تكثف الأجهزة الأمنية وجهات التحقيق ممثلة فى النيابة العامة، جهودها من تحريات وتحقيقات ومعاينة وسماع للشهود، لفك لغز مقتل أسرة مكونة من الزوج والزوجة و3 أبناء داخل إحدى فيلات مدينة الرحاب، وجميعهم مصابون بطلقات نارية أودت بحياتهم.
تشير الدلالات المتوفرة حتى الوقت الحالى، والتحريات الأولية، إلى أن الزوج وهو رجل أعمال يدعى "عماد. س"، 56 سنة، قتل زوجته "وفاء.ف" 43 سنة، وأولاده "محمد" 22 سنة، "نورهان"، 20 سنة، "عبد الرحمن"، 18 سنة، بالرصاص ثم انتحر داخل ڤيلته قبل يومين لتعثره ماليًا، وهى الرواية التى يؤيدها بعض سكان الفيلات المجاورة لهم، وزملاء المتوفيين على صفحاتهم بوسائل التواصل الاجتماعى، فيما لم يتم الجزم بصحة هذه الرواية حتى الوقت الحالى، وتستمر تحريات الشرطة وتحقيقات النيابة العامة لكشف كافة التفاصيل.
جريمة الرحاب، تعود بالذاكرة لعام 2009، فكانت مدينة النزهة الراقية شاهدة فى ذلك العام على واقعتين انتبه لها الجميع، تشابهت فى تفاصيلها، فالزوجين ميسورى الحال، قتلا زوجاتهما وأبناءهما خوفًا عليهم من الفقر، بعد خسارتهما الملايين فى الأزمة الاقتصادية العالمية التى أثرت على الجميع فى ذلك الحين.
الجريمة الأولى ارتكبها المهندس شريف كمال الدين حافظ، بقتل زوجته عبلة طنطاوى "48 سنة"، وابنه وسام "28 سنة"، وابنته داليا "25 سنة"، بعد أن خسر جميع أمواله فى البورصة، مبررًا ذلك بخوفه على أبنائه من الضياع والفقر، مستخدمًا "بلطة" فى قتلهم جميعًا أثناء نومهم، ثم قطع شرايينه محاولا الانتحار.
وصدر حكما بإعدام الزوج القاتل بعد أخذ رأى المفتى الذى صدق عليه، مستندًا لقوله تعالى " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا"، لكن المهندس شريف توفى داخل السجن قبل تنفيذ حكم الإعدام، بسبب حزنه الشديد على ما ارتكبه مما أدى لسوء حالته الصحية.
لمزيد من التفاصيل:-
أما الجريمة الثانية جاءت بعد أشهر قليلة، فى منطقة النزهة ذاتها، عندما أمسك رجل أعمال بطبنجة وأمطر زوجته وابنه وابنته بالرصاص، ثم انتحر بطلقة فى فمه خرجت من أعلى رأسه.
رجل الأعمال هو أسامة ألفريد، قتل زوجته "ميرفت" وابنه "أندروا" الطالب الجامعى بكلية الهندسة، وابنته "إيرنى"، وذلك بعد خسارة مالية ضخمة تعرض لها، ووجد رجال المباحث الزوج على طرف السرير مصابا بطلق نارى فى الفم، وتوجد آثار لخروج الطلق النارى من أعلى الرأس، وبجواره زوجته ملقاة على السرير مصابة بطلقة واحدة فى الرأس، وعلى الطرف الآخر من السرير عثر على الابن الأكبر مصابا بـ3 رصاصات، وفى الغرفة الثانية عثر على الابنة مصابة بـ3 رصاصات فى رأسها وذراعها.
وفي مارس من عام 2016، رغم عمله كموظف بإحدى شركات البترول، لكن "ضياء" ذبح زوجته وطفليه "أحمد" 6 سنوات و"تقى" 3 سنوات، وقال إنه قتل أسرته خوفاً عليهم من الفقر.
يروى القاتل تفاصيل يوم ارتكابه للجريمة، ويقول: "صليت معها الظهر جماعة، وطلبت منها نطق الشهادتين ثم قمت بخنقها، وبعد ذلك ذبحتها ثم قمت بذبح أولادى"، ويستكمل فى اعترافاته: " قتلتهم بسبب الفقر وحالة اليأس التى نعيش فيها".
لمزيد من التفاصيل:-
ومن جانبها، قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية، جامعة عين شمس، إن الحالات السابق ذكرها، تشترك جميعا فى صفة واحدة وهى اختزال الحياة كلها فى الثروة، وحينما تذهب تلك الثروة لابد أن تنتهى حياته وحياة الآخرين التى تعيش على هذه الثروة.
وأضافت خضر، فى تصريحاتها لـ"اليوم السابع"، أن ما حدث فى الجرائم السابق هى تعرض رب الأسرة لخسائر مالية كبيرة، يتعرض بسببها لصدمة نفسية، تجعله يفقد عقله واتزانه، ولا يفكر إلا فى إنهاء حياته وحياة أسرته، خاصة بعدما تعودوا على حياة الرفاهية، بمستوى معين من الدخل.
وترى أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية، جامعة عين شمس، كذلك أن إقبال الزوج على قتل زوجته وأبنائه بهذا الشكل، يكون قبلها قد أصيب بدرجة من الجنون وفقد جزءاً من قواه العقلية، تؤثر على تفكيره وقراراته، ناسياً كل القيم الأخرى في الحياة.
واتفقت الدكتورة إيمان عبدالله، أستاذة الصحة النفسية، مع ما ذكرته الدكتورة سامية، وتضيف على ذلك، أسباب جديدة متمثلة فى شعور عدم الرضا، وفقدان الأمل واليأس، وعدم توقع الخسارة ورفضها، ترى أنها تؤدى للحالة التى تجعل رب الأسرة يقرر إنهاء حياة أسرته وحياته.
وقالت عبد الله، إن الحالات جميعها فقدوا الأمل، بعد خسائرهم المالية، وأصيبوا بالقلق والاكتئاب والإحباط كذلك، وكلها أمور حينما تجتمع في شخص، تفقده عقله واتزانه، وإيمانه بلا ونسوا قوله تعالى "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم"، فهو يرى أن حياته انتهت بعد خسائره، خاصة بعد العيش فى مستوى اجتماعى واقتصادى معين.
توقع المكسب والخسارة، أحد الصفات الهامة التي يجب أن تتوافر فى كل شخص، لتحصين نفسه من الوصول للحالة التى وصل إليها الحالات السابقة، حسب الدكتور إيمان، فى نهاية حديثها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة