خالد صلاح يكتب: العلمانية والإسلام

الخميس، 03 مايو 2018 10:00 ص
خالد صلاح يكتب: العلمانية والإسلام الكاتب الصحفى خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
مقال-(3)
 
كنت قد اقترحت عليك أن نقرأ سويا أنت وأنا القصص الاجتماعية فى دولة المدينة المنورة خلال عهد النبى محمد، صلوات الله وسلامه عليه، ثم ما بعد ذلك فى سنوات الصحابة الكرام والسلف الصالح.
 
بدأت من جانبى فى القراءة فى هذا العالم متعدد التفاصيل، ثرى الدلالات، بعض القصص ربما يأتى الوقت وأرويها لك تباعا هنا، ولكن ما أحب أن أسجله الآن أولا أننى فى كل مرة أسبح فيها فى أى من هذه القصص فى دولة المدينة، يتأكد فى أعماقى أن هذا الدين العظيم هو عنوان لحرية الفكر السياسى والاقتصادى، وأن الصحابة، رضوان الله عليهم، فى حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية كان كل منهم يستلهم روح الدين وغاياته العليا أكثر مما يتبع حرفية النص المقدس، قرآنا كان أو سنة نبوية.
 
كان الصحابة يفكرون بعقولهم فى السلوك العام، ويفسرون وفق عقولهم وعلمهم وظروفهم الاجتماعية النصوص المقدسة، وكانت الغاية دائما هى تحقيق المصلحة العليا للأمة، أكثر من اتباع النص حرفيا بلا نقاش أو جدال أو فكرة أو مواءمة.
 
أعرف أن كلمة "العلمانية" شاقة وشقية، وتم تلويثها عبر قوى التطرف لسنوات طويلة، لكننى أكاد أجزم أن الصحابة كانوا فى حياتهم العامة والخاصة أقرب إلى هذا الأداء العلمانى، بمعناه العلمى والفكرى، وليس بمعناه السياسى المشوه الذى خلقته جماعات الإسلام السياسى لتضرب كل مؤسسات التفكير الأخرى التى لا تتبع الجماعة، ولا تبايع المرشد، ولا ترفع السلاح فى وجه المجتمع.
 
كان الصحابة يفكرون على هذا النحو الذى يفكر به العلمانيون الصالحون اليوم، وكانت علاقتهم بالنص المقدس علاقة ترتبط ارتباطا عضويا بما يمليه العقل من مصلحة للدولة، وما تقتضيه الظروف من إجراءات لتحقيق مقاصد الدين فى حماية النفس والدم والعرض والمال.
 
كلما قرأت قصص الولاة على الأمصار الذين خرجوا لهذه المهمة السياسية فى زمن النبى، صلى الله عليه وسلم، أو فى زمن الخلفاء من بعده، تيقنت بحسم أن لكل والٍ من هؤلاء رؤيته السياسية، وتفسيره للدين، وضروراته وفق طبيعة الإقليم الذى يتولى قيادته، وكانت القرارات السياسية بل والفتاوى الدينية تختلف حسب طبيعة كل بلد، والأولويات تتنوع حسب الظرف السياسى لكل حاكم، بل والحدود الإسلامية تتطور حسب ثقافة كل إقليم، وحسب القوة التى يتمتع بها ولاة الأمصار، كل حسب تقديراته وخبراته وقراءته للنص المقدس.
 
قراءة هذه القصص، ورواية هذه الحكايات تؤكد لك بالدليل القاطع كيف ظلم الإسلاميون المتطرفون مصطلح العلمانية، لأنك ستعرف بكل بساطة أن القواعد الأساسية للحكم فى الإسلام لم تكن فى يوم من الأيام خصما لهذه العلمانية بشروحاتها الإيجابية "الفكر، والعقل، والعلم، ومصلحة الأمة، وحياة الناس".
والله أعلى وأعلم.
 
 
 مصر من وراء القصد
 
مقال-(1)
 
مقال-(2)
 
 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة