عشت حياة طويلة أتأمل ما قاله المتنبى فى شعره هنا:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى..
حتى يراق على جوانبه الدمُ..
يا إلهى، كيف أفهم دور «الدم» فى تاريخ هذه الأمة، حتى بين شعرائها العظماء؟!
هل نحن أمة دماء «جينيا» مثلا؟
الشاعر العربى لبيد بن ربيعة يقول:
وإنا أناس تعرف الخيل زجرنا..
إذا أمطرت سحب الصوارم بالدم
ما الذى جعل الدم يسيطر حتى على الخطاب الثقافى والشعرى والعاطفى؟
الشعر العربى القديم مذهل فى استخدامات الدم، لا أتحدث هنا عن شعراء الحروب الذين مجدوا الدماء فداء لأقوامهم، أو خلدوا الثأر من أعدائهم بالدماء، ليس هذا النوع من الشعر فحسب، لكن شعراء الوجد والحب والعشق والأشواق أراقوا دماء كثيرة فى أشعارهم إلى الحد الذى، إن تأملت برفق، فستفزعك صور الدماء فى أشعار الحب فى التاريخ العربى.
اسمع لشعر «النمر بن تولب» يقول فى حبيبته:
عبق المسك والعبير بحبها
وكأن نضح دم على أظفارها
نعم يا أفندم.. نضح دم.. على أظفارها؟!
ارحل مع تاريخ الشعر العربى فى كل المجالات فستجد الدم حاضرا بقوة، حاضرا فى كل شىء، حتى الشعراء النساء كان الدم حاضرا فى أبياتهن، تأمل مثلاً فدوى طوقان، فمختاراتها الشعرية بعنوان «الوجد والدم»
أهكذا نحيا..
شعرا وحياة..
دماء للفداء، ودماء للثأر، ودماء للانتقام، ودماء للشعر، ودماء أينما يممنا وجوهنا..
متى يأتى اليوم الذى نغتسل فيه من كل هذا الدم؟!
محبتى..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة