دينا شرف الدين

لسنا "نحن" وليسوا "هم" ولن نكون يوماً

الجمعة، 28 ديسمبر 2018 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كل عام ونحن جميعاً أقباط مصر بخير وسلام وأمان، أعاد الله علينا الأعياد والاحتفالات ونحن نسيجاً واحداً ذائباً ببعضه إلى يوم الدين.

فبعد أن تجاوزنا مرحلة الحزن الذى أصاب شعب مصر بأكمله فى مصابه الأليم الذى وقع مؤخراً بالمنيا، جراء الحادث الإرهابى الخسيس ضمن سلسلة طويلة من العمليات الإرهابية التى تستهدف حصد أرواح المصريين من مدنيين لعسكريين لمصلين بالأديرة وآخرين بالمساجد، لا تفرق بين طفل وامرأة ومسن ولا تسعى سوى لزعزعة الاستقرار وبث الرعب ونشر الفوضى لأسباب باتت واضحة للجميع، وأهداف محددة لدول كبرى وتنفيذ أعمى لسياسات عليا لن يهدأ لها بال لطالما ظلت مصر آمنة مطمئنة مستقرة، إذ أنها كما نعلم ويعلمون رمانة الميزان للمنطقة المنشودة بأسرها..

 

أما بعد:

فقد لفت نظرى بشدة مؤخراً أن هناك جمل يتم تبادلها بين أبناء الوطن من تعازى ومواساة وغيرها وكان على رأس تلك الجمل ما يلى:

 

(نشاطركم الأحزان فى مصابكم الأليم)

(اعذرونا نحن الآن غاضبون)

(نحن جميعاً أبناء وطن واحد مسلمون ومسيحيون)

 

وغيرها من الكلمات التى تأذت منها أذناى وارتبكت مشاعرى، ووقفت فى حيرة من أمرى.

 

ومنذ متى كنا فصيلان (نحن وهم)؟

ومن أين لنا كل تلك العبارات الغريبة علينا، التى تعد دليل نجاح هؤلاء الدخلاء فى شق الصف وتقسيم المجتمع وزرع الفتنة بين أبناء المصريين الذين لم تستوقفهم يوماً خانة الديانة فى بطاقات الهوية، إذ أنهم كانوا وما زالوا وسيظلون نسيجٍ واحد متجانس متشابك، ويشهد على كلامى هذا جيلى ومن سبقه من أجيال كثيرة تمتد جذورها لآلاف السنين عندما كنا جميعاً "أقباط مصر".

 

لم تعرف مفرداتنا يوماً هذه المسميات غير الصحيحة، والتى لا تدل إلا على جهل كبير بالتاريخ، هذا الذى لا تمحوه أبداً تلك الأفكار المتطرفة السامة.

 

التى تم زرعها بعقولٍ مريضة مختلة لتتحول إلى مجرد أدوات ودمى تحركها  قوى بعينها لا ترجو لنا خيراً ولا يسعها سوى البحث دائماً وأبداً عن سبل القضاء على وحدتنا وتفتيت قوتنا.

 

هناك مثال قديم يصف حالة المجتمع الذى لم يكن يشغله يوماً أن هذا مسلم أو ذاك مسيحى:

فقد سمعت رواية طريفة عن العملاقين نجيب الريحانى وبديع خيرى اللذين تعاونا طيلة سنوات مشواريهما الفنى الذى امتد لعشرات السنوات والذى خرج للجمهور بغالبية روائع الريحانى.

 

وذات يوم بعد مرور سنوات كثيرة من الصداقة والتعاون الفنى والقرب الشديد توفى أحد المقربين لبديع خيرى وذهب صديقه نجيب لتقديم واجب العزاء وكانت المفاجأة التى لم يكن يعلمها أن بديع خيرى مسلم.

 

فقال له الريحانى مقولتليش إنك مسلم  قبل كده.

فرد خيرى (وهو أنت عمرك سألتنى)؟

 

عزيزى المواطن المصرى الهوية والقلب:

حذار من الفتن الكثيرة التى يزرعها بطريقك من هو عدو لك ليتلاعب بمشاعرك، ويشحن قلبك بأحاسيس لا وجود لها على الإطلاق ليجعل منك أداة جديدة من أدواته التى يستخدمها بحربه ضدك لتدمر أنت نفسك بيدك لا بيده.

 

فلسنا "نحن" وليسوا "هم" ولن نكون يوماً

 

نهاية: نحن أقباط مصر بغض النظر عن ديانتنا التى نعبد من خلال تعاليمها الله الذى ألف بين قلوبنا وجعلنا أمة واحدة لم ولن يقوى يوماً عدو على شق صفها، وإن جمع لها جيوش الأرض كلها بشهادة التاريخ الذى يضرب بجذوره  فى الأعماق.

 

فمن صوب رصاصاته على العائدين من الدير هو نفسه من صوبها على المصلين بالمسجد، لا يفرق بين أحدٍ منا، ولن يفلح فى ذلك يوما ما دامت الحياة  الدنيا.

 

فبعد له ولقبيله أينما كانوا، وعاشت مصر  بشعبها رغم مخططاتهم وفوق رؤوسهم قوية أبية أبد الدهر.

 

وكل عام ومصر وشعبها بخير وسلام وأمان

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة