كنت أظن أن الشيخ على درويش مصرى، لكن اتضح أنه سورى بامتياز!
كنت أظن أن الشيخ على درويش سورى، لكن اتضح أنه مصرى بامتياز!
من هو الشيخ على درويش إذن؟
هو من أكبر علماء الموسيقى فى القرن العشرين، ومن أكبر الباحثين المجتهدين والمنقبين الواعين، إليه يرجع الفضل فى إثراء الموسيقى العربية بالعديد من المؤلفات والسماعيات، وإليه يرجع الفضل أيضا فى حفظ الكثير من الموشحات الأندلسية، وقد مكث فى القاهرة فترة ليست بالقصيرة، وفيها أسهم بشكل خلاق فى ترسيخ أسس الموسيقى العربية، مشاركا بفعالية كبيرة فى مؤتمر الموسيقى العربية الذى عقد فى ثلاثينيات القرن العشرين، وفى أثناء إقامته شهد له كبار الموسيقيين المصريين بالتفرد والأستاذية ومنهم الموسيقار الرائد «محمد عبدالوهاب» وتذكر العديد من المراجع السورية أنه كان من معلمى الموسيقار الراحل «رياض السنباطى» أثناء دراسته فى المعهد، وهذا تقريبا هو الذى جعلنى أظن أنه مصرى، لكنى فوجئت ذات يوم أنه سورى، حلبى المولد والمنشأ، والتربية.
الحكاية لم تقف عند هذا الحد، فقد كنت أظن أن الشيخ على درويش «سوريا» بناء على معلومات المولد والمنشأ، لكنى فوجئت أيضا أن له جذور مصرية أصيلة، فجده «على إبراهيم» كان مصريا من المنوفية من جنود إبراهيم باشا ابن محمد على، وشارك فى إحدى حملات القائد العلوى فى سوريا، فمكث هناك وتزوج وأنجب ابنه إبراهيم والد «الشيخ على» الذى لقب بالدرويش لأنه كان صوفيا تعلم الموسيقى فى إحدى تكايا الدراويش.
بالنسبة لى يمثل الشيخ على درويش بتلك الحالة الملتبسة بين الجنسيتين «السورية والمصرية» نموذجا للتداخل بين الشعبين، ثم لك أن تسأل نفسك: هل نحن شعبان فعلا؟ هل نجاة الصغيرة مصرية أم سورية؟ هل فؤاد حداد مصرى أم سورى؟ هل سعاد حسنى مصرية أم سورية؟ هل الشيخ على درويش مصرى أم سورى؟ هل تلك الصواريخ التى تصيب دمشق أو الغوطة أو عفرين تصيب مصريا أم سوريا؟
قادة هذا العالم سعداء، أمريكا تروج لصواريخها الجديدة المدفوعة مسبقا، وأعداء بشار سعداء لأن غريمهم يضرب ويذل ويهان، وأنصار بشار سعداء لأن الرئيس السورى مكنهم مما حلموا به، إسرائيل سعيدة، لتخلصها من صداع الجولان، الإرهابيون الإسلاميون سعداء لأن المعركة تضمن لهم وجودا ودعما، وقطر سعيدة لوجودها فى قلب الأحداث فتيلا مشتعلا، وتركيا سعيدة لأنها تتوغل أكثر وأكثر فى الداخل السورى، وروسيا سعيدة لأنها عادت إلى لعبة «الحرب البادرة» بخيراتها ونفوذها، وبشار سعيد لأنه مازال فى مقعده، والطغاة سعداء لأن نبأ آخر يحتل صدارة النشرات الإخبارية، أما السوريون، فوحدهم التعساء، وحدهم المشردون وحدهم الثكالى وحدهم اليتامى، ومن خلال البكاء تتفحص ملامحهم، هل تنهمر تلك الدموع من عيون مصرية أم سورية؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة