فى لقاء عائلى جميل ضمن لقاءات عيد الأضحى المبارك، جلست مع أخواتى وإخوتى وأبنائهم فى جلسات مسامرة ودردشة، وكمثل هذه اللقاءات، كانت الأحاديث عفوية بامتياز، وعشوائية بامتياز أيضا، ندخل فى موضوع وقبل أن نخرج منه ندخل فى موضوع آخر، وتتنوع المناقشات ما بين الحديث عن الصحة والحال والأسعار والتغيرات الاجتماعية، وحتى ذكر ما دار فى العائلة من أحداث كبيرة أو صغيرة، وما مر به بعض أفراد العائلة من مواقف طريفة، ولأ، الحديث كان عشوئيا بامتياز وجدنا أنفسنا نتحدث عن الفروق بين جمال الممثلات، عاقدين مقارنة ما بين جمال فاتن حمامة وجمال سعاد حسنى، وجمال شادية مقارنة بجمال نادية لطفى، ثم اختلفنا، أيهما أجمل، ليلى طاهر أم مريم فخرالدين، فاحتكمنا إلى سعد محمد سعد ابن أخى الذى يقترب من عامه العشرين وسألته: أيهما أجمل يا سعد؟ فقال لى: يا عمى أنا لا أعرف هذه ولا تلك.
هكذا بكل عفوية وتلقائية، يجهل ابن اخى ممثلتين كبيرتين حفرتا اسميهما فى تاريخ السينما المصرية بكل نصاعة، ولأنى من عشاق التاريخ ومن مدمنى قراءته أعرف تماما أن تلك الحالة ليست غريبة عن المجتمعات، وأن ما يحسبه جيل خالدا فى ذاكرة الأمم ربما يتحول عند جيل آخر إلى هامش باهت يصارع ماكينات المحو، فحالة «سعد» هذه تكاد تنطبق على كل أفراد جيله، بل على كل الأجيال المتعاقبة، فعلى سبيل المثال أطالع هذه الأيام كتابا بعنوان «الموسيقى الشرقية والغناء العربى» لـ«قسطندى رزق»، وأرى كيف كتب هذا الكاتب كتابه فى آخر عصر الملك فؤاد وأول عصر الملك فاروق «1936»، معتبرا أن الفنان الرائد عبده الحامولى هو الموسيقى الأول فى تاريخ العرب، مؤكدا أن الزمان لن يجود بمثله، وما هى إلا سنوات قليلة حتى خفت هذا الاسم تماما ولم يعد يذكر إلا فى كتب التاريخ وأحاديث المسنين، وقس على هذا آلاف المواقف وآلاف الشخصيات، لكن السؤال هنا هو أن توارى اسم عبده الحامولى مثلا لم يتحقق إلا بأسماء مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش، فلصالح من تتوارى أسماء مثل «ليلى طاهر» و«مريم فخر الدين»؟
هذا هو السؤال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة