فى 29 ديسمبر 1998 قام قادة الخمير الحمر فى كمبوديا بتقديم اعتذارهم عن المجازر التى ارتكبوها بحق المدنيين فى فترة السبعينيات والتى نتج عنها حوالى مليون ونصف المليون قتيل، فى واحدة من أغرب مجازر القرن العشرين.
ومصطلح الخمير الحمر هو تحالف لقوى ماركسية انتهجت عنفا ثوريا لتنفيذ تصوراتها الإيديولوجية المغلقة، حيث اندلعت المواجهات بين القوى الثورية الشيوعية وقوات الجنرال "لون نول" وقد قامت الولايات المتحدة بقصف مناطق كمبودية مختلفة دعما لحلفائها الأمر الذى انعكس على ازدياد شعبية الخمير الحمر وتعاطف قطاع واسع من السكان معهم.
واستولى الخمير الحمر على العاصمة "بنوم بنه" سنة 1975، وقام النظام الجديد بقيادة "بول بوت" بتغيير اسم البلاد إلى "جمهورية كمبوتشيا الديمقراطية" ولتبدأ بعدها المذابح المروعة فى أحد أكثر المشاهد إجراما ووحشية التى عرفتها الإنسانية، مذابح سوف تفضى إلى إفناء ما يفوق ربع الشعب الكمبودى حينها دفنوا فى ما سيعرف لاحقا بحقول القتل.
وتُعتبر منظمة الخمير الحمر المسؤولة عن موت 1.5 مليون شخص (أحيانا يقدرون بين 850,000 إلى 3 ملايين) فى ظل نظامهم، عن طريق الإعدام، والتعذيب و الأعمال الشاقة. حاول زعيمهم بول بوت تطبيق نوع راديكالى متشدد من الشيوعية الزراعية، حيث يجبر كامل المجتمع على نوع من الهندسة الاجتماعية تجبرهم على العمل فى مجتمعات زراعية أو فى أعمال شاقة، ومعنى كلمة الخمير فى اللغة الكمبودية الفلاح حيث كانوا يقدسون الأعمال الزراعية ويعتبرون الفلاح مهما فى اقتصاد البلد وأفضل من غيره.
مرت "التجربة الثورية" فى كمبوديا بمراحل عنيفة بدأت بطرد جميع سكان المدن إلى الأرياف وإجبارهم على العمل فى الزراعة، بما فى ذلك 2 مليون شخص كانوا يسكنون العاصمة بنوم بنه، وإلغاء التعامل بالنقود، وحظر التعليم وتحويل المدارس والجامعات إلى سجون، وحظر تام على ممارسة الشعائر الدينية، وحظر اللغات الأجنبية والقضاء على مسئولى وعسكريى النظام السابق وتصفيتهم جسديا.
أجبر نظام الخمير الحمر الكمبوديين على العمل فى مزارع جماعية بأدوات بدائية لمدة تمتد من 12 – 14 ساعة يوميا، وبنظام تغذية قاس. وقام بحرق منازلهم حتى لا يجدوا مكانا يلجؤون إليه، وحظر الصيد ليتفرغ المواطنون للزراعة والكدح.
كما تعرضت جميع الأديان فى كمبوديا للحظر تحت طائلة الموت. وتم تدمير المعابد البوذية والكنائس وجميع مساجد كمبوديا وعددها 180. ولم يبق من 40 ألف مسلم على قيد الحياة فى محافظة كامبونج تشام سوى 4 أشخاص بعد سقوط نظام الخمير الحمر.
وأعلن الأخ "رقم 1" فى سبتمبر من عام 1977 أنه نجح تماما فى تخليص كمبوديا من ألفى عام من اليأس!. فماذا ترك خلفه هذا الزعيم الدموي؟
ترك بول بوت كمبوديا فى عام 1979 فى حالة من البؤس الشديد والخراب، مخلفا 142 ألف مُقعد، و200 ألف يتيم، وبلدا تحت الركام، دمرت فيه أكثر من 600 ألف بناية بما فى ذلك 6000 مدرسة و1000 مستشفى ومركز صحي، و1968 معبدا بعضها تم تحويلة إلى حظائر للخنازير ومستودعات ومعتقلات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة