يقال والعهدة على الراوى، إنه كان فيه سفينة محملة بالبضائع فى طريقها لسوق بالقرب من «جامع ابن طولون»، والسفينة كانت على وشك الغرق، فاكتفى طاقمها بالدعاء لحفظ السفينة «أنا على قلبها لطالون» بمعنى ليس لنا فيها حاجة، كل ما عليها لجامع ابن طولون.
بحارة فى عرض البحر اكتفوا بالدعاء إلى السماء، وقعدوا عن إنجاز مهمتهم العاجلة فى إنقاذ السفينة، ليس بالدعاء وحده تستنقذ الأوطان، سفينة الوطن تحتاج إلى روح وعزم وعمل ومثابرة، الدعاء وحده لا يكفى، يدك التى ترفعها بالدعاء تصلح قبلا لدفع السفينة نحو شاطئ النجاة.
أسوق هذا المثل العتيق، لأن القاعدين فى المحروسة أكثر من الهم على القلب، لا يعقل أن يجتهد رجال القوات المسلحة لإنقاذ سفينة الوطن، ونحن هاهنا قاعدون على قلبها لطالون، نكتفى بالدعاء أقصد بالتغريد والتتويت والفسفسة على حوائط الفيس بوك.
ربنا يكفيكم شر القاعدين، وهم كثر، وليس أكثر من القاعدين على مكاتب دولاب العمل الحكومى، إلا من رحم ربى قاعدين على الحيطة ويسمعون جلبة الإنجاز فى المزارع والمصانع والطرق والكبارى وغزو الصحراء وتفجير الجبال، وهم قعود على مكاتبهم كأعجاز نخل خاوية.
إنجاز القوات المسلحة يدفعنا بوطنية إلى فتح ملف القطاع الحكومى بغية استيقاظه من غفوته التى طالت، للأسف يسجل غيابا فى وقت حضور، كيان مليونى يرزح تحت وطأة بيروقراطية عتيقة تقتات لوائح صفراء، تحكمها تعليمات موغلة فى التعقيد، تستّف الورق تستيفا دون مردود حقيقى على الأرض.
دولاب العمل الحكومى يحتاج إلى نفضة، العنكبوت عشش فى الأركان المتربة، دوام الحكومة فراغ، ضجيج بلا طحن، جلبة بلا مردود، لا نطلب منهم هد الجبال ولكن قضاء الحاجات، التخفيف على المواطن، تخليص الأوراق، وإنهاء المعاناة، هناك هدر كامل لوقت البشر فى المصالح الحكومية، الحكومة الورقية تسيطر، لاتزال على حالها تخاصم عصر الحاسوب، أيامهم بين غياب وحضور وعارضة ومرضى، غياب كامل عن مصر الجديدة التى يعاد بناؤها من جديد.
الإنجاز المطلوب كما هو مكتوب يحتاج إلى ثورة حقيقية فى الجهاز الإدارى للدولة، ثورة على السفينة المعطوبة، ثورة على اللوائح التى تأتى بأمثال هؤلاء القاعدين، تخيل كيف حال الترقيات، بالأقدمية وبالدرجة، ومربوط على الدرجة، والدرجة لم تأت بعد، ومستنى الدرجة، والرسوب الوظيفى، وتقارير الأداء، بالذمة هل يصلح رجال عصر البخار فى تسيير سفن الفضاء.
حكم علينا الزمن بقيادات وظيفية أدمنت الفشل، ولا ترضى بغيره بديلا، تربت على التبطيط بديلا عن التخطيط، والتظبيط بديلا عن التحفيز، لا ترعوى إلا لقانون الفشل يورثهم عجزا.. محلك سر، ولماذا نتحرك وفى الحركة مشقة، يعنى اللى اشتغلوا قبلنا خدوا إيه، وعلى قد مرتبهم، ياعمى ريح نفسك حد واخد منها حاجة، وإن خربت دار أبوك خد لك منها قالب، هات يا ابنى سجادة الصلاة!
ماذا أنتم فاعلون، لماذا أنتم قاعدون؟ مهمة القوات المسلحة فى قلب الدولة لن تطول، يقينا القوات المسلحة مش هتعمل كل حاجة، كل واحد يعمل شغله فحسب، لا تنتظروا مائدة من السماء، ولا تكتفوا بالدعاء، العمل عبادة، وإتقان العمل وصية نبوية، وقضاء مصالح الناس مستوجب دينيا، لا نستنكف الدعاء وهو من الطيبات، ونحبذ العمل من قبل ومن بعد الدعاء.
القطاع الحكومى حتما لابد أن يفيق من غفوته، ويخرج من شرنقة العجز، ويحرر إرادته خالصة لوجه الوطن ويرنو إلى إنجاز مهامه الوطنية، ولابد من تفعيل آلياته وتحريك آلاته، وحفز هممه واستصحاب خلاياه الحية التى لم يطلها العطب إلى حالة من الإنجاز الباهر.. قول يا رب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة