"يعتبر بيتاً للعاهرات كل محل تجمتع فيه امرأتان أو أكثر من المتعاطيات عادة فعل الفحشاء ولو كانت كل منهن ساكنة فى حجرة منفردة منه أو كان اجتماعهن فيه وقتيا".. كان ذلك نص المادة الأولى من لائحة بيوت العاهرات الصادرة فى 19 نوفمبر عام 1905، والتى ألغت اللائحة الصادرة قبلها بـ9 أعوام وتحديداً فى عام 1896.
قصة الدعارة فى مصر شهدت تطورات عديدة، وكان أبرزها خلال فترة الحرب العالمية الأولى، والتى استغل بعض القوادين الاضطرابات التى عانت منها منطقة الشرق الأوسط - بل والعالم أجمع - من أجل تهريب عدد كبير من الفتيات الأجنبيات إلى مصر للعمل فى مجال الدعارة، مستغلاً الامتيازات التى يتمتع بها الأجانب فى مصر، وخلال سنوات قليلة ظهرت أحياء عرفت بالدعارة، بعضها اختص بالأجنبيات كحى "وش البركة" وآخر اختص بالمصريات كحى "الوسعة"، وتمددت تلك المهنة لتشمل مناطق أخرى كحى "زينهم" وشارع "كلوت بك"، وجميعها بوسط القاهرة.
ترخيص فتح محال عاهرات
لم يكن الرأى العام فى مصر على وفاق مع تلك المهنة، منذ تقنينها فى 11 نوفمبر 1882 بصدور منشور نظارة الداخلية، وخلال سنوات عديدة عبر فيها الشعب عن حنقه وسخطه من استمرار تقنينها، خاصة بعدما بلغ عدد العاملين فيها خلال عام 1936 نحو 802 عاهرة مقارنة بـ736 خلال عام 1931، وفقاً لأشرف توفيق فى كتابه "جرائم المرأة.. العالم السرى للنساء"، ونتيجة للاحتجاجات الشعبية الواسعة التى شهدتها البلاد، اضطرت الحكومة فى عام 1935 إلى تشكيل لجنة فحص قضية "الدعارة الرسمية".
بدأت اللجنة المشكلة لفحص قضية الدعارة عملها، وتباينت آراء أعضاء اللجنة بين مؤيد لاستمرار تقنين الدعارة رسمياً، ومعارض لها ومطالب بضرورة إلغائها، وكان لكل طرف أسبابه الذى وجدها منطقية، فالفريق الأول (المؤيد)، دلل على رأيه بأن البغاء رذيلة ترجع إلى ضمير الإنسان ولا يجوز للقانون أن يحكم قواعد الأخلاق ويتدخل بالعقاب إلا بالقدر الذى تتعرض فيه حقوق الغير للضرر.
ممارسة البغاء قديماً
كما دلل الفريق الأولى على رأيه، بأن البغاء لا يتضمن إلا ممارسة الشخص لحق لا يجوز إسقاطه، وهو حق الإنسان فى نفسه وحق الإنسان فى جسده، وأن الباغية ضحية للمجتمع الذى تعيش فيه ولا يجوز تحميلها مسئولية عمل ليست إلا مجنياً عليها فيه، وأخيراً فإن البغاء لا يقع إلا فى الخفاء ولذلك يقتضى إثباته تدخلاً خطيراً فى حياة الناس الخاصة واتخاذ إجراءات قد تهدر حرمات الشرفاء.
فيما جاءت حجة الفريق الثانى (المعارض)، لتدحض آراء الفريق الأول، فقد استندوا إلى أن تجريم البغاء لا يرجع إلى كونه رزيلة ولكن لخطورته على الأمن والصحة والآداب العامة، ولتقويضه فكرة الزواج والعائلة، وإن حرية الإنسان فى استخدام جسده لا يجب أن يعرض المصلحة العامة للخطر، وأنه إذا كان البغاء وليداً للظروف الاجتماعية؛ فإن هذه الظروف ذاتها أحد أسباب باقى الجرائم فإذا تم التغاضى عن معاقبة الباغية فلا يجب معاقبة المجرم.
ممارسة مهنة البغاء قديماً
وحاجج الفريق الثانى الأول بقوله، إنه إذا كان البغاء لا يحدث إلا بطلب الرجال فإنه لا يصلح تعليلاً لعدم العقاب عليه، إذا أن تاجر المخدرات لا يبيعها إلا لمن يطلب شراءها، وأخيراً فإنه ليس البغاء وحده هو الذى يقع فى الخفاء، فهنالك جرائم أشد منه خفاء واستتاراً، ولم ينجها ذلك من الكشف عنها وإقامة الأدلة على وقوعها.
وبعد ثلاث سنوات من الفحص والتمحيص والاختلاف، انتهت اللجنة رسمياً بإصدار توصية بضرورة إلغاء الدعارة؛ واعتمد مجلس الوزراء تلك التوصية بالإلغاء التدريجى منذ عام 1939، حتى ألغيت تماماً بالأمر العسكرى رقم 76 سنة 1949، ثم صدر أول قانون بشأن مكافحة الدعارة وهو القانون رقم سنة 1951 ثم بعد ثورة يوليو صدر القانون رقم 10 لسنة 1960 لجرائم الدعارة.
صورة تجسد شوارع البغاء
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد علي
وتمددت تلك المهنة لتشمل مناطق أخرى كحى "زينهم" وشارع "كلوت بك"، وجميعها بوسط القاهرة.
دي احلى جمله ..ههههههه