الديكتاتور العثمانى يختطف تركيا إلى العصور الوسطى.. "أردوغان" يخضع جميع أجهزة الدولة لإشراف الرئاسة.. يفرض الطوارئ دون الرجوع للبرلمان للبطش بمعارضيه.. يرسخ لبقائه فى الحكم حتى 2028.. و5 تحديات دبلوماسية تؤرقه

الإثنين، 09 يوليو 2018 07:30 م
الديكتاتور العثمانى يختطف تركيا إلى العصور الوسطى.. "أردوغان" يخضع جميع أجهزة الدولة لإشراف الرئاسة.. يفرض الطوارئ دون الرجوع للبرلمان للبطش بمعارضيه.. يرسخ لبقائه فى الحكم حتى 2028.. و5 تحديات دبلوماسية تؤرقه الديكتاتور العثمانى يختطف تركيا إلى العصور الوسطى
كتب محمد رضا – أ ف ب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدأ الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، اليوم الاثنين، ولاية رئاسية جديدة مدتها 5 سنوات عقب أدائه اليمين الدستورية، لتنتقل بذلك تركيا رسميًا إلى النظام الرئاسى فى ضوء تعديل دستورى تم تبنيه إثر استفتاء فى أبريل 2017، والذى يضمن للديكتاتور العثمانى صلاحيات واسعة ندد بها منتقدوه كونه يحكم البلاد بشكل متسلط، الأمر الذى تزايد خلال العامين الماضيين منذ تحركات الجيش التى هزت حكمه.

وتبدأ هذه الولاية الرئاسية الواسعة الصلاحيات بعد حوالى عامين على تحركات الجيش فى 15 يوليو 2016، والتى تلتها حملات اعتقالات واسعة ولاسيما فى صفوف القوات المسلحة والشرطة والإدارات الرسمية، وأدت إلى توقيف وإقالة عشرات آلاف الأشخاص، وآخر تلك الحملة كان أمس الأحد، حينما أعلن عن إقالة أكثر من 18 ألف شخص معظمهم من الجنود والشرطيين بموجب مرسوم دستورى قدم على أنه الأخير فى ظل حال الطوارئ التى أعلنت عقب تحركات الجيش.

 

 

صلاحيات معززة وحكومة أصغر لولاية أردوغان الرئاسية الجديدة

ومع بداية الولاية الرئاسية الجديدة لـ"أردوغان"، رسميًا اليوم، تجدر الإشارة هنا إلى الصلاحيات الواسعة التى سيتمتع بها الرئيس التركى على مدار 5 سنوات وفقًا التعديلات الدستورية، حيث قضت تلك التعديلات بنقل الجزء الأساسى من الصلاحيات التنفيذية إلى الرئيس الذى سيعين بنفسه الوزراء، اعتبارا من اليوم الاثنين، كما سيُلغى منصب رئيس الوزراء الذى يتولاه حاليًا "بن على يلديريم".

ومن جهة أخرى، ستسمح التعديلات الدستورية - التى تواجه بانتقادات واسعة من قبل المعارضة التركية - للرئيس بالتدخل مباشرة فى عمل القضاء، إذ سيختار بشكل مباشر أو غير مباشر 6 أعضاء فى "المجلس الأعلى للقضاة والمدعين" الذى يتولى التعيينات والإقالات فى السلك القضائى، فيما يعين البرلمان 7 أعضاء.

 

أردوغان يشكل حكومة أصغر عددًا

وبحسب مقطع فيديو نشره أردوغان على حسابه على موقع "تويتر"، خلال حملته الانتخابية، ستضمّ الحكومة الجديدة 16 وزارة مقابل 26 فى الحكومة الحالية من دون احتساب رئيس الوزراء، وهذا يعنى دمج وزارات عدة مثل وزارة الشؤون الأوروبية التى ستصبح جزءًا من وزارة الخارجية ووزارة الجمارك والتجارة التى ستُدمج بوزارة اقتصاد أوسع، وإضافة إلى الوزارات، ستستعين الرئاسة أيضًا بـ9 لجان متخصصة فى مجالات عديدة مثل التعليم والسياسات الاقتصادية والشئون الدولية والأمنية، كما ستشرف الرئاسة أيضًا على هيئات أخرى مثل الاستخبارات والشئون الدينية اللتين تتبعان حتى الآن لمكتب رئيس الوزراء.

 

حالة الطوارئ سلاح "أردوغان" لزيارة بطشه ضد معارضيه

ورسخ "أردوغان" لتحديد سبل واضحة لتأمين وحماية نفسه ضد أى محاولات للانقلاب عليه بعد توحشه فى استغلال السلطات، وسن تلك الوسائل وفقًا للإصلاح الدستورى، الذى ينص على أنه يمكن فرض حالة الطوارئ عند حصول "انتفاضة ضد الوطن" أو "أعمال عنف تهدد بانقسام الأمة"، وفى هذه الحالة سيكون الرئيس صاحب القرار فى فرض حالة الطوارئ قبل عرض القضية على البرلمان، وتنظم هذه العملية بأنه لا يمكن فرض حالة الطوارئ لأكثر من 6 أشهر فى المرة الأولى، لكن يمكن تمديدها لـ4 أشهر على الأكثر فى كل مرة.

 

ارتفاع عدد أعضاء البرلمان فى الولاية الجديدة لرئاسة أردوغان

وانتقالًا إلى البرلمان، فإن عدد النواب سيرتفع من 550 إلى 600، وسيخفض الحد الأدنى لسن الترشح للانتخابات من 25 إلى 18 سنة، كما سيتم تنظيم انتخابات تشريعية بالتزامن مع الرئاسية مرة كل 5 سنوات بدلًا من 4 سنوات، إلا أن البرلمان سيحتفظ بسلطة إقرار وتعديل وإلغاء القوانين والتشريعات، وستكون لدى البرلمان صلاحيات الإشراف على أعمال الرئيس، لكن الأخير يحظى بسلطة اصدار المراسيم الرئاسية حول كل المسائل المتعلقة بصلاحياته التنفيذية، ولا يمكن بالمقابل للرئيس اصدار مراسيم فى مسائل ينظمها القانون بشكل واضح، وإذا اتهم الرئيس أو حامت حوله شبهات بارتكاب جنحة، فيجوز للبرلمان أن يطلب فتح تحقيق على أن يكون ذلك بأغلبية ثلاثة أخماس الأعضاء.

 

هل يبقى "أردوغان" رئيسا حتى العام 2028؟

وإلى جانب ضمان الحماية والاستحواذ على جميع السلطات، استحدث "أردوغان" نصًا دستوريًا جديدًا ضمن الإصلاحات الدستورية سالفة الذكر، تجعله غير ملزمًا بقطع صلاته بحزبه، وإضافة إلى ذلك سيتولى رئاسة البلاد لولاية من 5 سنوات يمكن تجديدها مرة واحدة، وبالنسبة لـ"أردوغان"، لن تحتسب الولاية الرئاسية التى بدأها مع انتخابه فى أغسطس 2014 فى ظل النظام القديم، بعد 12 عامًا أمضاها فى منصب رئيس الوزراء، لذا يمكن أن يبقى أردوغان، البالغ من العمر 64 عامًا، فى منصب الرئاسة إذا اعيد انتخابه، حتى 2028.

 

 

5 تحديات دبلوماسية يواجهها "أردوغان" فى ولايته الرئاسية الجديدة

وبالنظر إلى السياسات والعلاقات الخارجية، سنجد أنها أكثر صخبًا وقلقًا بالنسبة للرئيس التركى، بسبب اسلوبه الصدامى المتبع فى سياسة أنقرة الخارجية، ما جعل كثير من المحللين والمراقبين لا يستبعدون أن يسعى إلى تسويات، خاصة بعد التوتر الحاد الذى أصاب علاقة تركيا مع الدول الغربية بالتوازى مع تقارب بين رجب طيب أردوغان والرئيس الروسى فلاديمير بوتين.

 

تعقد العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة

لذا يستهل "أردوغان"، الفترة الرئاسية الجديدة بالعديد من التحديات على مستوى السياسات الخارجية، وبالتركيز على العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، اللتين تملكان أكبر جيشين فى حلف شمال الأطلسى، نجد أنها أصحبت معقدة بسبب الخلافات حول الملف السورى، ومصير الداعية فتح الله جولن المقيم فى المنفى فى الولايات المتحدة، والذى تصر أنقرة على تسليمه لها لاتهامه بالوقوف خلف تحركات الجيش فى يوليو 2016.

كما يؤدى دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية إلى توتر فى العلاقات مع أنقرة التى تعتبر هذه المجموعة المسلحة منظمة "إرهابية" تهدد حدودها، وقال الباحث فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى سونر كاجبتاى، إن أردوغان قد يبقى على خطه المتشدد فى هذه القضية إذ أنه بحاجة إلى دعم حلفائه القوميين المتطرفين للاحتفاظ بغالبيته البرلمانية، ومع ذلك، يرى محللون أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم تنازلات رغم التوتر، كما يتضح من تسليم أول طائرة من طراز "إف 35" إلى تركيا فى نهاية يونيو الماضى.

 

أردوغان يتقرب من روسيا على حساب علاقاته مع الغرب

وفى ملف آخر على نفس المستوى، فإنه رغم قرون من التنافس الشديد بين القوتين التركية والروسية، أقام أردوغان والرئيس فلاديمير بوتين، علاقة شخصية وثيقة فى السنوات الأخيرة، وتخطيا أزمة دبلوماسية خطيرة فى أعقاب إسقاط أنقرة مقاتلة روسية فوق الحدود السورية فى 2015.

وتوصلت أنقرة وموسكو إلى اتفاق بشأن شراء تركيا منظومة صواريخ "إس 400" الروسية التى لا تتماشى مع منظومة الدفاع الخاصة بالحلف شمال الأطلسى، وكان بوتين أحد أوائل الزعماء الأجانب الكبار الذين هنئوا الرئيس التركى على إعادة انتخابه، لكن الباحث فى برنامج الدراسات حول طريق الحرير جاريث جنكنز، يعتبر أنه "سيتعين على أردوغان الاختيار بين الولايات المتحدة وروسيا، وسيدفع ثمنًا، مهما كان خياره".

 

أزمة الملف السورى تواجه "أردوغان" فى ولايته الرئاسية الجديدة

وإقليميًا، دعمت تركيا بقوة المعارضين ضد الرئيس السورى بشار الأسد، رافضة أى حوار مباشر مع دمشق، وذلك منذ بداية الأزمة التى تحولت إلى نزاع دام فى سوريا المجاورة عام 2011، لكن بمواجهة اتساع بقعة النزاع لتصل إلى أراضيها مع تدفق أكثر من 3 ملايين لاجئ وتمركز جماعات مسلحة على حدودها وخصوصا من الأكراد، تخوض أنقرة حاليًا حملة عسكرية فى سوريا وتسعى إلى تسريع عودة السوريين إلى بلادهم.

ويقول آرون شتاين من مكتب "المجلس الأطلسى" (اتلانتيك كاونسل)، إن تركيا توصلت إلى "صيغة" مع الأسد تمر عبر موسكو، متخلية عن أى مساع لتغيير النظام، وأضاف "يقبل الأتراك بقاء النظام فى السلطة، لكنهم مصممون على إقامة منطقة نفوذهم الخاصة على طول الحدود لتكون بمثابة فاصل".

 

توتر العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبى

ولم تكن العلاقات مع الغرب أفضل من سابقيها، حيث تمر العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبى بفترة صعبة خصوصًا منذ محاولة تحركات الجيش ضد أردوغان، فى يوليو 2016، والتى لحقها قيام أنقرة حملة تطهير واسعة، ما يثير قلق بروكسل، إلا أن الدبلوماسى التركى أوزدم سانبرك، مقتنع بأن عهدًا من التسويات سيبدأ وأن العلاقات سترتكز على أسس أكثر متانة.

ومن الملف المضطربة فى ظل عدم استقرار العلاقات التركية الأوروبية، ملف الهجرة، حيث أبرمت أنقرة مع الاتحاد الأوروبى عام 2016 اتفاقًا حول الهجرة أدى إلى خفض كبير فى أعداد المهاجرين الذين ينتقلون من تركيا إلى أوروبا، لكن أردوغان الذى لم يفاوض بشكل مباشر على الاتفاق هدد مرارًا بإرسال ملايين المهاجرين إلى أوروبا، ومن جهته، يعتبر الباحث فى برنامج الدراسات حول طريق الحرير جاريث جنكنز، أن أنقرة باتت من حيث موقعها هذا معرضة لارتكاب أخطاء دبلوماسية، ويرى أن على "أردوغان" أن يبدأ بتعيين أشخاص يفهمون السياسة الخارجية وعلى استعداد لقول الأمور كما هى بصراحة له.

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة