الحملة التى أطلقها ولى العهد الأمير محمد بن سلمان شملت ما يقرب من 400 من النخبة على ساحة السياسة والأعمال بالمملكة. وقدرت السلطات حجم التسويات المالية ممن شملتهم الحملة بنحو 100 مليار دولار.
كانت هيئة الإذاعة البريطانية (بى.بى.سى) قد بثت فى أواخر ينايرحديثا لرجل أعمال كندى قال إنه تحدث إلى الأمير الوليد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة وإنه بدا وكأنه فى سجن وليس فى فندق خمس نجوم. وكانت المملكة قد أحالت الفندق إلى سجن فاخر احتجزت فيه مئات من أثرى أثريائها.
واتصلت رويترز بالسلطات السعودية للتعليق، فنفت ذلك. ثم وجهت لنا الدعوة لنرى الأمير الوليد فى فندق ريتز كارلتون بأنفسنا.
تم الترتيب للقاء خلال ساعات. وفى تمام الساعة الواحدة من صباح يوم السابع والعشرين من يناير أقلتنى سيارة حكومية وعبرت بى من بوابة الفندق الأمامية الضخمة. كانت هذه المرة الأولى التى أرى فيها البوابة مفتوحة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر.
وبعد انتظار قصير وجولة فى مرافق الفندق الخاوية، اصطحبونى إلى جناح أنيق بالطابق السادس كان الأمير الوليد يمكث فيه.
طلب منى المسؤولون ألا أصور بالفيديو خارج الجناح أو ألتقط بكاميرتى صورا لأى منهم. ولم توضع شروط للمقابلة ذاتها.
وفى التو أصبح الأمير الوليد هو سيد الموقف، فأذن لى بدخول مكتبه وسمح لى بحماسة أن أصور بالفيديو. وخرج المسؤولون من الغرفة وتركونا بمفردنا طيلة حديثنا الذى استمر 25 دقيقة، قال الأمير الوليد إنه لقى معاملة حسنة طوال فترة بقائه بفندق الريتز كارلتون.
ورفض الأمير اتهامه بالفساد وأكد براءته وأعرب عن ثقته فى أنه سيخرج من الأمر برمته مسيطرا تماما على أملاكه وشركته، شركة المملكة القابضة.
أما معرفة إن كان الأمير الوليد يتمتع حينها بحرية الحديث التامة فعلا فأمر محال لأنه كان لا يزال محتجزا فى إطار عملية خارج نطاق القضاء.
بدا نحيفا، لكنه كان واثقا مستبشرا، بل وكان يمزح وهو يصطحبنى فى جولة بالجناح. ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة وأصر على أن نلتقط صورة سويا.
سجلت حديثنا على هاتفى الآيفون الذى كان مستندا إلى علبة مناديل ذهبية وزجاجة مياه على مكتبه، وبعد ساعات، أطلق سراح الأمير.
وفيما يلى نص المقابلة مع الأمير الوليد بن طلال:
- سؤال: السؤال الأهم هو... لماذا أنتم هنا؟
جواب: هناك عدد من الناس هنا. من الطبيعى أن نتعاون بشكل كامل مع الحكومة لأننى جزء من الحكومة. أنا جزء من الأسرة السعودية الحاكمة.. لذا نبدى تعاونا تاما هنا. ونحن مستمرون فى نقاشنا. أعتقد أننا على وشك إنهاء كل شيء خلال أيام.
- سؤال: ما هى الاتهامات المنسوبة لكم؟
جواب: لا توجد اتهامات. هناك فقط مناقشات بينى وبين الحكومة. تأكدوا أن هذه عملية نظيفة ونحن نتناقش فقط مع الحكومة بخصوص أمور متعددة لا يمكننى البوح بها الآن. ولكن تأكدوا أننا فى نهاية القصة بالكامل. أشعر بارتياح شديد لأنى فى بلدى وفى مدينتى ولهذا أشعر أننى فى بيتي. لا مشكلة على الإطلاق. كل شئ على ما يرام.
الدافع وراء حديثى هذا معكم هو فى الحقيقة كل الشائعات التى ترددت، عبر هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) خاصة وضايقتنى كثيرا. كلها أكاذيب بصراحة. أنا هنا فى هذا الفندق طول الوقت وكل شيء على ما يرام. أتريض وأسبح وأمشى وأتبع نظامى الغذائي. كل شيء على ما يرام، كأننى فى بيتي.
أتصل بأسرتى يوميا وأنا هنا كأننى فى مكتبي. أتصل بمكتبى كل يوم، مكتبى الخاص، مكتبى فى (شركة) المملكة (القابضة)، وبمؤسساتى الخيرية. كل شيء يسير. كل هذه الشائعات تضايقنى فعلا لأنها تمادت كثيرا.
- سؤال: ما هى الشائعات التى ضايقتكم على نحو خاص؟
جواب: شاهدتها على البي.بي.سى وغيرها بأن الوليد نقل إلى مكان ما آخر، السجن الرئيسى، وأنه تعرض للتعذيب. كلها أكاذيب. هذا مؤسف جدا.
كنت أعتزم إجراء مقابلة عندما أخرج وهو أمر أظنه وشيكا. مسألة أيام. لكننى قررت التعجيل بالأمر وقبول هذه المقابلة اليوم بسبب كل هذه الشائعات. هى غير مقبولة على الإطلاق وكذب محض.
- سؤال: ما هى الاتهامات التى أدت لاحتجازكم هنا وفقا لما قيل لكم؟
جواب: حسنا أنا شخص معروف محليا وإقليميا ودوليا، أليس كذلك؟ أشارك فى مشروعات كثيرة جدا. ليس لدى ما أخفيه على الإطلاق. أنا مرتاح جدا وعلى راحتى جدا. أحلق هنا وكأننى فى البيت. يأتى حلاقى إلى هنا. أعيش كأننى فى بيتى بصراحة. ليس هناك شيء على وجه الخصوص. كل المناقشات تجرى فى العموم. قلت للحكومة سأبقى للفترة التى تريدها لأننى أريد أن تنكشف الحقيقة بشأن كل تعاملاتى وكل الأمور من حولي.
- سؤال: ما هى التعاملات التى يقولون إنها غير ملائمة؟
جواب: ليس للأمر علاقة بما هو ملائم وغير ملائم. كل شيء ملائم.
- سؤال: إنه تحقيق فى إطار مكافحة الفساد..
جواب: هذا هو العنوان الكبير.. مكافحة الفساد. لكن الكثيرين خرجوا من هنا دون أى اتهامات على الإطلاق - تماما. من الواضح أن السبب هو مشاركتى فى العديد من المشروعات محليا وإقليميا ودوليا، الكثير من المصالح، لذا قلت لهم: رجاء.. خذوا وقتكم. افحصوا كل شيء. ليس لدى ما أخفيه. كل شيء سليم تماما. افحصوا كل شيء وعندما تنتهون من الأمر نكون قد انتهينا.
عُرض على فى الواقع أن أخرج من هنا قبل أيام قليلة وأنا قلت: لا، سأبقى هنا لحين الانتهاء من كل شئ بنسبة مئة بالمئة لأن من المهم جدا أن أخرج بلا شائبة. وهذا ما سيحدث.
- سؤال: ما هو نوع التسوية التى تجرى مناقشتها؟ كم تطلب الحكومة؟ هل يطلبون أصولا أم حصصا فى شركات؟
جواب: فى الواقع قرأت هذا فى بلومبرج. قالوا إنهم يريدون نسبة مئوية كبيرة من المملكة القابضة ويودون الحصول على ستة مليارات دولار. كل هذا غير صحيح. لم أكن أعتزم الرد على هذه المزاعم إلى أن أغادر، لكن وبسبب مسألة التعذيب هذه... التى ضايقتنى كثيرا قبلت بإجراء مقابلة.
- سؤال: هل ستكون هناك تسوية مالية عندما تغادرون؟
جواب: ليس بالضرورة. لا يمكننى البوح، فهناك طرفان هنا. حتى الآن نتحدث وحتى الآن الأمور جيدة. وعندما تكون هناك شكوك حول شخصية معروفة مثلى فمن المهم جدا إزالة هذه الشكوك بنسبة مئة بالمئة. لدى تعاملات محليا وإقليميا ودوليا ومع بنوك دولية ومع شركات. نحن نستثمر فى جميع أنحاء العالم.
من المهم جدا عندما تخرج من هذا أن تخرج مع تبرئة ساحتك تماما. هذا هو هدفي... طلبت ألا أخرج من هنا إلا بعد تبرئة ساحتي. ونحن نصل بالتدريج إلى هذه المرحلة.
- سؤال: كيف تتوقعون حل هذه المسألة؟ هل ستقدمون تبرعا؟ هل ستتنازلون عن حصص فى شركات؟
جواب: نتناقش مع الحكومة فى الوقت الحالي. لا يمكننى إطلاعكم على النقاش النهائى معهم لكننا فى المرحلة النهائية منه. وصلنا".
- سؤال: هل لهذا الأمر أى علاقة بالسياسة؟ هل له علاقة بمعارضة والدكم الأمير طلال ربما لصعود الأمير محمد بن سلمان فى دوائر السلطة؟ أم أنه فعلا بهدف مكافحة الفساد؟
جواب: ليس للأمر أى علاقة بالسياسة ولا علاقة له بالاقتصاد ولا علاقة له بالفساد. لكننى للأسف فى هذا المكان لتبرئة ساحتي. أود البقاء هنا لحين تبرئة ساحتى مئة بالمئة. بوسعى القول إننا وصلنا إلى 95 بالمئة تقريبا".
- سؤال: ماذا تتوقعون أن يحدث بعد أن تغادر الريتز؟ هل ستبقون فى السعودية؟
جواب: لن أغادر السعودية بالقطع. هذه بلدي، وهنا أسرتى وأبنائى وأحفادي. هنا أملاكي. ولائى ليس مطروحا على الطاولة... للملك ولولى العهد وللسعودية، إنه غير قابل للتفاوض".
- سؤال: هل تتوقعون الاحتفاظ بملكية شركة المملكة القابضة وحصص فى شركات مثل سيتى جروب؟
جواب: نعم ستظل المملكة القابضة ملكيتى الخاصة، نفس الملكية.
كل هذه الشركات جزء من المملكة القابضة التى لها استثمارات محليا وإقليميا ودوليا وتملك أغلى برج فى جدة.
إذا كنت سأحتفظ بملكيتى فى المملكة القابضة فمن الطبيعى أن كل الحصص ستظل كذلك لأنها ملك للمملكة القابضة.
- سؤال: هل تتوقعون تحويل أى أصول إلى الدولة؟
جواب: لا فى الحقيقة. لا أتوقع أى شئ على الإطلاق لأنه بالفعل لا شيء على الإطلاق.
- سؤال: هل يتسنى لكم الحديث مع القائمين على أعمالكم؟
جواب: نعم، كلما أراد ممثلو المملكة القابضة الحديث معى يأتون للحديث معى ويلتقون بى.
أتحدث معهم كلما اقتضت الحاجة، أحيانا يوميا، وأحيانا كل يومين أو ثلاثة.
وعائلتى، تحدثت للتو مع ابنى وابنتى اليوم. وتحدثت إلى حفيداتى اليوم.
- سؤال: هل تتوقعون أن تحتفظوا بملكية منازلكم فى السعودية؟
جواب: نعم، بصراحة. أعلم أنكم ربما تسألون: إذا كان الوضع هكذا فلماذا أنت هنا؟ أتفهم أن المرء يظل بريئا إلى أن تثبت إدانته. أنا مواطن سعودى وعضو فى الأسرة الحاكمة وأعرف أن الناس يتساءلون لماذا يوجد الوليد هنا. لا منطق لهذا لأنهم يعرفون أننى أشارك فى الأعمال الخيرية وفعل الخير... لذا فهناك تعارض وأنا أتفهم هذا. لكن وكما تعلمون هناك سوء فهم تجرى إزالته. لذلك أود البقاء هنا إلى أن ينتهى هذا الأمر تماما وأخرج وتسير الحياة.
- سؤال: هل جرت أى مناقشة لتعهدات بشأن الدخل فى المستقبل... تبرع بشكل ما أو وعد بالاستثمار فى أرامكو أو مشروعات صندوق الاستثمارات العامة؟
جواب: لا لا. لا شئ. أبدا.
- سؤال: إذن فلن تقدموا تبرعا من أى نوع؟
جواب: لا. لا شئ.
- سؤال: ماذا ستفعلون بالضبط بعد إطلاق سراحكم؟
جواب: ستسير الأمور على نفس المنوال. سأخرج وسأذهب إلى مكتبى وسأذهب إلى الصحراء فى عطلة الأسبوع وسأظل نباتيا.
- سؤال: كيف يسير يومكم هنا فى الريتز؟
جواب: ها هو حذائى الرياضى هناك. أمشى وأسبح وأتريض وأتمدد ولدى برنامج وأشاهد الأخبار.
- سؤال: عندما تجرى مناقشاتكم مع الحكومة، ماذا يسألون؟
جواب: لا يمكننى البوح بهذا. لكننا نعمل فى السعودية منذ 30 عاما. لدينا قيادة جديدة الآن فى السعودية ويريدون فقط تقصى كل التفاصيل. وقلت: حسنا، وهو كذلك، لا مشكلة لدى على الإطلاق. تفضلوا. أنا متعاون جدا.
- سؤال: هل هناك أدنى احتمال لإحالة هذه المسألة إلى المحاكمة أو الذهاب إلى السجن؟
جواب: لا محاكمة ولا سجن على الإطلاق. إنها مسألة أيام كما أقول لكم.
- سؤال: هل تعتقدون أن هذه العملية عادلة؟ هل هذه العملية مفيدة للسعودية؟
جواب: بالنسبة لي، لقد تحلوا بالنزاهة والصدق وكنت نزيها وصادقا معهم. يوجد فى السعودية فساد ولا شك فى هذا من المؤسف أن يقع شخص مناهض للفساد فى شباك هذا كله، وهذه حقيقة أتقبلها. الكثيرون هنا، حوالى 300، وأعتقد أن الغالبية خرجوا الآن والغالبية أبرياء فى حقيقة الأمر. وتوصل البقية إلى تسويات... لكنها بينهم وبين الحكومة.
أهدرت أموال طائلة فى العقد الأخير... وبعض أعضاء الحكومة متورطون فى الفساد. وأعتقد أن من المفيد اجتثاثهم وجعل السعودية بلا شائبة.
لا يسعنى سوى قول إننى أؤيد الملك وولى العهد فى كل الجهود التى يقومان بها حتى تكون هناك سعودية جديدة بالفعل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة