جاء بالمادة الخامسة من الدستور: «يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسؤولية مع السلطة واحترام حقوق الإنسان وحرياته على الوجه المبين فى الدستور».
من المعروف أن فكرة ومبدأ تداول السلطة لم يكن معروفًا ولا «مدسترًا» ولا مقننًا قبل تطور الفكر السياسى ومعرفة العلوم السياسية والتعامل مع الدستور والقانون، ولكن كان التداول هذا يتم بصورة أو بأخرى على مر التاريخ، وكان الأمر يحسم بالحرب أو القتل أو التخلص من الحاكم من داخل الأسرة، أو بالفتن والدسائس، أى أن الحاكم لم يكن بعيدًا فى كثير من الأحيان عن الإقصاء والإسقاط والاستبدال.
ولما كانت هذه الطرق وتلك الأساليب لا تتوافق مع أى قيمة أو مبدأ سياسى، وبعد معرفة وتطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما أفرز تطورًا سياسيًا، عرف الإنسان الديمقراطية بقيمها الحقيقية وليس الشكلية.. تلك القيم التى تعتمد على حرية الاختيار بين متنافسين على أرضية الاختيار بين برامج حزبية ورؤى سياسية تتنافس لصالح الجماهير لتبنى قضاياها وحل مشاكلها والتعبير عن آمالها وتحقيق أمانيها، وهذا يعنى، ولكى يكون هناك تعددية لابد أن تكون هناك أحزاب سياسية تختلف وتتنافس من خلال برامج حزبية «فلا تعددية بدون أحزاب ولا ديمقراطية بدون تعددية»، فهل السياق السياسى والواقع العملى وقراءة هذا الواقع قراءة موضوعية يشى بأن هذا الواقع يمكن أن يفرز وينتج تلك التعددية؟
بوضوح.. من المعروف أن التجربة الحزبية ومنذ بداية القرن العشرين كانت حالة مستوردة من الغرب، من باب التقليد ومسايرة التطور والتقدم، ولكن لم يكن الواقع السياسى والتركيبة السياسية مهيأين لذلك. وليس من الموضوعية الادعاء أنه كانت هناك حياة حزبية وممارسة ديمقراطية قبل ثورة يوليو 1952، فالأحزاب كانت فوقية ذات طبيعة برجوازية لا علاقة لها بالمواطن ولا بمشاكله، ولذا لم تكن الانتخابات غير لعبة سخيفة تدار بطريقة قمعية وقهرية، ذلك لمن لهم حق الانتخاب، فكان سيد الأرض ومالكها هو سيد البشر ومالكهم أيضًا، ناهيك عن الرشوة وقسمة الجنيه إلى نصفين، نصف قبل التصويت والآخر بعده، ودليل ديمقراطية هذه الأحزاب وبالرغم من مقولة إن الوفد كان هو حزب الشعب، فلم يحكم الوفد منذ 1924 حتى 1952 سوى سبع سنوات فقط. ولذلك كانت ومازالت الأحزاب لا تعتمد كما ينبغى أن يكون على البرنامج الحزبى متسلحًا برؤيته السياسية، مرتبطًا بالجماهير، ساعيًا للوصول للأغلبية البرلمانية حتى يؤهل للحكم، ليكون هناك بالفعل تعددية حزبية ومن ثم تداول للسلطة.
وعلى ذلك تحولت الحياة الحزبية إلى ديكور مصنع ومصنوع بقرار علوى كديكور ديمقراطى لخدمة السلطة والنظام، أى نظام، خاصة بعد إعادة التجربة عام 1977، فكان الحزب الوطنى ومعه الأحزاب ديكورًا ديمقراطيًا لعهدى السادات ومبارك، ثم كان «الحرية العدالة» هو الشكل الفارغ من المضمون لعام الإخوان، والآن لا وجود حقيقى وفعلى للأحزاب على الساحة، ولذلك كان من الطبيعى أن نجد الساحة خالية من المنافسة الحقيقية فى الانتخابات الرئاسية الحالية، حتى أننا نرى منافسًا لا علاقة له بالسياسة فلا تاريخ ولا تجربة.
وفى غياب الحياة الحزبية التعددية عمليًا على أرض الواقع تتحول السياسة والعمل السياسى إلى حالة من حالات الاسترزاق والنفعية الذاتية، تلك النفعية التى نرى أصحابها مع كل نظام وأى نظام تحت مقولة الوطنية وصالح الوطن.
ولا نعلم هل صالح الوطن مع نظام مبارك ومع نظام الإخوان ومع نظام يونيو؟ فأين البرنامج السياسى المميز، والرؤية السياسية المختلفة.. نعم هناك ظروف استثنائية يعيشها الوطن منذ 25 يناير 2011 كادت أن تضيع الوطن.. نعم هناك مواجهة مصيرية مع الإرهاب فى عملية سيناء 2018.. نعم هناك مهمة مستديمة على كل المستويات للقضاء على الفكر الإرهابى، ولكن حب الوطن، وحب مصر يعنى أن تسير كل الأمور بالتوازى أملًا فى الوصول إلى مصر أم الدنيا.. نعم طبيعى أن نسعى للذاتية تحت مسمى الوطنية، ولكن الوطن هو الأبقى، كما أن حب السيسى والاقتناع بدوره منذ 30 يونيو وإلى الآن وإلى انتهاء دورته الثانية، وتقديرا لدوره الوطنى وما يريده ويتمناه لرفعة مصر، هذا يجعلنا نوضح أن الوطنية الحقيقية والتمهيد الصحيح لإرساء مبدأ تداول السلطة هو الدعوة للسيسى على أرضية سياسية موضوعية حوارية إقناعية، بعيدًا عن الشعارات أو خلط الأوراق بين المعارضة المطلوبة والمشروعة والدستورية وبين من يريدون هدم الوطن وإسقاط الدولة.
السيسى هو رئيس مصر حتى عام 2022، وعلى كل من يدعى حبه للوطن والخوف على مصر أن يعمل من الآن وليس غدًا على إحياء الحياة السياسية والحزبية، وعلى ممارسة الخلاف على أرضية الرأى والرأى الآخر لصالح أى نظام، والأهم لصالح مصر.
تداول السلطة حق مشروع، والأهم هو تمهيد الطريق وتهيئة المناخ لأن يكون هذا التداول فى الإطار الدستورى، والالتزام بالقانون، حتى تسلم مصر من الدسائس والمؤامرات المحيطة بها من كل جانب، وحتى تصبح مصر بالفعل ملكًا لكل المصريين المحبين والخائفين عليها والعاملين لمصلحتها لا لمصالحهم الشخصية.. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
عدد الردود 0
بواسطة:
سيساوي حتي النخاع
الشعب سيد قراره
الشعب هوه اللى يقرر مين يفعد فى السلطه ومين يغادر والدستور اللى حضرتك بتتشدق بيه مش قران منزل احنا الشعب اردتنا فوق كل دستور اصمت يرحمك الله