انطلقت مساء أمس، الأربعاء، فى المملكة السعودية، الدورة الثانية عشرة من سوق عكاظ، أحد الأسواق الثلاثة الكبيرة التى اشتهرت قديما لدى العرب، وتستمر الفعاليات حتى 13 يوليو المقبل برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
وأقيم حفل الافتتاح فى موقع السوق القديم بمحافظة الطائف بحضور الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، والأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطنى، رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ، وبمشاركة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافية، حيث إن مصر ضيف شرف سوق عكاظ لهذا العام، ونخبة من المسئولين ورجال ونساء الفكر والثقافة والإعلام من مختلف الوطن العربى.
شمل حفل الافتتاح لوحات شعرية وغنائية ومسرحية مستوحاة من التراث العربى بمشاركة عدد من الفنانين السعوديين منهم المطرب محمد عبده والممثل فايز المالكى.
وتم خلال الافتتاح تسليم جوائز سوق عكاظ السنوية التى تُمنح فى مجالات الأدب والشعر والخط العربى والفنون التشكيلية والابتكار وريادة الأعمال، حيث حصل ثلاثة مصريون على ثلاث جوائز فى هذه الدورة من سوق عكاظ فى الأدب والخط العربى.
من جهته أكد مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل من خلال كلمة له بمناسبة افتتاح الدورة الثانية عشرة أن سوق عكاظ وصلت إلى مكانة مرموقة ورائدة ليس على مستوى المملكة وحسب، وإنما أيضًا على مستوى الوطن العربى، مشيدًا بجهود الأمير سلطان بن سلمان فى تطوير السوق وإنشاء مدينة سوق عكاظ التى ستكون إحدى الوجهات السياحية الاقتصادية المهمة.
وقال: "فى هذه المناسبة الكبيرة والتى تعد نقلة نوعية فى فعاليات سوق عكاظ السنوية، أحب أن ألقى الضوء على هذا المشروع فى هذا العهد العظيم فى المملكة العربية السعودية؛ فسوق عكاظ كما تعلمون كان حاضرًا فى الجاهلية وفى صدر الإسلام، ثم اندثر كما اندثرت كثير من الأشياء ومن الأسواق التى كانت معروفة، ولكن سوق عكاظ يتميز عن غيره من الأسواق بشخصيته الفكرية والأدبية.
وتابع: وكان من اهتمامات الملك فيصل رحمه الله هو تحديد موقع السوق الذى كان بالسابق، وبالفعل شكلت لجنة كلفهم الملك فيصل يرحمه الله بتحديد سوق عكاظ فى الطائف، وأتذكر أننا فى يوم من الأيام خرجنا مع الملك فيصل وهو يزور هذه المنطقة فى شعيب بجانب سوق عكاظ"، وأشار إلى هذا الموقع الذى فيه سوق عكاظ اليوم، وقال هذا هو موقع سوق عكاظ فى السابق.
وأشار "الفيصل": "بعد ذلك عندما تشرفت بخدمة هذه الدولة تحت قيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز فى منطقة مكة المكرمة، وعندما كنت فى زيارة للطائف سألتهم عن سوق عكاظ، وقالوا لم يحدث شىء، ولكن هناك دعوة من أهالى الطائف للملك عبد الله لحفل فى الموقع، فاتصلت بالملك عبد الله وأخبرته بذلك، وانتهزت الفرصة بدعوة حضور سوق عكاظ، فأجابنى رحمه الله بأنه يقبل الدعوة، وأنه ينبنى بحضورها وبالفعل أقمنا أول فعالية لسوق عكاظ فى الطائف بتلك الموافقة وعملنا حفلاً واخترنا شاعرًا لعكاظ وهو الشاعر الثبيتى من أبناء الطائف، وقدمنا له الجائزة وهو أول شاعر فاز واستحق هذه الجائزة فى ذلك الوقت، ثم بدأنا إعدادًا جديدًا لسوق عكاظ وإعادته بطريقة جديدة".
وأضاف: سوق عكاظ من التراث الحضارى المهم للمملكة، ونحن هنا نريد أن نحافظ على التراث، ولكننا لا نريد أن نتقيد بما يحدث فى ذلك الوقت من الشكليات إنما نريد أن نتمسك بمعنى سوق عكاظ، سوق عكاظ كان سوقًا تجارية ومنبرًا للشعراء والخطباء والشعر والخطابة والثقافة واللغة والأدب، فأردنا أن يكون سوق عكاظ الجديد ليس فقط للشعر بل للثقافة وللفكر وسوقًا اقتصاديًا.
وشدد على أن إعادة إحياء سوق عكاظ خير من يمثل الفكر السعودى الجديد تحت مظلة الرؤية الجديدة للمملكة فى 2030 إذ أنه يعتمد على المحافظة على التراث والمبادئ والشيم السابقة، التى يجب أن يحافظ عليها وأولها طبعًا الإسلام والقرآن والسنة، ثم التركيز على الأمور العصرية التى سوف تنقل هذه البلاد فكرًا واقتصادًا إلى مصاف الدول المتقدمة فى العالم، وهذا ما يفعله سوق عكاظ الآن تحت قيادة الأمير سلطان بن سلمان، الذى حول السوق إلى هذا الاتجاه ووصل إلى مكانة مرموقة ليست فقط فى المملكة إنما فى البلاد العربية، وأهم حركة ومناسبة ثقافية فكرية اقتصادية اجتماعية تراثية فى الوطن العربى".
وتطرق إلى اهتمام ملوك المملكة بالفكر والتراث والثقافة وحرصهم على إعادة إحياء سوق عكاظ، وقال: "كل الملوك الذين عاصرتهم كانوا يهتمون بالفكر والثقافة والأدب، فسوق عكاظ اليوم يحكى قصة اهتمام قادة هذه البلاد بالفكر والثقافة والاقتصاد مجتمعة فى هذه الحركة الفريدة من نوعها ليس فقط فى المملكة، وإنما فى الوطن العربى ليس هناك حركة مثل سوق عكاظ فى هذا التوجه، خصوصًا أن جميع ملوك المملكة يؤيدون هذا التوجه ويحافظون ويحثون على الاهتمام به، وأنا أتذكر حرص الملك عبد الله يرحمه الله، والملك سلمان، ويجب أن أذكر هذه القصة، ففى أول سنة يتولى فيها الملك سلمان المُلك فى هذه البلاد، وأثناء إقامة سوق عكاظ، اتصل بى وأنا أسير فى جادة سوق عكاظ ليطمئن على سير العمل فى سوق عكاظ فى ذلك الوقت فى أول ليلة من ليالى عكاظ فى ذلك العام المبارك بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز".
من جهته أوضح رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ الأمير سلطان بن سلمان، أن سوق عكاظ يمثل حلقة تاريخية مهمة من تاريخ المملكة الحضاري، معربًا عن تطلعه أن تحقق الهيئة وشركاؤها نقلة فى الفهم والوعى بالتراث الحضارى الوطنى من خلال إحدى حلقاته المهمة وهو سوق عكاظ.
وقال "الأمير سلطان بن سلمان: "نحن ننظر إلى منطقة سوق عكاظ كمنطقة تاريخية وأثرية مهمة جدًا حدثت فيه أحداث تاريخية مهمة مترابطة، ونحن نكتشف فى عكاظ مواقع أثرية كثيرة أثبتت تلاقى قوافل التجارة وتلاقى الثقافة والأدب والفعاليات، وكان السوق محورًا اقتصاديًا ومحورًا ثقافيًا، وهناك عمق مهم هو اللغة العربية التى تطورت بشكل كبير جدًا سواء فى عكاظ أو الأسواق الجاهلية الأخرى أو ما بعد الإسلام، وسوق عكاظ أحد العناصر الأساسية فى انتشار هذه اللغة الراقية التى خرج بها القرآن الكريم، وكذلك تطور اقتصاد المكان اقتصاد مكة المكرمة والطائف وعكاظ كان له دور كبير فى التداول الاقتصادى والرسول صلى الله عليه وسلم زار عكاظ قبل الإسلام وبعد الإسلام" .
وأضاف: نحن نسعد بالتعاون أيضًا مع منظومة من الشركاء المهمين بلا شك من ضمنهم الآن وزارة الثقافة والتى كانت وزارة الإعلام والثقافة ونحن نقدر ما قام به وزير الإعلام والثقافة سابقًا وما ستقوم به وزارة الثقافة كما عرفت منهم، ونقدر ما تقوم به المؤسسات والهيئات الأخرى التى نهضت معنا؛ لأنه هذه مناسبة وطنية، الهيئة دورها بلا شك بناء قطاع وقطاع صناعة السياحة الوطنية بهذا الحجم الضخم الذى يُبنى عليه الآن وجهات سياحية جديدة هذه المنصة الاقتصادية الكبيرة التى حققتها الهيئة عبر السنين الآن أصبحت هى محورًا أساسيًا جدًا فى التنمية الاقتصادية والاقتصاد المقبل، ونعمل مع شركائنا حتى نطور مدينة سوق عكاظ.
وتابع: أن شاء الله قريبًا سوف نبدأ ترسية المشروعات مع شركائنا أيضًا فى البنية التحتية سوف نرى مدينة عكاظ وهى تنهض، بلا شك نحن نقدر لسيدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على عنايته وعلى إقراره ومتابعته لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضارى للمملكة هذا المشروع، التى تأتى عكاظ تحت مظلته يشمل منظومة كبيرة جدًا من المشروعات، ومن البرامج والمسارات.
وأشار الأمير سلطان بن سلمان إلى أن سوق عكاظ كمناسبة وطنية مهمة، مناسبة فرح ومناسبة أدب ومناسبة آثار ومناسبة شعر أصيل وتداول اقتصادي، نحن ننظر إلى عكاظ كما قلت حلقة تاريخية مهمة من تاريخ المملكة الحضاري، ونتطلع أن نحقق النقلة فى الفهم والوعى بالتراث الحضارى الوطنى من خلال إحدى حلقات هذا التراث الوطنى وهو سوق عكاظ، وما يعرض فى عكاظ هذا العام سيكون مختلفًا تمامًا وما سيعرض فى الأعوام القادمة سيكون أفضل، وسوف يكون دائمًا تركيزه على إبراز البعد الحضارى والوجه الحضارى المشرق لبلادنا والوجه التاريخى الكبير.
ونوه باهتمام خادم الحرمين الشريفين بكل مجالات التراث والتاريخ قائلاً: "الملك سلمان رجل حضارة وتاريخ وعنده عمق كبير جدًا فى موضوع البعد الحضارى لذلك عندما عُرض عليه برنامج بمسمى البعد الحضارى للمملكة العربية السعودية رحب به بشكل كبير وقال نعم نحن عندنا تاريخ ولكن عندنا أيضًا بعد حضارى شامل، وهو الذى ذكر فى اجتماع فى جدة قصة الآية الكريمة التى على لسان إبراهيم عليه السلام ( ربى إنى أسكنت ذريتى بوادٍ غير ذى زرع )، فالآية التى تمحور حولها باعتقادى من نحن اليوم يعنى ( وإن شكرتم لأزيدنكم ) أن دعوة إبراهيم عليه السلام من هذه الأرض أن يرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون، وطبعًا إقامة الصلاة".
واختتم قائلاً: كل هذه مترابطة لأنه إذا أقمنا الصلاة معناها أقمنا الدين وحافظنا عليه الحمد لله وكنا أفضل من وفقهم الله تعالى لخدمة الحرمين الشريفين، نحن شعب مهمته الأساسية هى حمل الإسلام بين كفيه إلى أن تقوم الساعة، وممارساتنا وما نقوم به كله يجب أن ينصب فى هذا المسار، لذلك كل فعاليات عكاظ الآن كلها بما فيها الأشياء الأدبية والأشياء الترفيهية والاحتفالات، الحمد لله، كلها مرتبطة بهذا العنصر الأساس، فسوق عكاظ موقع أثرى تاريخى وجزء لا يتجزأ من البعد الحضارى للمملكة العربية السعودية ومن الجزيرة العربية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة