قلت فى مقال الخميس الماضى إنه من أكثر الأشياء السلبية التى نعانى منها هو أننا حولنا الجهاز الإدارى للدولة ككل إلى جزر منعزلة، فكل وزارة بعيدة عن الأخرى حتى ولو اتفقوا فى الأهداف، لكن الاختلاف فى السبل هو الديدن الوحيد، وقد يصل هذا الاختلاف إلى حد التعارض والتضارب والتناحر، واليوم أتقدم باقتراح إلى وزارة الثقافة لتمد يد التعاون مع وزارة التعليم من أجل إنتاج العقول المبدعة منذ الصغر، وتدعيمها وتنميتها حتى تتحول تلك العقول من آلات للحفظ إلى كيانات جمالية مبدعة.
اقتراح اليوم يتلخص فى أهمية إقامة مهرجان سنوى للمسرح المدرسى، تحت إشراف وزارة الثقافة، فلابد من أن يشارك أبناؤنا فى العمل المسرحى منذ الصغر، فالمسرح هو أهم الفنون التى تدعم كل أنواع الإبداع وتنمى الشخصية الإبداعية الجامحة، كما أنه الفن «الوحيد» الذى يتميز بالاجتماعية والحميمية، والذى ينمى ملكة المواجهة، كما ينمى ملكات الحفظ والفهم، كما يرتقى بذوق الطلبة والطالبات وينمى سليقتهم اللغوية، كما يضمن تحول الطلبة والطالبات إلى «نجوم» ويشبع حاجتهم إلى التقدير لكى لا يصبحوا فريسة فى يد كل عابث.
ستقول لى كيف يتم هذا، وأقول لك إن وزارة الثقافة منذ سنين وقعت برتوكول تعاون بينها ووزارة التربية والتعليم، لكن للأسف لم يتم شىء يذكر بناء على هذا البرتوكول الديكورى، لأن القصد من وراء توقيع هذا البروتوكول لم يكن بهدف تنويرى أو تطويرى، وإنما كان بهدف دعائى أو إعلامى، فللأسف بعض مسؤولينا يفكرون فى «الخبر» قبل أن يفكروا فيما يستحق أن يكون خبرا، لكنى فى الحقيقية أرى أنه قد آن الأوان لتفعيل هذا البروتوكول بأن تتولى وزارة التربية والتعليم تمويل مهرجان المسرح المدرسى، وأن تتولى وزارة الثقافة الإشراف الفنى عليه، فلدينا فى البيت الفنى للمسرح مئات المخرجين والممثلين الذى لا يجدون عملا وفى ذات الوقت يتقاضون رواتبهم الشهرية، فلماذا لا نلزم كل واحد من هؤلاء بإخراج مسرحية واحدة فى السنة لطلبة المدارس؟ ولماذا لا تتعاون وزارة الثقافة مع وزارة التعليم فى إمدادها بالديكورات المناسبة من مخزون الديكور المكدس فى المخازن؟ ولماذا دوما توجد حلقة مفقودة بين مؤسسات الدولة تكبدنا الخسائر الفادحة فى حين أن وصلها يكفل لنا كل ما نبتغيه من رقى؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة