فى مفاجأة غير متوقعة أعلنت دار كريستيز للمزادات ومقرها الرئيسى بلندن، عن أنها تنوى بيع لوحة مصرية للفنان المصرى الرائد «عبدالهادى الجزار» وهذه اللوحة تحديدا تعد من أهم اللوحات فى مسيرة الفنان المصرى الرائد، وقد اختفت عن الأنظار لمده تقترب من ثلاثين عاما، ولم يعلم أحد عنها شيئا، وقد كتب عنها عشرات المقالات النقدية التى أسهمت فى تحليلها وتفسيرها وبيان أثرها وفرادتها، ولهذا كان الجميع يتساءل: أين هذه اللوحة؟ ولم يكن يملك أحد إجابة، حتى أجابت دار مزادات كريستيز فى مؤتمر صحفى أعدته خصيصا من أجل الإعلان عن هذه اللوحة المهمة.
كانت اللوحة فى حوزة كل من جورج لوادو وزوجته جانا لوادو، ولأنها مهتمة بالفن المصرى، كانت السيدة جانا لوادو تبحث عن أهم الإصدارات المتخصصة فى الفن التشكيلى المصرى، ثم قادها القدر إلى الكتالوج المسبب للفنان محمود سعيد الذى قام بإعداده كل من الباحثة فاليرى والباحث المصرى حسام رشوان، فاشترته من على موقع أمازون وتصفحته، ثم قادها القدر مرة أخرى بعد أن بحثت عن الباحثين عبر الشبكة العنكبوتية فعرفت أنهما ينتويان عمل كتالوج آخر للفنان عبدالهادى الجزار، فراسلت «فاليرى» بشأن اللوحة التى بحوزتها، فقد اشترت هذه السيدة هى وزوجها تلك اللوحة حينما كانا فى مصر، وكان زوجها يعمل كرئيس للمعونة الأمريكية فى القاهرة، ثم ترقى وعمل مديرا للمعونة الأمريكية فى واشنطن، وسافر ومعه هذه اللوحة التى لم يرها الجمهور المصرى منذ ذلك الحين.
اللوحة بحسب دار كريستيز تم تقييمها من 350 : 450 ألف جنيه إسترلينى، أى حوالى من 8.2 مليون جنيه حتى 10.5 مليون جنيه مصرى، وهذا الرقم يعد من أكبر التقييمات فى مزادات اللوحات الفنية فى الشرق الأوسط، ومن المنتظر أن يقفز هذا الرقم بشكل كبير خلال المنافسة على اقتناء اللوحة، ولعل هذه القصة تشير إلينا بما يحققه الاهتمام بالفن المصرى من تألق إذا ما اهتممنا به ومنحناه رعايتنا واهتمامنا، فلولا اهتمام دار كريستيز بالفن المصرى وسعيها لإصدار الكتالوج المسبب للفنان محمود سعيد لما علمنا شيئا عن هذه اللوحة حتى الآن.
غاية ما أتمنى أن نتخذ من هذا الموقف عبرة نعتبر بها، فبمصر عشرات الفنانين العالميين الذين يستحقون المزيد من الاهتمام والرعاية، والأهم من هذا كله «التوثيق»، فقد تاهت آلاف اللوحات فى النسيان، لأننا لم نوثقها، وغابت آلاف اللوحات عن الأنظار، لأننا لم نتتبعها، وأهدرت ثورة لا تقدر بثمن، لأننا لم نولها رعايتنا، ولهذا يجب على وزارة الثقافة أن تقوم بتوثيق جميع اللوحات الفنية لكبار فنانى مصر، وأن تتيح هذه المعلومات على الشبكة العنكبوتية ليستفيد منها الجميع، لأن التوثيق أول مراحل العمل الجاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة