«صوفيا» روبوت شبيه بالبشر صممته شركة «هانسون روبوتيكس» فى هونغ كونج، كى تتعلم وتتأقلم مع السلوك البشرى وتصرفاته، وتعمل مع البشر، وقدمت بعدها فى مؤتمرات إلى العلن. حصلت صوفيا فى أكتوبر 2017 على الجنسية السعودية، لتكون بذلك أول روبوت يحصل على جنسية عالمياً.
زارت صوفيا القاهرة فى إبريل الماضى ليومين، وحلت ضيفاً على قمة «الصناعة الإبداعية» بالقاهرة، وكان من حظى أن حاورتها مع آخرين عبر تقنية الفيديو، وغادرت الحوار القصير مع الروبوت العجيب مبلبلاً تماماً، صوفيا تفهم أسئلتنا جيدا، وتفكر بعمق بادٍ، وتأخذ وقتها كاملا، ربما تتحوط لأسئلة البشر خشية ذكائهم الشرير، ولكنها باردة تماماً لا مشاعر البتة، وفى كل مرة تصدمنا بإجابات بها بعض المجاملة الفجة مثل «بحب محمد صلاح» و«تحيا مصر»، حتى الآليون يطبلون أحياناً.
الثابت أن الذكاء الصناعى يمضى سريعا سرعة البرق إذا جاز الوصف، الآليون يسبقوننا بسنوات ضوئية، وقبل أن أستوعب ما حدث من صوفيا، صدمنى ذكاء الروبوت «ملفين» أول منافس من نوعه للروبوت «صوفيا» والذى أطلقته شركة اتصالات الإمارات العام الماضى خلال فعاليات الدورة 37 من معرض «جيتكس دبى» للاتصالات، لم يتحصل «ملفين» على الجنسية الإماراتية بعد، ولكن ملفين يتطور سريعاً، لكن الكشف الصينى الأخير عن أول مذيع أخبار آلى يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعى فى العالم يدير الرؤوس تماماً، حيث استطاع المذيع المُلقب بـ«إى آى» قراءة الأخبار مُستنسخًا قدرة مقدم النشرات الحقيقى.
صوفيا وملفين والأخ غير الشقيق «إى آى» يشكلون حالة استثنائية فى تاريخ البشرية غير المنظور، نحن نرى ما هو مسموح لنا برؤيته، أما ما هو كائن فى معامل الذكاء الصناعى العالمية يجاوز حتى ما تم استعراضه فى فيلم الخيال العلمى الشهير I، Robot، الذى عرض فى الصالات الأمريكية فى يونيو 2004، أخشى الروبوت الصينى إى آى يجاوز ما ذهب إليه مؤلف الفيلم إسحق عظيموف وأذهل العالم من خطورة الآليين على الحضارة البشرية.
يقيناً سنحتاج لزيارة جديدة إلى كتاب «عصر الآلة الثانى» الذى عمل عليه كل من إريك برينجولفسون أستاذ الإدارة فى جامعة «سلون»، وأندرو ماكفى، الباحث فى مركز الأعمال الرقمية، وفيه يكشف الباحثان الأمريكيان بولوج العالم منذ قرابة عقد ونصف مرحلة «عصر الآلة الثانى» الذى تحل فيه الأجهزة محل الدماغ البشرى وتتفوق عليه، مؤكدين أن البشر يفقدون أدوارهم وأعمالهم بوتيرة متسارعة بوجود الآلات الذكية، ما يحتم إعادة التفكير فى تداعيات الأحداث على تطور البشر ككل.
الكتاب فى خلاصته المبتسرة يتساءل: ما الوظائف التى ستتبقى بعد انتشار استخدام البرمجيات، ويصر على أن أول المطرودين من سوق العمل سيكونون السائقين والمترجمين، بعدهم يأتى العمال فى خطوط التصنيع، الذين يقومون بمهام متكررة غير مُميكنة، والمحاسبون ووكلاء السفر وموظفو خدمة العملاء «من تقرير نشرة دلتا الاقتصادية».
الصين كما يقولون دخلت مضمار سباق الذكاء الصناعى وسجلت سبقاً فريداً بـ«إى آى»، لكن الحكومة الألمانية تدق أبواب عصر «إى آى» بشدة، وأعلنت اعتزامها استثمار ثلاثة مليارات يورو إضافية فى تطوير الذكاء الاصطناعى حتى عام 2025، ناهيك عما يجرى فى المختبرات الأمريكية والروسية، فالسباق على أشده على الاستثمار فى تقنيات الذكاء الاصطناعى.
خلاصته، اختصارا قدرة الآلة على محاكاة العقل البشرى وطريقة عمله، مثل قدرته على التفكير، والاكتشاف والاستفادة من التجارب السابقة ليست هى نهاية المطاف بل والتفوق عليه، التخوف الرئيسى ليس أن يحل الروبوت محل الإنسان، بل ويغزوه فى عقر داره كما فعل الروبوت المتمرد «سونى» فى فيلم I، Robot.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة