تواصل الحكومة المصرية، ممثلة فى وزارة الزراعة ومركز بحوث الصحراء، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى والمنظمات الدولية المانحة، جهود التنمية الريفية، وإقامة المشروعات بالمناطق الصحراوية، للمساهمة فى توطين البدو والحد من تنقلهم بين المناطق خلف المياه والقضاء على البطالة بين بدو مطروح، خاصة من سكان المناطق الصحراوية البعيدة عن المدن، من خلال استغلال الموارد الطبيعية وتنميتها بالمناطق المختلفة.
ويأتى فى مقدمة هذه المشروعات والأعمال، تأهيل وتطوير الوديان القديمة واستصلاح وديان جديدة لزراعتها صالح أهالى المناطق التى تقع بها هذه الوديان والاستفادة منها بزراعة على مياه الأمطار، بعد بناء السدود وحفر الآبار والخزانات لحصاد الأمطار واستخدامها طوال العام فى الزراعة والشرب وتربية الحيوانات، لرفع المستوى الاقتصادى لسكان الصحراء وتوفير دخل ثابت للأسر والإسهام فى زيادة الرقعة الزراعية والثروة الحيوانية.
ونجحت الحكومات المتعاقبة والبرامج المشروعات التنموية الدولية، منذ ستينيات القرن الماضى وحتى الآن، فى إنشاء ألاف السدود بالوديان الصحراوية، لحجز مياه الأمطار وتخفيف سرعة انجرافها نحو البحر واستغلالها فى زراعة ما يزيد عن 150 ألف فدان، وكذلك حفر أكثر من 10 ألاف بئر، بالإضافة إلى تطهير والمحافظة على أكثر من 800 بئر رومانى بسعات كبيرة، منتشرة فى الصحراء، كان يستخدمها الرومان قديماً فى حصاد وتخزين مياه الأمطار.
ويجرى حاليا الانتهاء تنفيذ أحد مشروعات التنمية الريفية بمحافظة مطروح، بتمويل من برنامج الاتحاد الأوربى المشترك للتنمية الريفية، والذى بدأ تنفيذه منذ 3 سنوات على 3 مراحل، لتأهيل عدد من الوديان القديمة واستصلاح وديان جديدة وتنمية المجتمعات المحلية قى المناطق المختلفة الواقعة على الشريط الساحلى، بطول نحو 320 كيلومترا، من قرية فوكة شرقاً وحتى مدينة السلوم الحدودية غرباً.
ويقول الدكتور نعيم مصيلحى، رئيس مركز بحوث الصحراء، إن البرنامج الأوروبى وقع مع مركز بحوث الصحراء المصرى، عقداً بالأمر المباشر، خلال شهر مايو 2016، لإعادة تأهيل وتطوير الوديان الحالية والجديدة وحصاد الأمطار فى محافظة مطروح.
وأوضح "مصيلحى"، أنه وقع الاختيار على مركز بحوث الصحراء نظراً لخبراته الواسعة، فى تنفيذ مشروعات سابقة لتنمية الوديان وحصاد مياه الأمطار فى محافظة مطروح، مشيراً إلى أنه تم اختيار الوديان، بمشاركة المنتفعين وقادة المجتمع المحلى بالمحافظة، من خلال اجتماعات مكثفة معهم والمعاينة الميدانية لكل وادى.
ويتضمن المشروع تنمية 15 كيلومترًا من الوديان الجديدة وتأهيل 35 كيلومترًا من الوديان القائمة وإنشاء 100 خزان لحصاد مياه الأمطار، وتوريد آلات ومعدات ميكنة ومستلزمات زراعية لمناطق الريفية المستهدفة، بتكلفة حوالى 2,2 مليون يورو، وتم تنفيذ الأعمال خلال 36 شهراً من أجل تحسين الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، مثل التربة والمياه و تحسين استخدام مياه الأمطار فى المناطق الريفية المستهدفة، حيث تعد الأمطار فيها هى المصدر الوحيد لأغراض الزراعة والاستخدام المنزلى.
وقال الدكتور حمدى عبد العزيز المنسق المحلى للمشروع الأوربى، أن مشروع التنمية الريفية لتنمية وتأهيل الوديان بمطروح الممول من الاتحاد الأوربى، نفذه مركز التنمية المستدامة بمطروح التابع لمركز بحوث الصحراء، على 3 مراحل، وأن المرحلة تضمنت تأهيل واستصلاح 13 وادياً والمرحلة الثانية 17 وادياً و المرحلة الثالثة 13 وادياً، منتشرة فى المناطق الممتدة من قرية فوكة شرقاً وحتى السلوم غرباً.
وتضمن المشروع الذى بدأ عام 2016 ويستمر حتى منتصف 2019 إعادة تأهيل 50 كيلومترا من الوديان و إنشاء 100 بئر نشو بسعة تخزينية من 100 إلى 150 مكعبًا للبئر الواحد، مع زراعة حوالى 200 فدان من الوديان الجديدة بأشجار الفاكهة والمحاصيل الزراعية و تأهيل حوالى 450 فدانًا من أرضى الوديان القديمة.
وشهدت المرحلة الأولى استصلاح 13 بمساحة جديدة تقدر بـ 200 فدان تمت زراعتها بالتين والزيتون، بالإضافة إلى الزراعات البعلية مثل البطيخ والشمام التى تشتهر بهما المحافظة، ومن بين الموديان المستصلحة وادى الضباع ووادى الحشيفى الغربى ووادى رقبة عويشة ووادى رقبة أم الرجوم بمركز النجيلة، بالإضافة إلى وادى الكبش بمركز ومدينة سيدى برانى.
وتضمنت المرحلة الثانية، تأهيل 17 وادياً بمساحة تصل إلى 340 فدانا للحفاظ على زراعة أشجار التين والزيتون، ومن بينها أودية المنشاوى ورثمه والطاجة ورتيم بقرية رأس الحكمة، ووادى الباكور والحلازين بمركز مرسى مطروح، والهلوبة التابع لمركز النجيلة، ووادى المسيد والحريقة وأبو مرزوق وسدرة ورقبة سعيد بمركز سيدى برانى.
ويجرى حاليًا تنفيذ المرحلة الثالثة والأخيرة من المشروع بتنمية واستصلاح 13 وادياً تضم 260 فداناً، ومن هذه الوديان، وادى رقبة الجارية والحريقة ورقبة قدورة ووادى العرقييب والحشيفى.
وأكد الدكتور أحمد القط مدير مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح التابع لمركز بحوث الصحراء، أن الهدف من هذه المشروعات، هو تعظيم الاستفادة من مياه الأمطار التى تتساقط بكميات كبيرة خلال فصل الشتاء، من خلال حصادها باحتجازها خلف السدود فى الوديان أو تخزينها فى الخزانات والآبار، لاستخدامها فى الزراعة والشرب وتربية الأغنام والماشية، والمساهمة فى تنمية المحافظة، من خلال تنفيذ خطة شاملة للتنمية الزراعية، والاستفادة من إمكانيات مركز بحوث الصحراء بالتعاون مع منظمة إيفاد التابعة للأمم المتحدة ومشروعات الاتحاد الأوربى وغيرها من المنظمات التنموية.
وأضاف "القط"، أن تنمية الوديان أحد أنواع أساليب حصاد مياه الأمطار لاستغلالها فى الزراعة، مشيراً إلى أن مياه الأمطار تأتى من الجنوب بعد تجمعها وتنحدر إلى الشمال فى اتجاه البحر بسبب طبيعة الأرض، وتجرف معها التربة الخصبة وتحملها إلى البحر، مشيراً إلى أن تنمية الوديان يسبقها إعداد دراسات ميدانية، للمناسيب الأرضية لكل وادى، بعدها تبدأ أعمال التسوية من بداية الوادى، وتقسيم الوادى إلى مساحات بمستويات مدرجة، يفصل كل مستوى سد يتم إنشائه بعرض الوادى، ويتم عمل فتحة بمنتصف السد "مفيض" يسمح بمرور المياه الزائدة عن الحاجة إلى المساحات والسدود التالية،وحتى نهاية الوادى، وبذلك يكون تم حصاد كميات كافية للزراعة من مياه الأمطار، قبل ذهاب الفائض إلى البحر، مع المحافظة على الطبقة الخصبة للتربة.
وأشار "القط"، إلى أن النوع الثانى من حصاد مياه الأمطار، هو حفر الآبار والخزانات لتجميع وتخزين المياه، بحيث يتم حفر البئر بسعة من 100 إلى 150 متر مكعب، ويكون موقعه فى اتجاه الميل ومجرى المطر، موضحاً أن الآبار الرومانية التى حفرها الرومان قديما، تتراوح سعتها بين 1000 و 5000 متر مكعب، وحاليا يتم إنشاء الآبار بهذه السعات الأقل، من أجل القدرة على الوفاء باحتياجات أكبر عدد ممكن من البدو، من سكان المناطق المختلفة فى الصحراء، بحفر أكبر عدد أكبر من الآبار الصغيرة فى مناطق كثيرة لتوطين البدو، وتوفير احتياجات أهالى كل منطقة، من تخزين المياه لاستخدامها فى الشرب ولتربية الحيوانات، كما يمكن استخدام المياه المخزنة، فى الرى التكميلى للزراعات خلال الفترات التى لا يسقط فيها المطر.
وأوضح مدير مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح، أن المحافظة تعتمد فى زراعتها بالكامل على مياه المطر فى زراعة القمح والشعير والبطيخ البعلى، خلال فصل الشتاء، إضافة إلى أشجار التين والزيتون وهى من أشهر الأنواع التى تتحمل الظروف الصحراوية وقلة الأمطار، مؤكداً أن عملية تنمية الوديان تزيد من الرقعة الزراعية، مع زيادة عملية التوطين وخلق فرص عمل للشباب، الذى بدأ يهجر المناطق الصحراوية والزراعة بسبب قلة المياه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة