"ليس أمرا مستبعدا أن يأتى أحد أحفاد قدماء المصريين، الذين أوجدوا فن التحنيط منذ القدم، ليبتكر وسيلة حديثة لحفظ الموتى"، كانت تلك أحد التعبيرات التى استقبلت بها بعض البلدان الغربية كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا، تقنية "النادى تكنيك" التى استحدثها الدكتور فوزى عبد الحكيم النادى، أستاذ تشريح الأجنة بكلية الطب البيطرى جامعة القاهرة، بمعمله الصغير بالكلية، لحفظ جثث الموتى والتحنيط، لأغرض الدراسة بكليات الطب البيطرى والبشرى.
قال النادى، إن هناك مجموعة من الأبحاث حاولت أن تحاكى طرق القدماء المصريين فى حفظ الجثث، باستخدام الملح والنيترون، وأخرى باستخدام مادة الفورمالين لإحداث تغيير كيميائى داخل الخلايا، تؤدى إلى استحالة تعرض العضو للتحلل أو التعفن، مشيرا إلى أن الفورمالين تم إثبات ضرره البالغ على صحة الإنسان، عند استنشاقه من الجثث المحقونة به، رغم أنه أرخص طرق التحنيط، بالإضافة إلى طرق اعتمدت على سحب المياه من الأنسجة، والتى ابتكرها فون هاجن عالم التشريح الألمانى، باستخدام الأسيتون، موضحا أن تلك الطريقة تؤدى إلى إنكماش العضو، والذى اضطره وقتها إلى حقن الجسد بمواد أخرى، وتسميتها بـ"البلاستكه" لتحويلها العضو إلى "بلاستيك".
تجارب للوصول إلى بدائل
وأضاف لـ"اليوم السابع"، إن البلاستكة تحافظ على العضو بهيئته وجفافه مدى الحياة، إلا أن رفض العلماء الأمريكيين الإفصاح عن سر المادة المستخدمة فى تلك التقنية، دفعه لإجراء مجموعة من التجارب الخاصة به، لإيجاد بديل لمادة الأسيتون، حتى أجرى تجربة أخيرة على نسيج حى لأحد الحيوانات النافقة، وتابعه بشكل يومى، ولم تتعرض للتعفن، ولم تجذب لها أى حشرات، مشيرا إلى أن ذلك استمر حتى 2014، حين تقدم للحصول على براءة الاختراع، وحتى الآن مازالت فى مرحلة الفحص الفنى، مما اضطره إلى نشر البحث فى ألمانيا فى مجلة "التكس" بعد تسميتها بتقنية النادى لحفظ الأنسجة والتحنيط.
وأوضح أن المادة البديلة كانت "الجلسرين"، لافتا إلى أنه لم يستخدم أى ثلاجات أو مضخات، وكل العملية تمت فى درجة حرارة الغرفة، مشيرا إلى أنه أيضا توصل إلى تركيبة تقضى على لزوجة الجلسرين، لافتا إلى أن تجربته بدأت على عينة لمعدة حمار صغير، ومجموعة من أجنة الحيوانات، واليرقات الموجودة فى معدة الخيول، مشيرا إلى أن أكبر جسم تم عمل التقنية عليه هو جنين بقرة، مؤكدا إمكانية تطبيق تلك التقنية بكليات الطب البشرى، نظرا لتشابه أنسجة الإنسان والحيوان معا.
التقنية تحافظ على خواص الأنسجة
وأشار إلى أن "النادى تكنيك"، تحافظ على ليونة الجسم وأعضاؤه بكافة خواصه، وتحوله إلى جسم أشبه بالكاوتش، والتى تسهل عمليات دراسة التشريح لأعضاء الحيوانات، كقلب الحصان لبيان تفاصيله من الداخل والبطين الأيمن والأيسر، مؤكدا أن تحويل الأنسجة إلى مادة كاوتشية يحتاج إلى حوالى شهر تقريبا، لافتا إلى أن أبرز ما يواجه تقنيته الآن هو تكلفة شراء المواد الكيميائية المستخدمة بها، والتى يتم شرائها بشكل فردى وشخصى من جانبه حتى الآن، لإعداد نماذج تمكن كلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة من تدريب الطلاب عليها.
وأشار إلى أن حديقة الحيوانات بالجيزة، بدأت الاستعانة بتقنيته، فى بعض النماذج المحدودة من الحيوانات، لعدم وجود موارد مالية كافية لديها، موضحا أنه طبقها للحديقة على عددا من الثعابين، ونوع من الزواحف "الضب"، وقط بري، وطائر الكاسورى النادر، متمنيا أن تستفيد الدولة من تقنيته فى عمل متحف تعليمى للاستفادة من الحيوانات النافقة، وإطلاع الطلاب على طبيعة تركيب أعضاء الحيوانات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة