لا تفوت بريطانيا فرصة فى ليبيا إلا وتدعم خلالها تيار الإسلام السياسى المتمثل فى جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة "القاعدة"، وذلك فى تحرك شاذ عن باقى الدول الإقليمية والدولية التى تدعم مسار الأمن والاستقرار فى الأراضى الليبية من دون تقديم دعم أعمى لتيار الإسلام السياسى الذى أفسد الحياة السياسية الليبية.
تيريزا ماى
وفى موقف غريب، خرجت الحكومة البريطانية للاعتذار بشكل رسمى، اليوم الخميس، للإرهابى الليبى عبد الحكيم بلحاج وهو أحد قادة تنظيم القاعدة الذين قاتلوا إلى جانب أسامة بن لادن فى أفغانستان، ونشرت حكومة المملكة المتحدة بيان اعتذار لما وصفته بـ"إساءة" معاملة عبد الحكيم بلحاج، والذى اختطف فى تايلاند عام 2004 ونقل إلى ليبيا حيث تعرض للتعذيب على يد النظام الليبى السابق.
بلحاج
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى فى الرسالة الموجهة إلى الإرهابى عبد الحكيم بلحاج وزوجته فاطمة "نيابة عن حكومة صاحبة الجلالة، أعتذر منكما بلا تحفظ"، وأقرت تيريزا ماى أن "أفعال حكومة المملكة المتحدة ساهمت فى اعتقالكما وتسليمكما ومعاناتكما".
الإرهابى عبد الحكيم بلحاج
وأوضح المدعى العام البريطانى أنه علاوة على الاعتذار ستدفع حكومة المملكة المتحدة نصف مليون جنيه استرلينى (565 ألف يورو) لفاطمة زوجة بلحاج، لكنها لن تدفع شيئا لهذا الأخير الذى لم يطلب تعويضا ماليا فى إطار اتفاق إنهاء الملاحقات القضائية التى بدأها الزوجان.
بلحاج
واتهم الإرهابى عبد الحكيم بلحاج والذى تولى منصب القائد العسكرى لطرابلس، الحكومة البريطانية بتزويد المخابرات الأمريكية بالمعلومات التى أتاحت اعتقاله فى تايلاند ثم تسليمه لسلطات طرابلس.
الاعتذار البريطانى يؤكد أن المملكة المتحدة ستظل أبرز الدول الحاضنة للإرهابيين وللجماعات المتطرفة فى منطقة الشرق الأوسط سواء جماعة الإخوان فى دول الربيع العربى أو الجماعة الليبية المقاتلة والكتائب والميليشيات المسلحة فى ليبيا، وهو ما يثير استغراب ودهشة الأطراف الإقليمية المعنية بالأمن والاستقرار فى الأراضى الليبية.
عبد الحكيم بلحاج وقائد القوات الخاصة القطرية
المتابع للشأن الليبى لن يدهش من سلوك بريطانيا التى لعبت دورا بارزا فى الدفع بالإخوانى الليبى خالد المشرى لرئاسة المجلس الأعلى للدولة فى ليبيا، إضافة لتحركها للدفع نحو ألا يحل المجلس الأعلى للدولة نفسه بعد إجراء الانتخابات البرلمانية فى ليبيا، والعمل على أن يظل المجلس الأعلى للدولة "غرفة ثانية" بليبيا لإيجاد منفذ لجماعة الإخوان على الساحة الليبية، وهى سياسات متهورة يمكن أن تفسد الساحة الليبية وإفساد كافة الجهود الدولية المبذولة لنزع فتيل الأزمة الليبية.
خالد المشرى والصلابى والسويحلى
وحذر عدد من المراقبين والمتابعين للشأن الليبى الحكومة البريطانية من نهج الدعم الأعمى لتيار الإسلام السياسى وفى المقدمة جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة، مؤكدة أن ذلك سيؤثر بشكل سلبى على المواطن الليبى والأوروبى حال عودة تيار الإسلام السياسى لقيادة المشهد السياسى فى الجارة الليبية، موضحين أن عودة تيار الإسلام السياسى يعنى عودة الكتائب المسلحة التى تعمل تحت عباءة جماعة الإخوان التى أوجدتها بريطانيا.
وتسبب تيار الإسلام السياسى فى إحداث حالة من التوتر فى الساحة السياسية الليبية، وقاد عبد الحكيم بلحاج الميليشيات والكتائب المسلحة فى طرابلس لإسقاط نظام القذافى، ونسق الإرهابى بلحاج مع قطر لإدخال عدد من المقاتلين فى صفوف القوات الخاصة القطرية لتقديم الدعم والإسناد للميليشيات والكتائب المسلحة فى العاصمة طرابلس.
الغريب فى الأمر هو فرض بريطانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبى لعقوبات على شخصيات ليبية ومنهم الرئيس السابق للمؤتمر الوطنى العام فى ليبيا، نورى بوسهمين، ورئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح، وعدم فرض دول الإتحاد الأوروبى لأى عقوبات على قادة الكتائب المسلحة والميليشيات الإرهابية وفى مقدمتها الميليشيات التى يقودها عبد الحكيم بلحاج وخالد الشريف ومصطفى الشركسى، ولم تفكر دول الإتحاد الأوروبى فى تجميد أصول وأموال وأرصدة قادة الميليشيات الذين تاجروا بدماء أبناء الشعب الليبى وسيطروا على العاصمة طرابلس.
المستشار عقيلة صالح
الحقيقة أن الموقف الأوروبى بشكل عام والبريطانى بشكل خاص يثير الريبة والشك حول النوايا الحقيقية لهذه الدول تجاه الأزمة الليبية، وهل ترغب دول الاتحاد الأوروبى فى إرساء الأمن والاستقرار فى ليبيا ؟ ، ولماذا لا تفرض أوروبا أى عقوبات مالية أو تجمد أرصدة قادة الميليشيات ؟ ، وما هو طبيعة التحالف السرى بين الإخوان فى ليبيا وحكومة بريطانيا؟، أسئلة كثيرة تدور فى ذهن المواطن الليبى والمراقبين المعنيين بالملف الليبى وتنتظر إجابات واضحة من حكومة ملكة بريطانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة