انشغل المتابعون فى مصر فى الأيام القليلة الماضية بما جرى فى مدينة القاهرة الجديدة التى شهدت موجة سيئة للغاية من التقلبات الجوية أدت فى النهاية لغرق المدينة فى مياه الأمطار والسيول، وقد تفاعلت الدولة إيجابيا مع الحدث بداية من الرئيس عبد الفتاح السيسى وحتى الدكتور شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، واللواء محمد عرفان رئيس جهاز الرقابة الإدارية، لكن قبل أن تمر تلك الواقعة وقبل أن نفاجأ فى يوم آخر بحدث شبيه يجب علينا أن نسأل أنفسنا: هل نفكر كمؤسسات عاملة فى الدولة فعلا أم أننا نفكر كجزر منعزلة لا تتفاعل مع بعضها البعض ولا تكمل بعضها بعضا؟ كما يجب علينا أن نسأل: ما هى أولوية الموظف العام فى مصر؟ هل هى «تستيف ورقه» وإخلاء مسؤوليته؟ أم مراعاة الله والوطن والمستقبل؟
السادة القاطنون فى هيئة الأرصاد الجوية، هل أخطروا المصالح الحكومية المختصة بتلك الموجة الخطيرة من التقلبات الجوية أم اكتفوا بإصدار نشرات درجات الحرارة المتوقعة غدا؟ وهل علم السادة القائمون على المحليات والطرق فى مصر بتلك الموجة قبل وقوعها بوقت كاف حتى يتخذوا تدابيرهم أم فوجئوا بها كما فوجئنا، وبالتالى غلت أيديهم عن أى فعل؟
هنا أنا لا ألوم أحدا، ولا ألقى بالمسؤولية على أحد، ولا أحاول أو أنزع الاتهام من حول أعناق متهمين، لكنى فى الحقيقة لا أملك رفاهية إدانة طرف دون أن أتيقن تماما من جرمه، فلو كنت مكان رئيس حى التجمع الخامس لوقفت فى ذات موقفه، فما الذى يدرينى بأن الأمطار هذا العام ستكون بمثل هذه القسوة؟ وكيف لعربات شفط المياه أن تذهب إلى أماكن تجمع المياه وكل الطرق أصبحت مسدودة بعد تكاثف المطر فى وقت قليل؟
هنا يجب أن يكون السؤال كالتالى: هل علمت بمدى سوء الأحوال الجوية أم لا؟ وهل أخطرتك هيئة الأرصاد الجوية بحجم المشكلة أم لا؟ وهل بالمدينة بنية تحتية تستوعب مثل هذه الكوارث أم لا؟ وهل لديك خطة للتدخل السريع فى مثل هذه الظروف أم لا؟ وهل لديك إمكانيات مادية وبشرية كفيلة بالتعامل مع هذه المشاكل أم لا؟
من هذه الواقعة يجب أن نستفيد بأن نضع نظاما لتعامل الدولة مع مثل هذه الأحداث بأن تكون من ضمن مهام هيئة الأرصاد تحذير كل مسؤول فى موقعه بما يمكن أن يفيده أو يضره، كما يجب أن نراجع البنية التحتية فى الأماكن المتوقع بها سقوط الأمطار، والتأكد من وجود بالوعات مطر والأهم من هذا كله التأكد من كفاءة هذه البالوعات إن وجدت، كما يجب علينا أن نوسع مجالات التحقيق ليس فقط مع من يتولى مهمة تنظيم المحليات، ولكن مع من يشرف عليه أو يراقبه، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة