محمد الدسوقى رشدى

الرئيس لا ينسى.. ملف تجديد الخطاب الدينى فى خطر

الثلاثاء، 31 يوليو 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تبدو الأمور واضحة فى أجندة الرئيس، بعض الأولويات لا تنسى ولا يدفنها الزمن حتى وإن لم يكتب لها السير فى خطها المنتظم أو تحقيق هدفها الأكبر.. الرئيس لا ينسى وتلك ميزة كبرى, خاصة إذا تعلق الأمر بملف مهم وقضية شائكة مثل تجديد الخطاب الدينى.
 
قبل 4 سنوات من الآن فعلها الرئيس بشجاعة لا يمكن إنكارها وتحدث عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى لمواجهة التطرف والإرهاب، والشجاعة هنا محلها أن هذا الملف تحديدا لم يجرأ أحد من رجال السلطة أو السياسة على طرحه صراحة، بعد سنوات كان أهل النخبة والفكر فى مصر يصرخون بإلحاح على ضرورة فتح هذا الصندوق المغلق.
 
الرئيس يعود مجددا بعد كل هذه السنوات ليطرح الملف مرة أخرى بتصريح واضح وصريح فى المؤتمر السادس للشباب، وكأنه أراد استغلال قبعة جامعة القاهرة التى قادت عملية التعليم والتنوير فى مصر ليذكر الناس بأنه لم ينسَ الملف الأهم حينما قال: الذين يخشون على الدين من تجديد الخطاب الدينى ويخشون ضياع الدين، هل هنالك ضياع للدين أكثر مما نحن فيه الآن؟ أن تكون أمة فكرها مبنى أن الحرب هى القاعدة والسلام هو الاستثناء.
 
مناقشة دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى وتقويم المتطرف من أفكاره أو نسفها، أمر يستدعى منك تجردا تاما، سواء كنت مع السيسى أو ضده.
 
بداية هذا التجرد اعتراف بأننا فى مصر عشنا سنوات طويلة ننتظر قرارا حاسما بمد اليد فى تلك البحيرة العكرة التى تملؤها دعوات دينية متطرفة ومتخلفة.
 
دفع مثقفون ومفكرون ورجال دين أثمانا غالية حينما طلبوا ذلك من مبارك، فرد عليهم المخلوع السابق بفتح المجال أمام مزيد من الفضائيات للسلفيين والانتشار لشيوخ التيارات المتطرفة، وكثير من التهميش لدور الأزهر والدعاة المعتدلين، ومن بعد مبارك جاء مرسى وإخوانه ووعدوا الناس بتجديد للخطاب الدينى ولما تجاوب المفكرون ورجال الدين مع دعوتهم اكتشفوا أن الإخوان أرادوا احتكار الدين تحت مظلة تجديد خطابه.
 
ثم جاء السيسى فى وقت ميلاد رغبة مجتمعية بضرورة تجديد الخطاب الدينى لحمايته من الاحتكار أو استغلاله فى السياسة أو استخدامه للتكفير أو تبرير أعمال الذبح والإرهاب، كانت مجرد دعوة تقول بأن الأوان قد حان لفتح باب الاجتهاد والتجديد، دون أن يخص بها أحدا أو يمنحها فرصة لمؤسسة ما لكى تسيطر.
 
وكعادة أى دعوة يطلقها رأس الدولة، تلقفها مستغلون مثلما تلقفها المخلصون، المخلصون انطلقوا فى هدوء لطرح أطروحاتهم الدينية ومشاكلهم مع الخطاب السلفى والداعشى وبعض أزمات كتب التراث، وأصحاب المصالح انطلقوا فى شتات بلا قيود، بلا منهج، يسفهون ويعلون من سقف انتقاداتهم للدين، لا لرجاله المتطرفين، بالشتائم والسخرية ظنا منهم أن ذبح الماضى سيكون قربانا للتقرب من السلطة.
 
هؤلاء تحديدا انطلقوا فى الفضائيات واستخدموا ألفاظ هتك العرض والحرق، لوصف كتب التراث والأئمة الأربعة، فى قضية أصلها كان الدعوة لتجديد الخطاب الدينى ونقله من مرحلة الإقصاء والتطرف السلفى إلى مرحلة الموعظة الحسنة ومواجهة الفكرة بالفكرة لا بالسيف أو السخرية، وجلب ذلك عليهم تململا شعبيا وغضبا مجتمعيا، لأن شعورا تسرب للناس بأن الذين تصدوا لمعركة التنوير شتامون أكثر من كونهم مفكرين.
 
بعضهم فى الفترة الماضية أراد أن يحاكم الرئيس ويحاسبه على دعوته التى طالما انتظروا معنا قبل 25 يناير أن نسمع مثلها ولم يحدث، والكل يعلم فى ظل حالة الشراهة للشهرة، وفى ظل حالة الارتباك الأزهرى، وفى ظل غياب منهج واضح فى هذا الملف داخل وزارة الأوقاف أن الخطاب الدينى لن يتم إصلاحه فى يوم وليلة، والكل يعلم أيضا أن المؤسسات الدينية والثقافية وأهل النخبة خذلوا الرئيس فى دعوته التى ألقاها بين أيديهم ليمارس أهل الاختصاص عملهم بحرية، لذا وجب الآن استغلال عودة الرئيس لطرح ملف تجديد الخطاب الدينى لتصحيح مسار الدعوة الرئاسية الأولى بخلق أرضية قوية لبناء هيكل قوى ومنظم لتجديد الخطاب الدينى يقطع الطريق على مجموعة المنتفعين، والمستغلين، وأصحاب الهوى والغرض، والغرض كما تعلمون مرضا، وكل مرض وله دواء، ودواء الغرض أن تغلق الأبواب فى وجه أصحابه، وتمنح مساحات البراح للمخلصين.. المخلصون فقط.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة