عندما يفكر أى رجل صناعة فى عمل توسعات أو يرغب فى بدء استثمار جديد، فأكثر ما يمكن أن يمثل العقبة الأكبر هو الحصول على أراض صناعية لبدء نشاطه، مع سيطرة السماسرة على الأراضى الصناعية وهو ما أصبح يشكل صداعا فى رأس رجال الأعمال والصناعة، ويمثل ضرورة ملحة لتدخل حكومى جاد للسيطرة على هذه الظاهرة.
وخلال العامين الماضيين طرحت هيئة التنمية الصناعية 28.5 مليون متر مسطح أراضى صناعية للمستثمرين، بهدف زيادة المعروض من الأراضى الصناعية، فى محاولة للقضاء على ظاهرة السماسرة، ولكن يبدو أن عددا كبيرا من هذه القطع وقعت أيضا فى يد السماسرة ولم تصل لمستثمرين يسعون للتوسع أو بناء مشروع جديد، وهو ما أثاره مصنعون فى اجتماعين متتاليين عقدتهما هيئة التنمية الصناعية مع غرفتى صناعة الأخشاب والأثاث، والصناعات الهندسية باتحاد الصناعات الأسبوع الجارى.
هذا الرقم الضخم لحجم الأراضى المطروحة بحسب ما أعلنه أحمد عبد الرازق رئيس هيئة التنمية الصناعية خلال الاجتماعات، يعنى أنه تم بناء حوالى 5 آلاف مصنع فى المتوسط أو أنهم فى طور الإنشاء، وهو ما يغير من خريطة الصناعة فى مصر إن حدث ذلك، بحسب عمرو فتوح رئيس مجلس إدارة شركة بولى بلاست لصناعة ألواح البولى كربونيت.
عمرو فتوح هو رجل صناعة شاب يعمل فى إنتاج ألواح البولى كربونيت المستخدمة فى البناء والصوب الزراعية وتغطية حمامات السباحة، وغيرها من الاستخدامات، ويصدر منتجه إلى الخارج، لديه مصنع قائم بالفعل فى مدينة بدر، ويقترب حاليا من افتتاح مصنع جديد بالمدينة.
عمرو فتوح
يقول فتوح فى تصريحات لـ"اليوم السابع": "تقدمت 6 مرات إلى هيئة التنمية الصناعية للحصول على قطعة أرض لبناء المصنع فى مدينة بدر وفى كل مرة يقع الاختيار على سماسرة معروفون جيدا فى المدينة، واضطررت فى المرتين لشراء الأرض من سمسار لبناء المصنعين".
ويؤكد فتوح أن هيئة التنمية الصناعية تطرح الأرض للبيع بالتقسيط بسعر المتر 550 جنيها، فى حين يصل سعر البيع من السمسار للمستثمر لحوالى 2000 جنيه للمتر الواحد، مشيرا إلى أن فرق تكلفة شرائه قطعتى الأرض للمصنعين من سماسرة بلغ حوالى 25 مليون جنيها كانت تكفى لشراء خط إنتاج جديد بالكامل.
وكان لرئيس هيئة التنمية الصناعية أحمد عبد الرازق تبريره فى حصول السماسرة على الأراضى الصناعية التى تطرحها الهيئة، وهو أن "السمسار هو القادر على إعداد ملف ميخرش المية" بحسب ما قاله خلال اجتماع غرفة صناعة الأخشاب السبت الماضى، وعندما أثير الموضوع نفسه فى اجتماع غرفة الصناعات الهندسية حينما انتقد حسن مبروك رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية، زيادة بعض رسوم التراخيص الصناعية لأضعاف ضاربا المثل برسم التنازل الذى قفز من 500 جنيها إلى 131 ألف جنيه، وكان رد رئيس الهيئة أنها ستتضاعف أكثر بكثير لتضييق الحلقة على السماسرة.
رئيس هيئة التنمية الصناعية
وقال عبد الرازق أن هناك سماسرة حصلوا على أراضى صناعية قاموا بتسقيعها لأكثر من 15 عاما، فى حين لا يجد المصنعون أراضى لبناء مصانعهم، وردا على أسباب عدم سحب الهيئة للأراضى المسقعة، قال رئيس الهيئة: "قرارات السحب لا تفعل أصدرنا 2000 قرار سحب أراضى صناعية لم يفعل أغلبها".
وأضاف عبد الرازق: "حربنا الآن ضد السماسرة لأنهم الأقدر على تقديم ملف ميخرش المية"، متابعا أنه ليس من مصلحة الهيئة تسليم الأراضى الصناعية لسمسار، حيث يتم زيادة صعوبة إجراءات طرح الأراضى للسماسرة ووقف البيع أو التنازل، ولكنها "مافيا" على حد تعبيره.
ومن جانبه أكد أحمد حلمى رئيس غرفة صناعة الأخشاب والأثاث باتحاد الصناعات، أن موضوع الأراضى الصناعية على مكتب رئيس الجمهورية وسيكون هناك تنسيقا كامل فى منح الأراضى الصناعية من خلال هيئة التنمية الصناعية، خاصة وأن هناك دول تمنح الأراضى الصناعية للمستثمرين بالمجان.
أحمد حلمى رئيس غرفة صناعة الأخشاب
الرسوم التى رفعتها هيئة التنمية الصناعية لتضييق الحلقة على السمسار فى بيع أو التنازل عن أراضى صناعية أو عقارات، لن تكون مجدية بحسب حسن مبروك عضو لجنة الاستثمار باتحاد الصناعات ونائب رئيس شركة يونيفرسال، الذى أكد فى تصريحات لليوم السابع أن السمسار لن يضيره دفع 131 ألف جنيه كرسوم تنازل عن قطعة أرض صناعية، لأنه يربح الملايين من ورائها، مطالبا بضرورة دراسة جدوى المشروعات التى تقدم للهيئة للحصول على أراضى، وتحصيل مبالغ تأمين عن تخصيص الأرض منعا للتلاعب.
ويقترح رجل الصناعة الشاب عمرو فتوح، وضع قيود صارمة على تخصيص الأراضى الصناعية، منتقدا حديث رئيس الهيئة عن قدرة السمسار على إعداد ملف مكتمل لأن رجال الصناعة يلجأون لنفس المكاتب التى تعد لهم الأوراق لإعداد ملفاتهم، ويقوم السمسار باستصدار سجل تجارى "مضروب" وشراء دراسة جدوى من مكاتب معروفة سعرها 5 آلاف جنيه، للحصول على الأرض بموجبها، وفى النهاية تصل الأراضى الصناعية لأيدى التجار وليس المصنعين، ويصل ربح السمسار فى المتاجرة بقطعة أرض صناعية لأكثر من 5 ملايين جنيه، فهو ربح يتخطى تجارة المخدرات – على حد تعبير.
واقترح فتوح أن تقوم الهيئة بعمل استعلام عن المتقدمين للحصول على أراضى لضمان عدم المتاجرة بها، على غرار ما تقوم به وزارة الإسكان فى تخصيص الإسكان الاجتماعى، ومنع البيع على الأراضى بتوكيلات لمدة محددة، وأن يتم عمل المشروع بناء على دراسة الجدوى المقدمة للحصول على الأرض وحظر تغيير النشاط، مؤكدا أن المساحة الهائلة من الأراضى الصناعية التى طرحتها الهيئة خلال العامين الماضيين (28.5 مليون متر) إذا وصلت لمصنعين حقيقيين لن يكون هناك تعطش حقيقى للأراضى الصناعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة