حمدى رزق

أنا فى عرض المجمع اللغوى

السبت، 22 ديسمبر 2018 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بمناسبة اليوم العالمى للغة العربية «18 ديسمبر»، تلطمنى لغويًا على لسان زعران «الفيس بوك»، كلمة «فشيخ» التى تسللت إلى قاموس الشباب المصرى الناهض، فصار كل «فشيخ» يعنى استثنائيًا، فوق العادة، وكان حتمًا ولابد من البحث عن الجذر اللغوى لـ«الفشيخ» هذا الذى يتردد على الألسنة إناء الليل وأطراف النهار.
 
واجتهدت فعليًا، وتوفرت وقتيًا على تقفى أثر هذا اللفظ الذى شاع شيوع أغانى «حمو بيكا» أخيرًا فى التاكسيات «الابيض فى اصفر»، مجارى حموبيكا ضربت فى مصر الجديدة،  و«فشيخ» لغويًا صار لفظًا مستساغًا ليس مستغربًا ولا مستهجنًا.
 
«فشيخ» للعجب العجاب صار وصفًا مستحبًا يجرى على ألسنة شباب اليومين دول، فالكومنت صار «فشيخًا»، والبوست الفشيخ، والكتاب الفشيخ، وهكذا دواليك فشيخ، فشيخ، فشيخ، حتى الشيبسى صار فشيخًا بمعنى حار جدًا بالخل والليمون، أما عن الفسيخ الفشيخ فلا تسل حتى شم النسيم المقبل.  
 
وإنه لأمر فشيخ، فى معجم المعانى الجامع فَشَخَ، كفعل تتوالد على هذا النحو الأرانبى، فشَّخَ يفشِّخ، تفشيخًا، فهو مُفشِّخ، والمفعول مُفشَّخ- للمتعدِّى، فَشَخَ فلانا صَفَعه ولَطَمه، وفشَّخ الرَّجلُ بمعنى فشَّخ الرَّجلُ رِجْليه وتعنى أرخى مفاصلَه.
 
صَفَعنى ولَطَمنى المعجم خاصة فشَّخ الرَّجلُ بمعنى فشَّخ الرَّجلُ رِجْليه وتعنى أرخى مفاصلَه، فصرت بائسًا مع علمى التام بأن اللغة  العربية حمالة أوجه، ويقينًا شبابنا يقصدون فى معاجمهم اللغوية معنى آخر، فكل شىء وأى شىء عندهم صار فَشَّيخًا، الفشيخ صار منتهى الأمر وذروته، وما يصعب تخيله، وفوق الاستطاعة، ويوثق المشكوك فى أمره معناه بالفشيخ، صفة أو فعلًا فهو فشيخ وعليك أن تتخيل الباقى يافصيح.
 
خلاصة البحث الفشيخ هو الخارق للعادة الذى يلفت الأنظار، واصلها من كلمة فشخ بمعنى جدًا، ويقال فلان فشيخ: يعنى أنه رائع جدًا، والعربية الفشيخة تعنى السيارة المذهلة، والفشيخ شعبويًا سيئ المعنى، وأشك أن من يتداولونه اليوم سيئ الطوية، للأسف مفردة من مفردات لسان تربى على التوليد اللغوى.
 
جيل عجيب غريب وهذه لغته، ليس مهمًا أن تستبطنها، أفهمها على علاتها، ولا تفعل مثلى بحثًا عن جذرها اللغوى، ليس هذا الذى هو كائن فى المعاجم كالوسيط يشرح ما خفى من معانٍ لهذه المفردة الشاذة لغويًا، وسيحيلك لسان العرب إلى معانٍ لا يقصدها أبدًا هؤلاء، العفاريت استولدوا لغة خاصة أقرب للشفرات هروبًا من المتلصصين من بيض الرؤوس الذين تصعقهم الصاعقة إذا ألقوا السمع إلى هؤلاء إذا تحدثوا.
 
ولا تستغرب، ذوق جيل، فانز «حمو بيكا» و«مجدى شطة»، الفانز الفشيخ، وما يتترى على ألسنتهم من قبيل الكومنت الفشيخ، تخيل حصاد الكومنت الفشيخ أو البوست الفشيخ من المشاهدات واللايكات والكومنتات، كومنتات فشيخة على بوست فشيخ من شاب يفشخ لغويًا، اللغة العربية تتعرض لفشخ لغوى فشيخ فى يوم اللغة العربية.
 
فشيخ تصلح لكل الأجواء، فالسيارة الجديدة، سريعة فشخ، والكتاب فشيخ، والكاتب الذى يراود القراء عن عقولهم، قلم فشيخ، ويقال كاتب مقال فشيخ، زمان كان وصفه الكاتب الكتوبة، والآن الكاتب الفشيخ، ومهما أجدت كتابة لن تكون فشيخًا لأن أذواق هؤلاء تحكم أحكامهم الفشيخة، كيف تنتمى لغويًا لجيل المازنى والعقاد وطه حسين وتكون فشيخًا، الفشيخ هو ابن جيله الفشيخ.
 
لغويًا تخيلت الفشيخ رائعًا، أو عظيمًا، أو ملهمًا، وهذا جيد وحسن ولكن الفشيخ وصف مثل السلعوة، لا تعرف لها أصلًا أو فصلًا، كلب وديع أم ديب مفترس قريبة الشبه بالتوك توك لا هو موتوسيكل ولا سيارة، احترت واحتار دليلى، وعلى رأى عمنا طيب الذكر عبد الفتاح القصرى.. أنا فى عرض المجمع اللغوى!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة