووجه له التحية وشكره على ما تضمنته تصريحاته لوسائل الإعلام الأمريكية من مضامين إيجابية إزاء مختلف القضايا.
وخلال الدورة (71) للجمعية العامة (فى سبتمبر 2016) أجرى الرئيس السيسى لقاءً تاريخيًا مع مرشحى الرئاسة الأمريكية هيلارى كلنيتون ودونالد ترامب، بعد أن تمسك الرئيس بضرورة تلبية طلب المرشحين على قدم المساواة. وكان لهذا اللقاء أثره الكبير فى إرساء أسس التفاهم والتقدير المتبادل بين الرئيسين السيسى وترامب فيما بعد، كما ساهم فى وضع العلاقات المصرية – الأمريكية على طريق مستوى أفضل من التعاون الثنائى والإقليمى والدولى.
كما التقى الرئيس السيسى خلال الدورة نفسها بعدد كبير من الشخصيات المؤثرة فى الحزبين الديمقراطى والجمهورى، وعدد من رؤساء الشركات الأمريكية الكبرى، وأعضاء غرفة التجارة الأمريكية ورئيس مجلس إدارة شركة جنرال اليكتريك ووفد من أعضاء مجلس الأمن القومى الأمريكى وعدد من الشخصيات المؤثرة فى المجتمع الأمريكى ومسئولين سابقين فى وزارة الدفاع الأمريكية.
وخلال الدورة (72) للجمعية العامة (سنة 2017) عقد الرئيس اجتماع قمة مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حيث أعرب الرئيس الأمريكى عن تقديره للرئيس السيسى، مشيدًا بالعلاقات المتميزة بين البلدين، وتم خلال اللقاء بحث عدد من الملفات الإقليمية والدولية، من بينها سبل إحياء عملية السلام، حيث عرض الرئيس جهود مصر لتحقيق المصالحة الفلسطينية كخطوة أساسية لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وأشاد الرئيس “ترامب” بالجهود المصرية فى هذا الصدد، مؤكدًا أهمية مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين فى هذا الملف، بالإضافة إلى عقد عدد من اللقاءات مع الشخصيات المؤثرة وذات الثقل بالمجتمع والتى تضم عددًا من الوزراء والمسئولين والعسكريين السابقين، بالإضافة لقيادات مراكز الأبحاث والمنظمات اليهودية ودوائر الفكر بالولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك لقاءات مع قيادات كبريات الشركات الأمريكية وصناديق الاستثمار وبيوت المال فى إطار غرفة التجارة الأمريكية، فضلًا عن لقاء مع أعضاء مجلس الأعمال للتفاهم الدولى، وهو منظمة أمريكية غير حكومية هدفها تشجيع إقامة الحوار بين القادة السياسيين ومجتمعات الأعمال فى مختلف دول العالم ويضم فى عضويته عددًا من مديرى كبرى الشركات الأمريكية وصناديق الاستثمار وشركات إدارة الأصول المالية.
كل تلك اللقاءات جعلت من زيارات الرئيس إلى نيويورك مناسبة مهمة للتواصل المصرى الأمريكى على كافة المستويات.
الاقتصاد المصرى فى قمة الأولويات
رغم الأهمية السياسية والدبلوماسية والإعلامية لزيارات الرئيس عبد الفتاح السيسى للأمم المتحدة ومشاركاته فى اجتماعات الجمعية العامة والقمم الدولية الأخرى، فإن الشق الاقتصادى يمثل جانبًا مهمًا من نشاط الرئيس واهتماماته خلال وجوده فى هذا المحفل الدولى، حيث مثلت اللقاءات ذات الطابع الاقتصادى والاستثمارى والتجارى نسبة مهمة من اجتماعات الرئيس فى نيويورك الأمر الذى يعكس مدى اهتمام الرئيس بتوفير الدعم الدولى لجهود مصر فى مجال الإصلاح الاقتصادى والتنمية الشاملة.
فخلال الزيارات الأربع للرئيس السيسى لنيويورك أجرى (4) اجتماعات مع رئيس البنك الدولى "جيم يونج كيم" حيث كان اللقاء معه بندًا ثابتًا على جدول لقاءات الرئيس سنويًا وتنأولت هذه اللقاءات التطورات الاقتصادية فى مصر ودعم البنك الدولى لجهود التنمية والإصلاح فى مصر وتوفير مصادر التمويل الممكنة لها. كما التقى الرئيس ايضًا بشكل منتظم مع أعضاء الغرفة التجارية الأمريكية وتم فى كل مرة بحث سبل دعم وتعزيز الاستثمارات الأمريكية فى مصر وسبل رفع مستوى التبادل التجارى وشرح جهود مصر فى المجال الاقتصادى. أيضًا التقى الرئيس السيسى مع "كلاوس شواب" رئيس المنتدى الاقتصادى العالمى "منتدى دافوس" عام 2015 حيث تم التنسيق بشأن الاجتماع الاقليمى للمنتدى الذى عُقد بعد ذلك فى شرم الشيخ فى مايو 2016. كما حرص الرئيس أكثر من مرة على لقاء مجلس الأعمال للتفاهم الدولى وهو منظمة غير حكومية تسعى لتعزيز التفاهم السياسى من اجل التنمية.
فى الوقت نفسه، فإن جميع مشاركات ولقاءات وخطب الرئيس فى نيويورك خلال الزيارات الأربع تضمنت فى مقدمة أولوياتها جانبًا اقتصاديًا مهمًا يتعلق بالتنمية فى مصر وأفريقيا والعالم، وشرح سياسات مصر الاقتصادية وحث العالم على دعم جهود مصر لبناء مستقبل أفضل لشعبها.
كلمات الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة:
2014 - 2018
كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى
أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
نيويورك الدورة الـ69
24 /9/2014
السيد الرئيس
يسرنى فى البداية أن أتقدمَ إليكم، ولبلدِكم الشقيق، بالتهنئةِ على توليكم رئاسةَ الجمعيةِ العامةِ لهذه الدورة، مُعرَبًا عن ثِقَتِنا فى قيادتِكم الحكيمةِ لأعمالها، ومساندتِنا لكم فى أداءِ مهامِكُم..وأنتَهزُ هذهِ الفرصة لتوجيهِ التحيةِ لسلفكم لجهودِه المتميزة كرئيس للدورةِ السابقة.. كما أجدد دعمنا الكامل للسكرتيرِ العام فى مساعيه لتحقيقِ مقاصدِ ميثاق الأمم المتحدة.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
السيدات والسادة
أقف أمامكم اليوم كواحدٍ من أبناءِ مصرَ، مهد الحضارة الإنسانية، ومن هذا المنبر أستهل حديثى بتوجيه التحية لشعب مصر العظيم، والمصريين القادمين من كل الولايات الأمريكية، شعب مصر العظيم الذى صنعَ التاريخَ مرتين خلال الأعوام القليلة الماضية.. تارة عندما ثار ضد الفساد وسلطة الفرد، وطالب بحقه فى الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية.. وتارة أخرى، عندما تمسك بهويته، وتحصن بوطنيته، فثارَ ضد الإقصاء، رافضًا الرضوخ لطغيان فئة باسم الدين، وتفضيل مصالحها الضيقة على مصالح الشعب.
تلك بإيجاز شديد، معالم اللحظات الفارقة التى عاشتها مصر فى الفترة الماضية، لكنها ليست إلا مرحلة من مسيرة ممتدة، بطول وبإتساع آمال وتطلعات المصريين، ليومٍ أفضل وغدٍ أكثر ازدهارًا.
لقد بدأ العالم فى إدراك حقيقة ما جرى فى مصر، وطبيعة الأوضاع التى دفعت الشعب المصرى، بوعيه وحضارته، إلى الخروج منتفضًا ضد قوى التطرف والظلام، التى ما لبثت أن وصلت إلى الحكم، حتى قوضت أسس العملية الديمقراطية ودولة المؤسسات، وسعت إلى فرض حالة من الاستقطاب لشق وحدة الشعب وصفه.. ولعل ما تشهده المنطقة حاليًا، من تصاعد التطرف والعنف باسم الدين، يمثل دليلًا على الأهداف الحقيقية لتلك الجماعات التى تستغل الدين، وهو ما سبق لنا أن حذرنا منه مرارًا وتكرارًا، أن قيم العدل والمحبة والرحمة التى جاءت فى اليهودية والمسيحية والإسلام قد تحولت على يد تلك الجماعات إلى طائفية مقيتة وحروب أهلية واقليمية مدمرة يقع ضحيتها أبرياء من أديان مختلفة.
السيد الرئيس
السيدات والسادة
يُدرِكُ الشعبُ المصرى، وأُدرِكُ من واقع المسئولية التى اتحملها منذ إنتخابى رئيسًا، أن تحقيق أهدافنا بدأ ببناء دولة مدنية ديمقراطية، فى ظل المبادئ التى سعينا إليها من خلال الاِلتزام بخارطة المستقبل، التى توافقت عليها القوى الوطنية المصرية، والتى تكتمل بإجراء الإنتخابات البرلمانية، بعد أن قال الشعب المصرى كلمته، وعبر عن إرادته الحرة فى الإنتخابات الرئاسية ومن قبلها الدستور، لنبنى " مصر الجديدة "..دولةٌ تحترم الحقوق والحريات وتؤدى الواجبات، تضمن العيش المشترك لمواطنيها دون إقصاء أو تمييز..دولةٌ تحترم وتفرض سلطةَ القانون الذى يستوى أمامَهُ الكافة، وتَضْمَنُ حريةَ الرأى للجميع، وتَكْفُلُ حريةَ العقيدةِ والعبادةِ لأبنائها.. دولةٌ تسعى بإصرار لتحقيق النمو والإزدهار، والإنطلاق نحو مستقبل واعد يلبى طموحات شعبها.
وفى اطار العمل على تنفيذ ذلك، بدأت مصر فى تنفيذ برنامج شامل طموح لدفع عملية التنمية حتى عام 2030، يستهدف الوصول إلى إقتصاد سوق حر، قادر على جذب الإستثمارات فى بيئة أمنية مستقرة..ولعل فى مشروع قناة السويس الجديدة، هدية الشعب المصرى إلى العالم، ما يؤكد على جديه هذا التوجه، وعلى حرص " مصر الجديدة " على بناء غدٍ أفضل لأبنائنا وشبابنا، ولذا أدعوكم للمشاركة فى المؤتمر الإقتصادى الذى سيُعقد فى مصر خلال شهر فبراير القادم، من أجل تحقيق التنمية وبناء المستقبل، ليس لمصر فحسب، وإنما للمنطقة بأكملها.
إن هذه الخطوات تُعَبِرُ باختصار عن مضمون العقد الإجتماعى، الذى توافق عليه المصريون فى دستورهم الجديد، لبناء حاضر ومستقبل مشرق لشبابنا، ولتأسيس دولة المؤسسات وسيادة القانون، التى تحترم القضاء، وتضمن إستقلاله، وتُفَعِّل مبدأ الفصل بين السلطات، دون تراجع أمام إرهاب يظن أن بمقدروه إختطاف الوطن وإخضاعه.
ذلك الإرهاب الذى عانت مصر من ويلاته منذ عشرينيات القرن الماضى، حين بدأت إرهاصات هذا الفكر البغيض تبث سمومها، مستترة برداء الدين للوصول إلى الحكم وتأسيس دولة الخلافة، اِعتمادًا على العنف المسلح والإرهاب كسبيل لتحقيق أغراضها.وهنا أريد أن أؤكد، أنه لا ينبغى السماح لهؤلاء الإساءة للدين الإسلامى الحنيف، ولمليار ونصف المليار مسلم، الذين يتمسكون بقيمه السامية؛ فالدين أسمى وأقدس من أن يوضع موضع الإختبار فى أية تجارب إنسانية، ليتم الحكم عليه بالنجاح أو الفشل.
إن الإرهاب وباءٌ لا يفرق فى تفشيه بين مجتمع نام وآخر متقدم.. فالإرهابيون ينتمون إلى مجتمعات متباينة، لا تربطهم أية عقيدة دينية حقيقية، مما يحتم علينا جميعًا، تكثيف التعاون والتنسيق لتجفيف منابع الدعم الذى يتيح للتنظيمات الإرهابية مواصلة جرائمها، أعمالا لمبادئ ميثاق الأمم لمتحدة وتحقيقًا لأهدافها.
السيد الرئيس
السيدات والسادة
إن ما تعانيه منطقتنا من مشكلات ناجمة عن إفساح المجال لقوى التطرف المحلية والإقليمية، وحالة الإستقطاب إلى حد الإنقسام والإقتتال، أضحى خطرًا جسيمًا يهدد بقاء الدول ويبدد هويتها..مما خلق للإرهاب وتنظيماته بيئة خصبة للتمدد وبسط النفوذ.
ومن هذا المنطلق، فإن الأزمات التى تواجه بعض دول المنطقة، يمكن أن تجد سبيلًا للحل يستند على محورين رئيسيين، لدعم بناء الدولة القومية : يشمل الأول، تطبيق مبدأ المواطنة وسيادة القانون بناءً على عقد اجتماعى وتوافق وطنى، مع توفير كافة الحقوق، لاسيما الحق فى التنمية الشاملة، بما يُحصِن المجتمعات ضد الاستغلال والإنسياق خلف الفكر المتطرف ؛ أما المحـور الثانى، فهو المواجهة الحاسـمة لقوى التطـرف والإرهاب، ولمحأولات فرض الرأى بالترويـع والعنف، وإقصاء الآخـر بالإستبعاد والتكفير.
وقد طرحت مصر بالفعل، وبتوافق مع دول جوار ليبيا، مبادرة ترسم خطوات محددة وأفقًا واضحًا لإنهاء محنة هذا البلد الشقيق، يمكن البناء عليها للوصول إلى حل سياسى يدعم المؤسسات الليبية المنتخبة، ويسمح بالوصول إلى حل سياسى شامل، يضمن وقف الاقتتال ويحفظ وحدة الأراضى الليبية، وحتى يمكن تنفيذ ذلك، ينبغى وقف تهريب السلاح إلى ليبيا بشكل فعال، وعدم التساهل مع التيارات المتطرفة التى ترفع السلاح، وتلجأ للعنف، ولا تعترف بالعملية الديمقراطية.
وفى سـوريا الشقيقة، وعلى الرغم من متابعتنا للوضع الإنسانى المحـزن، وما خلفته الأزمة السـورية من دمار وضحايا أبرياء، فإننى أثق فى إمكانية وضع إطــار سياسى، يكفل تحقيق تطلعات شعبها، وبلا مهادنة للإرهاب أو إستنساخ لأوضــاع تمردَ السـوريون عليها..وأود أن أؤكد، دعم مصر لتطلعات الشعب الســورى فى حياة أمنة، تضمن استقرار سوريا وتصون سلامتها الإقليمية، ووحدة شعبها وأراضيها.
كما يمثل تشكيل حكومة جديدة فى دولة العراق الشقيقة، وحصولها على ثقة البرلمان تطورًا هامًا، يعيد الأمل فى الإنطلاق نحو تحسن الأوضاع فى العراق، ونجاح المساعى الداخلية والخارجية الرامية إلى تحقيق الاستقرار، واستعادة المناطق التى وقعت تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابى، بهدف الحفاظ على وحدة الأراضى العراقية، ووقف نزيف الدماء.
وعلى الرغم من تعدد الأزمات التى تهدد منطقتنا، والتى تحدثت عن بعضها، تبقى القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات الدولة المصرية..فمازال الفلسطينيون يطمحون لإقامة دولتهم المستقلة على الأراضى المحتلة عام 1967، وعاصمتها "القدس الشرقية"، تجسيدًا لذات المبادئ التى بُنِيت عليها مسيرة السلام بمبادرة مصرية، منذ سبعينيات القرن الماضى، وهى مبادئ لا تخضع للمساومة وإلا تآكلت أسس السلام الشامل فى المنطقة، وضاعت قيم العدالة والإنسانية..ويقينًا، فإن اِستمرار حرمان شعب فلسطين من حقوقه، يوفر مدخلًا لاستغلال قضيته لتأجيج أزمات أخرى، ولتحقيق البعض لأغراض خفية، واختلاق المحاور التى تُـفَـتِتُ النسيج العربى، وفرض الوصاية على الفلسطينيين، بزعم تحقيق تطلعاتهم.
ولا يمكن أن أغفل الإشارة إلى الاهتمام الذى توليه مصر لقضايا قارتها الأفريقية. أن التضامن والإخاء الذى يجمع بين شعوبها وأيضًا التحديات المشتركة التى تواجهها، تفرض علينا العمل بمزيد من الجد ووضوح الرؤية لتحقيق طموحات شعوبنا، فى الديمقراطية والتنمية، والحفاظ على كرامة الفرد، وإيلاء الاهتمام الواجب لشبابنا، وتطلعهم لمستقبل أكثر إشراقا، أن نجاحنا فى ذلك هو ضمان مستقبل دولنا.
وأدعو من هذا المنبر أن يتكاتف المجتمع الدولى، انطلاقا من إنسانيتنا المشتركة للتصدى لوباء الايبولا، الذى تتعرض له عدد من دول غرب أفريقيا. أن مكافحة هذا المرض هى مسئولية جماعية لرفع المعاناة عن غير القادرين، كذلك لتوفير الحماية لعالمنا الذى تنحسر المسـافات فيما بين أرجائه بفضل طبيعة العصـر وما بلغه من كثافة التواصل.
السيد الرئيس
السيدات والسادة
إن ما سبق يضع مسئولية خاصة على مصر، ودولتها القوية التى سبق لها مواجهة الإرهاب والتطرف فى تسعينيات القرن الماضى، والتى أثق فى نجاحها فى اجتثاث جذور التطرف، بفضل هويتها الوطنية.. ومصر قادرة دومًا، على أن تكون منارة حضارية تدعم استعادة النظام الإقليمى لتماسكه.. ولن يتوانى المصريون عن القيام بدورهم هذا، تجاه محيطهم، الذى يأتى فى القلب منه، الأمن القومى العربى، والذى تعتبره مصر جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومى، بناءً على الاِنتماء المشترك، والمصير الواحد، وحرصًا على استقرار هذه المنطقة الهامة والحيوية للعالم.
إن رؤية مصر للعلاقات الدولية، تقوم على احترام مبادئ القانون والمعاهدات والمواثيق الدولية، القائمة على الاِحترام المتبادل، ومراعاة المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة..ومصر كما تعلمون من الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة، وساهمت بقوة وما تزال، فى جهود تحقيق أهدافها، خاصة فى مجالات حفظ وبناء السلام وتحقيق التنمية..ومن هنا؛ فإن تطلع مصر للعضوية غير الدائمة بمجلس الأمن لعامى 2016 و2017، ينبع من حرصها على توظيف عضويتها، لتحقيق مقاصد المنظمة ومصالح الدول النامية لاسيما فى أفريقيا، والمضى بجدية لإصلاح منظومة الأمم المتحدة، ضمن رؤية قوامها الندية والمساواة..ولذا، فإننى أدعو الدول الأعضاء لدعم ترشح مصر لعضوية مجلس الأمن الدولى.
السيد الرئيس
السيدات والسادة
نقلت إليكم وبكل تواضع، رسالة المصريين، نسائهم قبل الرجال، وشبابهم قبل الشيوخ..وهى رسالة تعبر عن الأمل وعن الإرادة والتصميم على العمل، وعن الإنفتاح للتعاون مع الجميع، لتخطى كل العقبات والصعاب..مؤكدًا أن شعب مصر بعد ثورتيه، بات المصدر الوحيد لما نتخذه من سياسات داخلية وخارجية، فى إطار سعينا لتحقيق الاستقرار والتنمية..تلك هى مصر التى استعادت ثقتها بنفسها..مصر التى تُعْلِى قيم القانون والحرية..مصر بهويتها العربية وجذورها الأفريقية، مهد حضارة المتوسط، ومنارة الإسلام المعتدل..مصر التى تصبو نحو تسوية الصراعات فى منطقتها..مصر التى ترنو إلى تحقيق قيم العدل والإنسانية فى عالمها..وإننى على يقين من قدرة المصريين على العطاء، فهى الميراث الذى خلفه أجدادنا، وهى مَعِينُنَا الذى لا ينضبُ بإذن الله.
تحيا مصر... تحيا مصر... تحيا مصر...
وتحيا شعوب الأرض المحبة للسلام...
وتحيا مبادىء الإنسانية وقيم التسامح والتعايش المشترك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى
أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
نيويورك الدورة الـ70
28 /9/2015
السيد الرئيس
أود فى البداية أن أعرب عن تهنئتى لكم ولبلدكم الصديق.. على توليكم رئاسة هذه الدورة للجمعية العامة للأمم المتحدة.. وأن أعبر عن خالص التقدير لسلفكم.. وزير خارجية أوغندا الشقيقة.. لجهده المتميز خلال رئاسته للدورة السابقة.. كما أشيد بالدور البناء الذى يقوم به السكرتير العام للأمم المتحدة.. وسعيه الدءوب لتنفيذ مبادئ ميثاقها.. والذى ظل دستورا للعلاقات الدولية ومرجعا لها طوال سبعين عاما.
السيد الرئيس.. السيدات والسادة
لقد شهدت مصر والعالم منذ أسابيع افتتاح قناة السويس الجديدة.. ذلك الإنجاز الذى ينطوى على أبعاد تمس مجالات اقتصادية.. كالنقل والتجارة والخدمات.. وأخرى تتعلق بقدرة مصر وتصميم المصريين على العمل بإخلاص.. والتغلب بشجاعة على الصعاب والتحديات.. لكننى لا أعتزم اليوم الخوض فى تفاصيل كل تلك الأبعاد.. التى أثق أنكم تدركونها.. لكن ما أردت أن نتوقف عنده هو مغزى ما تحقق على أرض مصر.. فتلك القناة الجديدة ليست هدية مصر للعالم فحسب.. لكنها تمثل تجسيد الأمل.. وتحويله إلى واقع ووجهة جديدة من خلال العمل.
ولعلكم تتفقون معى على أن الأمل.. تلك القيمة المهمة.. هو القوة التى طالما حثت الأفراد والشعوب على السير قدما.. وعلى التطلع إلى غد أفضل.. وعندما يقترن الأمل بالعمل الجاد والمخلص.. فإنهما يصبحان معا الضوء الذى يبدد ظلمة اليأس.. تلك الظلمة التى تخيم اليوم على منطقة الشرق الأوسط.. أن الأمل والعمل هما المثال الواقعى الذى تقدمه مصر إلى محيطها الواسع..فى أفريقيا وآسيا والبحر المتوسط.. وهما اليد التى تمدها إلى منطقتها.. كى تساهم فى التغلب على تحديات الحاضر وإضاءة الطريق نحو المستقبل.
ومن منطلق إيماننا فى مصر بأن منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع يواجهان تهديدا خطيرا.. وأنهما أحوج ما يكونان اليوم إلى نموذج يفتح آفاقا رحبة أمام الشباب.. تتيح له مستقبلا أفضل وليتمكن بالعمل الجاد من المشاركة فى صياغته.. فإننى أعلن عزم مصر أن تطرح.. بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول الأعضاء وبمشاركة واسعة من شبابها.. مبادرة حـول : ” الأمل والعمل من أجل غاية جديدة”، أو “هانــــد hand” وفقا للاختصار باللغة الإنجليزية.. وهى بالفعل اليد التى تمدها مصر.. كأحد أوجه مساهمتها فى التغلب على قوى التطرف والأفكار التى تسعى إلى نشرها.. ولكن من خلال العمل الإيجابى الذى لا يكتفى بالمقاومة فقط.. على نحو ما دأبت عليه جهود مكافحة الإرهاب حتى الآن.. والتى تركز على الدفاع عن الحاضر.. أن علينا بالتوازى مع تلك الجهود القيمة..أن نسعى إلى اجتذاب طاقات الشباب الخلاقة بعيدا عن المتطرفين وأفكارهم المغلوطة.. وأن نتيح لهم توظيف قدراتهم من أجل بناء المستقبل.. الذى ستؤول إليهم ملكيته بعد سنوات قليلة.
السيدات والسادة
لقد ميزنا الخالق سبحانه وتعالى.. نحن البشر.. بالعقل الذى كان وسيلتنا إلى التعرف عليه.. كما أن قدرتنا على الاختيار باستخدام هذا العقل.. هى أبلغ دليل على أن اختلافنا هو مشيئة إلهية.. تأبى على البشر أن يكونوا بلا إرادة.
إن تلك الحقيقة الدامغة مع بساطتها.. من شأنها أن تهدم كل دعاوى المتطرفين على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم.. لاسيما هؤلاء الذين يدعون أنهم وحدهم من يملكون الحق فى تفسير الإسلام.. ويتناسون أن ما يروجون له ليس إلا تفسيرهم المغرض للدين.. الذى لا يمكن أن يكون هو الإسلام بسماحته وعدله ورحمته.. لأن إنكارهم لحق الآخرين فى الاختلاف.. هو إنكار لمشيئة الخالق.. فهم فى واقع الأمر يسعون لتحقيق أعراض دنيوية وأغراض خفية.. ويستهدفون تجنيد أتباعهم والسيطرة عليهم وعزلهم عن أى مجال.. يتيح لهم فهم الدين الصحيح.
لا شك أن أكثر من مليار ونصف المليار مسلم يرفضون أن يخضعوا لفكر تلك القلة القليلة.. التى تدعى أنها تحتكر التحدث باسمهم.. بل وتسعى من خلال تطرفها وعنفها إلى إقصاء وإسكات من يعارضها.. وهو ما ينبغى أن يدركه العالـــم..
لكننى أشعر بأسى وحزن كل مسلم حول العالم.. عندما يواجه التمييز والأحكام المسبقة لمجرد انتمائه لهذا الدين العظيم.. وهو الأمر الذى تعتبره قوى التطرف نجاحا غير مسبوق لها.. حيث أن من بين أهدافها إيجاد تلك الهوة بين المسلمين وغيرهم.. والعمل على توسيعها.. واسمحوا لى إذن أن أتساءل عن عدد المسلمين الذين ينبغى أن يسقطوا ضحايا للتطرف المقيت والإرهاب البغيض.. حتى يقتنع العالم أننا جميعا.. مسلمين وغير مسلمين..إنما نحارب نفس العدو.. ونواجه ذات الخطر؟
كم من أبناء الدول التى تعانى ويلات الإرهاب ينبغى أن تراق دماؤهم.. حتى يبصر المجتمع الدولى حقيقة ذلك الوباء الذى تقف مصر فى طليعة الدول الإسلامية.. وفى خط الدفاع الأول فى مواجهته.. وأنه لا بديل عن التضامن بين البشر جميعا.. لدحره فى كل مكان؟
السيدات والسادة
لقد تابعنا جميعا كيف انحدرت ليبيا الشقيقة إلى منزلق خطير.. عندما أفصحت قوى التطرف عن وجودها من خلال أفعالها التى تجافى مبادئ الإسلام وقيم الإنسانية.. فلم يكن ذبح المصريين على شواطئ ليبيا.. إلا نتيجة للتهاون فى التصدى لتمادى المتطرفين فى تحدى إرادة الشعب الليبى.. ورغبتهم فى الاستئثار وارتهان مصير دولة وشعب بتمكينهم من السيطرة عليهما.. أن حرص مصر البالغ على مستقبل ليبيا وسلامتها واستقرارها.. كان دافعها الأول لدعم جهود الأمم المتحدة للوصول إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية.. وقد كان لهذا الدعم دوره الواضح فى التوصل إلى اتفاق “الصخيرات” الذى ينبغى أن يكون علامة فارقة.. كى نشهد فيما بعده توحيد جهود المجتمع الدولى ووقوفه خلف إرادة الأطراف التى وقعت على الاتفاق من أجل إعادة بناء الدولة الليبية.. وتمكينها من مكافحة الإرهاب بفاعلية وتعزيز قدرتها على دحره.. قبل أن يتمكن من إيجاد قاعدة تهدد جوار ليبيا.. وتمتد إلى عمق أفريقيا.. وفى هذا السياق، فإننى أؤكد على ضرورة الاستمرار فى تهيئة الأجواء لمزيد من المشاركة بين الليبيين المؤمنين بالدولة الحديثة.. بالتوازى مع مواجهة لا هوادة فيها لاستئصال الإرهاب.
كما تابعنا جميعا كيف استغل المتطرفون تطلعات الشعب السورى المشروعة.. للجنوح بهذا البلد الشقيق نحو مواجهات تستهدف تحقيق أغراضهم فى إقصاء غيرهم.. بل امتدت هذه المواجهات حتى فيما بين الجماعات المتطرفة ذاتها طمعا فى المغانم.. حتى تكاد سوريا اليوم تتمزق وتعانى خطر التقسيم.. فى ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة.. وأطماع أطراف إقليمية مكشوفة.
وإزاء ذلك الوضع المتدهور.. دعت مصر القوى الوطنية السورية للاجتماع فى القاهرة.. لصياغة تصور واضح للمرحلة الانتقالية وفق وثيقة جنيف.. بما يوفر أرضية مشتركة للسوريين جميعا لبناء سوريا الديمقراطية.. ذات السيادة على كامل ترابها.. وبما يحافظ على كيان الدولة ومؤسساتها.. ويحترم تنوع مكوناتها.. ويصون انتماءها القومى.
إن تلك القوى الوطنية السورية مدعوة اليوم للمساهمة بكل قوة.. فى كل جهد يبذل للتفاوض حول مخرج سياسى من الأزمة.. يحقق تطلعات الشعب السورى.
السيدات والسادة
إن دعم مصر السياسى والعسكرى لليمن الشقيق.. ومشاركتها فى الخطوات التى اتخذها ائتلاف الدول الداعمة للحكومة الشرعية.. قد جاء استجابة لطلب اليمن.. وانطلاقا من مسئوليتنا تجاه صيانة الأمن القومى العربى.. أمام محاولات أطراف خارجية العبث به وبمقدراته.. وفى إطار تمسكنا بوحدة اليمن واستقلال وسلامة أراضيـه.. وتحث مصر الأسرة الدولية على بذل الجهود اللازمة لاستئناف العملية السياسية الانتقالية.. وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.. وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وتتابع مصر باهتمام التطورات الأخيرة التى تشهدها الساحة العراقية.. ونأمل فى أن تساعد الإصلاحات التى اتخذتها الحكومة على إعادة اللحمة بين أبناء الشعب العراقى الشقيق.. والمضى قدما على طريق المصالحة الوطنية.
إن تفاقم أزمة اللاجئين الفارين من ويلات النزاعات المسلحة.. تؤكد ما سبق أن نادت به مصر.. بضرورة العمل نحو تسوية تلك النزاعات.. والتصدى لظاهرة الإرهاب التى تشكل أحد أهم أسباب تفاقم الأزمة.. وفتح قنوات للهجرة الشرعية وتيسير عملية التنقل.. وربط الهجرة بالتنمية.
إن مصر تستضيف أعدادا متزايدة من اللاجئين.. كأشقاء يتقاسمون مع الشعب المصرى ذات الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية التى تقدمها الدولة.. رغم ما ينطوى عليه ذلك من أعباء اقتصادية على كاهل الدولة.. وتأمل مصر فى إيجاد حلول لأزمة اللاجئين سواء على المدى القصير.. لتدارك الأوضاع الإنسانية الصعبة التى يواجهونها.. أو على المدى الطويل من خلال التغلب على الأسباب الرئيسية التى أدت إلى هذا الصراع.
السيدات والسادة
لعل ما سبق يعد مثالا للتهديد القائم والمتزايد.. لاستغلال التنظيمات الإرهابية لأزمات سياسية لتحقيق أهدافها..كما أجد من منطلق المسئولية التاريخية كرئيس لمصر.. التى تقف فى قلب تلك المواجهة..أن أحذر من خطر امتداد ذلك التهديد إلى مناطق وأزمات أخرى.. وفى مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة.
تسوية تلك القضية وتمكين الشعب الفلسطينى من تقرير مصيره.. وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. سوف يقضى على أحد أهم عوامل عدم استقرار المنطقة.. وإحدى أخطر الذرائع التى يتم الاستناد إليها لتبرير أعمال التطرف والإرهاب.. ولعلكم تتفقون معى على أنه لابد من تسوية تلك القضية دون إبطاء.. حتى تتفرغ كل شعوب المنطقة لبناء مستقبلها معا.. ولتحقيق الرفاهية والازدهار وإيجاد مستقبل أفضل لأجيالها.. وإن ما يشهده القدس والحرم القدسى الشريف.. لدليل على أن التوصل إلى السلام ما زال يواجه صعوبات وتحديات تستلزم علينا جميعًا مواجهتها وإيجاد حلول حاسمة لها.
السيدات والسادة
إننا فى مصر ندرك ضرورة توافر عوامل أخرى.. بجانب دحر التطرف والإرهاب.. لتحقيق الاستقرار والتنمية الشاملة.. ويعد انتفاض الشعب المصرى ومطالبته بالتغيير.. تعبيرا عن الوعى بضرورة بناء الدولة العصرية بكل مكوناتها.. وصولا إلى تلك الأهداف.. وإذ نعى أن ما حققناه ليس إلا خطوات على مسيرة ممتدة.. فإننا عازمون على استكمالها رغم ما نواجهه من عقبات..وسوف يشهد العام الحالى إجراء الانتخابات التشريعية استكمالا لخارطة المستقبل.. ليضطلع ممثلو الشعب بمسئولياتهم فى الرقابة والتشريع فى المرحلة القادمة.. التى ستشهد بإذن الله تحقيق المزيد من تطلعات المصريين فى الحرية..والعيش الكريم.. والعدالة الاجتماعية.
وفى هذا السياق، لابد لى أن أشير إلى إطلاق الحكومة المصرية “استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر عام 2030” فى مارس من العام الحالى.. بالتزأمن مع الحراك الدولى للتوصل إلى أجندة طموحة للتنمية الدولية.. لما بعد عـام 2015.. والتى نأمل فى اعتمادها على نحو يأخذ فى الاعتبار المسئولية المشتركة فى مواجهة التحديات.. والتفاوت فى القدرات والموارد.. والتباين فى الإمكانيات والتنوع الثقافى.. فالتنمية حق من الحقوق الأساسية.. وإتاحته وتيسيره.. خاصة للدول النامية وأفريقيا..هو مسئولية جماعية لاسيما على الدول المتقدمة.
السيدات والسادة
إن الرؤية التى تطرحها مصر هى امتداد لمسيرة طويلة بعمر التاريخ الإنسانى ذاته.. أبدع المصريون خلالها واستوعبوا كل عابر على أرضهم.. فكان إسهامهم الذى ما يزال حاضرا فى شتى مجالات الحياة.. واليوم، تتطلع مصر لمزيد من المشاركة فى إرساء السلام والاستقرار على المستوى الدولى.. من خلال ترشحها للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن عن العامين القادمين.
إن ثقتكم فى دور مصر ستكون بإذن الله فى موضعها.. لأن مصر تقدر المسئولية التى تتحملها فى هذا المنعطف المصيرى.. تحقيقا لمصالح قارتها الأفريقية ومنطقتها العربية.. بل وشعوب العالم ككل.. ولإعلاء مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقيم السامية التى توافقت عليها الحضارة الإنسانية.
لقد شهدت ضفاف نيل مصر الخالد بناء اللبنات الأولى لتلك الحضارة الإنسانية وازدهارها.. كما ظلت مصر على مدى حقب طويلة.. مركزا للعلوم والفنون ومنارة لغيرها من الدول والشعوب.. ورغم ما مرت به مصر فى مراحل أخرى من صعاب.. وما عانته من كبوات.. يتوق شعبها اليوم أن يكتب التاريخ من جديد.. وإننى لعلى يقين من أنه بعون الله وبتوفيقه للمصريين.. سيكون بمقدروهم تحقيق أسمى تطلعاتهم لأنفسهم ولبلدهم.. ومن أجل منطقتهم.. بل ولخير العالم أجمع.
وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر
شكرًا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى
أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
نيويورك الدورة الـ71
20 /9/2016
السيد/ بيتر تومسون
اهنئكم على تولى رئاسة الجمعية العامة فى دورتها الواحدة والسبعين، متمنيًا لكم التوفيق فى إدارتها. كما أعرب عن التقدير للسيدموجينز ليكتوفت، رئيس الدورة السابقة على جهوده واسهاماته.
السيد الرئيس
تنعقد الدورة الحالية للجمعية العامة بعد أن أطلقنا مرحلة جديدة لتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها؛ البيئية والاقتصادية والاجتماعية، باعتمادنا لأجندة التنمية 2030، ووثيقة أديس أبابا لتمويل التنمية العام الماضى. ومما لا شك فيه أن تطلع الشعوب، خاصة النامية، لمستوى حياة لائق ونمو مضطرد لهو المسئولية الرئيسية التى نتحملها كقادة وضعت الشعوب ثقتها فينا، وحملتنا هذه المسئولية وفاء للمبادئ الإنسانية التى تقود مساعينا. ولكن التحديات والإمكانات المتاحة للدول النامية تحول دون الوفاء بمستوى الطموح الوارد فى أجندة التنمية، حيث تفتقر الدول النامية لفرص كافية لتحقيق التنمية المستدامة، إذ تحتاج إلى مناخ دولى مناسب، يتمثل فى نصيب أكبر من التجارة الدولية وآليات للتمويل ونقل للتكنولوجيا، وتدفق للاستثمارات ومعالجة المديونية، بالإضافة إلى ضرورة ايجاد المناخ المواتى للتنمية وطنيًا.
وتطالب مصر بدعم دور الدولة لضمان التوازن بين أبعاد التنمية المستدامة خاصة فيما يتصل بفعالية شبكات الحماية الاجتماعية، وتعزيز الملكية الوطنية للتنمية. كما تنوه مصر لأهمية تسخير المنظومة المالية العالمية من اجل نظام اقتصادى عالمى عادل يوفر فرصا متكافئة للتنمية ويساعد على تقليل الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية. حيث تعد الأمم المتحدة المحفل المناسب لتنأول هذه المسائل. وانطلاقا من ذلك، كانت مصر ضمن أول 22 دولة تتقدم بمراجعة طوعية لخططها التنموية فى يوليو الماضى.
لقد توصلنا العام الماضى لاتفاق قائم على مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ. وباعتبارى منسق مجموعة الرؤساء الأفارقة لتغير المناخ، أؤكد التزام أفريقيا بمواجهة تغير المناخ وفقًا لقدراتها، وتطلعها لتفعيل آليات التنفيذ للاتفاقات الخاصة بنقل التكنولوجيا والتمويل المستدام، ولذا أنشأت مصر المسار الخاص بمبادرة الطاقة المتجددة وطرحتها فى إطار رئاستها للجنة القادة الأفارقة المعنية بتغير المناخ، وتنفيذًا لقرارات الاتحاد الأفريقى ذات الصلة. وتؤكد مصر على أهميتها لتوجيه الدعم لأفريقيا، وعلى أن مواجهة تغير المناخ يجب أن تراعى الإنصاف والحق فى التنمية، والالتزام بمبادئ القانون الدولى واهمها عدم الإضرار وتعزيز التعاون، ومشاركة مختلف الدول فى المشروعات المطروحة، وفقا للقواعد المنظمة لمؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها البنك الدولى.
السيد الرئيس
بعدما أضحى العالم قرية كونية بفعل الآثار الايجابية لثورة تكنولوجيا الاتصالات وحرية تدفق رؤوس الاموال والاستثمارات والتجارة الدولية، ما زلنا نرصد وجها آخر للعولمة بما أفرزته من بعض التحديات الاجتماعية والاقتصادية، حيث ارتبط بها زيادة الفقر واتساع فجوة عدم المساواة واهتزاز العقد الاجتماعى بالعديد من الدول النامية، وقد وضع تضافر تلك العوامل ضغوطًا على تماسك الكيان المؤسسى لتلك الدول. ولعل تلك التحديات والضغوط تمثل أكبر حافز للمجتمع الدولى ليعمل بجدية على توفير أفضل السبل للمؤسسات فى كل دولة للاضطلاع بواجباتها والوفاء باحتياجات وطموحات شعوبها.
وفى وسط تلك التحديات التى يموج بها النظام الدولى، استطاع شعب مصر أن يفرض ارادته لتحقيق الاستقرار وحماية الدولة ومؤسساتها بل وتحصين المجتمع من التشرذم والانزلاق نحو الفوضى؛ فأقر دستورًا جديدًا يحمى الحقوق والحريات، التى شملها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، حيث كفل الدستور المساواة فى الحقوق على أساس المواطنة، ورسخ الحماية للفئات التى تحتاج رعاية، الأمر الذى سمح للمرأة بالفوز بعدد غير مسبوق من مقاعد مجلس النواب، ووسع تمثيل الشباب فى المجلس. وبدأ مجلس النواب بالفعل فى ممارسة سلطته التشريعية ومراقبة السلطة التنفيذية. وعلى الصعيد الاقتصادى تمضى مصر بثبات فى تنفيذ خطة طموحة للإصلاح الاقتصادى تراعى البعد الاجتماعى ومتطلبات الحياة الكريمة للشعب المصرى، كما تنفذ مشروعات قومية عملاقة لتوسيع شبكة الطرق وانشاء محطات الطاقة الكهربائية والمتجددة وتطوير البنية التحتية والقدرات التصنيعية وتوسيع الرقعة الزراعية.
السيد الرئيس
ما زالت منطقة الشرق الأوسط تموج بصراعات دامية، إلا أن مصر استطاعت أن تحافظ على استقرارها وسط محيط إقليمى شديد الاضطراب، وذلك بفضل ثبات مؤسساتها ووعى الشعب المصرى بموروثه الحضارى العميق، وهو أمر يتعين على المجتمع الدولى ادراكه ودعمه لما فى صالح المنطقة والعالم بأسره، لتستمر مصر كما كانت دوما ركيزة أساسية لاستقرار الشرق الاوسط، أخذا فى الاعتبار انها لا تألو جهدًا فى الاضطلاع بدورها الطبيعى فى العمل مع الاطراف الإقليمية والدولية لاستعادة الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط.
وعلى رأس النزاعات الدامية فى المنطقة، يستمر الوضع الأليم الذى تعيشه سوريا على مدار السنوات الماضية، والذى تسبب فى مقتل مئات الآلاف وتحويل الملايين إلى نازحين ولاجئين داخل أوطانهم وبالدول المجاورة، ومن بينهم نصف مليون سورى استقبلتهم مصر كأشقاء، يلقون معاملة المصريين فيما يتعلق بالرعاية الصحية والتعليم والسكن. أن نزيف الدم فى سوريا وغياب الأفق السياسى أمر لم يعد مقبولا استمراره. فالمطلوب واضح، وقف فورى وشامل لكل الأعمال العدائية فى جميع أنحاء سورية، يمهد لحل سياسى يحقن الدماء ويحفظ وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية ومؤسسات دولتها، ويحقق طموحات السوريين، ويمنع استمرار الفوضى التى لم تؤد إلا لتفشى الإرهاب. وفى هذا السياق، فإننا نرحب باتفاق وقف العدائيات الذى تم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة