يعانى نظام حكم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من مشاكل لا حصر لها، ويكاد نعش نظامه لا يخلو من المسامير التى تزداد يوما من بعد يوم، لكن أقوى تلك المسامير هى حركة فتح الله جولن تلك التى حققت انتشار ونفوذا لم يسبق له مثيل فى أهم عواصم العالم، وأخيرا فى برلين قلب القارة الأوروبية التى طالما سعى أردوغان للانضمام إليها.
ما بعد صيف 2016
بعد تحرك ضباط الجيش التركى لإزاحة رجب طيب أردوغان عن السلطة فى صيف 2016، تم طرد العديد من أنصار رجل الدين المسلم المنفى فتح الله جولن من البلاد، التى تحكم بموجب دستور جديد أعد خصيصا لتوسيع صلاحيات الرئيس، لكن فى ألمانيا يبقى الوضع مختلفا تماما خاصة بعد أن بدأت حركة جولن فى اكتساب نفوذ متزايد لا يعد إلا كونه مسمارا فى نعش الرئيس.
فتح الله جولن
وقالت شبكة دويتش فيلله الألمانية الرسمية فى تقرير لها بثته من خلال موقعها على الإنترنت يوم الجمعة إنه عندما سحقت الحكومة التركية محاولة إطاحة بأردوغان فى 15 يوليو 2016، ألقى الرئيس رجب طيب أردوغان باللائمة على أنصار فتح الله جولن، وهو رجل دين مسلم فى المنفى الاختيارى فى الولايات المتحدة. كان هناك الكثير من الشائعات حول تورطه فى أحداث تلك الليلة، لكن السلطات فى أنقرة فشلت حتى الآن فى تقديم أدلة قاطعة لإثبات ذلك.
ومع ذلك فمن غير المختلف عليه أن مؤيدى جولن شغلوا من قبل العديد من المناصب فى جهاز الدولة التركى، واستخدموها لصالحهم والتى تحملها حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا، حتى اختلف أردوغان وجولن.
جولن فى تركيا من الداخل
بعد محاولة الإطاحة بأردوغان التى لم تتم، أمر الرئيس بتطهير غير مسبوق لجهاز الدولة. وتم طرد حوالى 100 ألف موظف مدنى وسجن 40000، ومعظم هؤلاء الأفراد يشتبه فى أنهم أعضاء أو متعاطفون مع حركة جولن، واضطر عشرات الآلاف إلى الفرار من البلاد.
السلطات التركية تلقي القبض على آلاف المعارضين
كما اضطرت العديد من المدارس التابعة لـ"جولن" البالغ عددها نحو 800 مدرسة فى تركيا وفى جميع أنحاء العالم إلى الإغلاق. وضغطت السلطات التركية على البلدان الإسلامية على وجه الخصوص، مثل كوسوفو وماليزيا؛ لإغلاق هذه المدارس وطرد المعلمين الأتراك الذين يعملون بها.
أما فى ألمانيا وفى هذه الأثناء، فإن الوضع أكثر ملاءمة لمؤيدى جولن، أولئك الذين يتمتعون بدعم واسع النطاق من وسائل الإعلام الألمانية والشخصيات السياسية وحتى الكنائس المسيحية فى البلاد، كما تكشف الأبحاث التى أجرتها دويتش فيلله أنه يُنظر إلى مؤيدى جولن على أنهم ضحايا تطهير أردوغان الذى لا هوادة فيه، على الرغم من أن جولن نفسه يعتنق نسخة محافظة من الإسلام تحمل "أسلمة الحياة وكل مؤسساتها"، كما يكتب هو فى أحد كتبه.
جولن فى ألمانيا
ولفتت الشبكة فى التقرير إلى ما قاله برونو كال، الذى يرأس جهاز المخابرات الأجنبية فى البلاد، BND، حيث اعتبر الحركة "رابطة مدنية غير ضارة لغرض التعليم الدينى والعلمانى"، وفقا لقوله.
وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية
وفى عام 2014 شرع روجر لوينتز، وزير الداخلية فى ولاية راينلاند بالاتينات، فى ذلك الوقت، فى إنشاء مجموعة عمل تربط بين مختلف أجهزة الاستخبارات على مستوى الدولة للنظر فى حركة جولن. وتوصلت المجموعة إلى أنه "لا توجود أدلة تشير إلى أن الحركة تشكل تهديدًا للنظام السياسى فى ألمانيا".
حول جولن نفسه
ولد فتح الله جولن فى تركيا عام 1941، ويبلغ من العمر نحو 77 عاما، وفى العام 1999 انتقل للإقامة فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقيم فى منطقة جبال بوكونو فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية حتى الآن.
يولا جيلبيك عضو البوندستاج الألماني
ويقيم جولن فى أمريكا تلك التى يعتبرها منفاه الاختيارى، ومن النادر أن يدلى بتصريحات أو مقابلات لوسائل الإعلام، بالرغم من أن حركته استقطبت قطاعات كثيرة من المجتمع التركى، وفى الخارج، كما يدير استثمارات بمليارات الدولارات، خاصة فى مجال التعليم الخاص.
وتكمن المفارقة الكبيرة فى صراع أردوغان وجولن أن الأخير كان حليفا مقربا للأول، لكنهما الرجلين اختلفا منذ بدأ أردوغان يستشعر الخطر من أن تكون حركة جولن بمثابة كيان مواز للدولة التركية داخل البلاد، وعليه منذ العام 2003 بدأ الصراع بين الرجلين ويعد جولن أخطر عناصر التهديد التى يواجهها نظام أردوغان الهش.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة