العنوان الرئيسى اليوم فى الصحف ونشرات الأخبار، «البشير فى القاهرة» وهو عنوان يستحق التحليل والتفكير فيه بهدوء، لأنه بكل وضوح قبل شهرين من وقتنا هذا، كانت العلاقات متوترة بين القاهرة والخرطوم، لدرجة أن الصحافة فى العاصمتين كانتا فى مرحلة تراشق على خلفية أحاديث دائمة بالمشاكل حول موقف حلايب وشلاتين، وبالعلاقة المريبة بين الخرطوم وأنقرة عقب الزيارة الأخيرة لأردوغان، إضافة إلى أن السفير السودانى غادر الأراضى المصرية.
الحقيقة عبور هذه المنطقة الملغمة فى العلاقة بين الدولتين، يكشف عن مسار مختلف من التواصل الدبلوماسى أدى إلى نتيجة بعنوان «البشير فى القاهرة»، نتيجة تحمل معها تفاصيل جديدة عن تقارب فى ملفات مهمة مثل ملف المياه ومستقبل دول حوض النيل بعد بناء سد النهضة بإثيوبيا.
اللافت وما يستحق التوقف عنده هو محاولة فهم كيف وصلت العلاقات بين القاهرة والخرطوم من مرحلة التصريحات الهجومية إلى مرحلة التفاهم والود، والبداية كانت كالعادة من بيت الدبلوماسية المصرية من وزارة الخارجية المصرية، حيث دعا سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، نظيره السودانى إبراهيم الغندور، لزيارة القاهرة، وبالفعل قبل الوزير السودانى الدعوة، وكان فى انتظاره بمطار القاهرة الوزير المصرى فى بداية شهر فبراير الماضى، وجرى خلال الزيارة عدد من الاجتماعات انتهت بتقريب وجهات النظر وإغلاق ملف الخلافات بين الدولتين.
بعد الزيارة بأيام وفى أول نتيجة عملية على أرض الواقع، عاد السفير السودانى إلى القاهرة ليباشر أعماله، وهى عودة تحمل رسائل ضمنية عن انتظام العلاقات بين البلدين بعد فترة من التوتر، غير أن الانتظام الدائم للعلاقات بات واضحًا مع الزيارة المهمة للواء عباس كامل للدولة السودانية، التى التقى خلالها بالرئيس عمر البشير، وجرى التناقش فى عدد من الملفات على رأسها إعادة المياه لمجاريها بين القاهرة والخرطوم، وبات واضحًا من الصور المنتشرة على وكالات الأنباء الود والتفاهم بين الوفد المصرى والرئيس السودانى.
الأكيد أن خط العلاقات عاد من جديد إلى سابق عهده بين مصر والسودان، وهو ما دفع الرئيس عمر البشير إلى زيارة القاهرة لمقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأعتقد أن طريقة استقبال البشير فى مصر هذه المرة تختلف عن كل سابقاتها، لأن من بين جدول لقاءات البشير لقاء مهم وهو ما يعرف بـ«الأسرة المصرية»، اختارت له مؤسسة الرئاسة لأول مرة، استاد القاهرة مكانًا للانعقاد وأرسلت الرئاسة دعوات لعدد كبير من الشخصيات العامة والسياسيين والكتاب ورجال الدولة لحضور اللقاء.
واللافت أن الدعوة التى وجهت للمدعوين فى حفل الأسرة المصرية لم تكن باسم الرئيس السيسى فقط، إنما تضمن إلى جانب اسم الرئيس السيسى اسم الرئيس عمر البشير، وهو رسالة جديدة أيضًا يمكن أن نقف عليها فى دلالة العلاقات بين مصر والسودان ودلالة الخطوات التى يتخذها الرئيس السيسى نحو متانة العلاقة والصورة التى تريد الدولة المصرية أن تصدرها للعالم عن جارتها السودان أمام العالم.
الأكيد فى نهاية المقال، أن عنوان «البشير فى القاهرة» لم يعد العنوان الوحيد، إنما عنوان «البشير والسيسى فى لقاء الأسرة المصرية» عنوان جديد ينضم إلى باقة جديد من مانشيتات الصحف المصرية، وسيتسبب فى قلق لدى الصحف التركية، التى لا تريد الخير لمصر».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة