بحس سياسى أعلن الرئيس السيسى فى ختام أعمال «منتدى شباب العالم» اعتماد المقترح بتعديل القانون رقم «70» بشأن تنظيم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية الذى لم يلق قبولاً محلياً، وباتت مطالبات تعديله دوليا تصم الآذان، طبعا ليس لوجه الله أو لوجه العمل الخيرى، الحكاية فيها إن وأخواتها، مقصود منظمات حقوق الإنسان ومراكزها، واللبيب بالإشارة يفهم.
حسنا وجه الرئيس، وتحرك رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى وشكل لجنة لتعديل القانون من وزارات التضامن الاجتماعى، والخارجية، والعدل، وأفادت رئاسة الوزراء أن اللجنة ستُجرى حوارا مجتمعيا بشأن القانون، بما يفتح أبواب مساهمة الجميع فى بناء الوطن.
كنت أتوقع أن يضم رئيس الوزراء إلى هذه التشكيلة الحكومية ممثلين عن العمل الأهلى «جمعيات أهلية ومنظمات حقوقية» حتى يخرج القانون متسقاً مع متطلبات العمل الأهلى الذى شلت حركته تماما بفعل القانون المرتجى تعديله، والفرصة لاتزال سانحة، والحوار المجتمعى الجدى وليس الشكلى ضرورة، بدون هذا الحوار تنعدم الفائدة الوطنية المرتجاة من تعديل القانون.
وفى سياق الحوار المجتمعى، نلفت الأنظار إلى ما يستوجب الالتفات إليه ونحن بصدد تعديل القانون، فالاعتراضات الأوروبية والأمريكية مهما تخفت تتمحور حول وضعية منظمات حقوق الإنسان فى القانون، معلوم أن القانون صدر على غير هوى هذه الجمعيات الحقوقية ودون مشاركة منها أو حوار مجتمعى، وخاطبت بعض هذه المنظمات الغرب رفضاً للقانون، واشتدت الهجمة الدولية على الحكومة المصرية ضغطا لتعديل القانون.
مربط الفرس أن قانون الجمعيات الأهلية «المختلف عليه» صدر معيبا، يجمع فى سلة واحدة ما لا يجمع، حط عيشة على أم الخير، يجمع عشرات الآلاف من الجمعيات الأهلية التى يحتاج جهودها الطوعية ملايين المواطنين يستفيدون من خدماتها الاجتماعية «صحية وتعليمية وإنسانية» وعشرات الجمعيات الحقوقية التى بشأنها يثار اللبس الحادث تأسيسا ونشاطا وتمويلا.. دونت ميكس، يقينًا لا يلتقيان.
القانون يستلزم فصلا، بدون هذا الفصل الواجب سيظل الخلط والتخليط، قضية المنظمات الحقوقية تختلف كلية عن قضايا الجمعيات الأهلية، ما يجرى على المنظمات الأهلية لا ينسحب على المنظمات الحقوقية، القضية الشائكة فى القانون هى وضعية هذه المنظمات الحقوقية ترخيصا وتمويلا.
ما لا يدرك كله لا يترك جله، ما يهم الغرب مساحة نشاط المنظمات والمراكز الحقوقية، وما يهمنا دوران عجلة المجتمع المدنى فى تجلياته الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، ما يهمنا أهم ولكن دون إغفال البعد الدولى فى المعادلة، يقينًا لن ترضى عن القانون المنظمات والمراكز الحقوقية، لأنه يضيق عليها تحديدا فى التمويلات التى جفت تقريبا.
ما يهم الحكومة إخضاع بعض هذه المنظمات النافرة إلى القانون، ومنعها من مزاولة كل نشاط يكون داخلا فى إطار عمل الأحزاب أو النقابات المهنية أو العمالية، أو ذا طابع سياسى أو يضر بالأمن القومى أو النظام العام أو الآداب العامة أو الصحة العامة، ومربط الفرس التمويلات العابرة للحدود، هذه هى القضية.
وعليه وقبيل تعديل القانون، فإن وضعية المنظمات فى الحالة المصرية تستلزم حوارا مجتمعيا شفافا بين رموز المجتمع الحقوقى وبين الحكومة المصرية لإنتاج مدونة حقوقية وطنية تترجم قانونيا تفرض التزاما وطنيا لا ينقص كثيرين من العاملين فى هذا المجال الحقوقى، وإذا كان الشك قائما فى نفر من العاملين فى الحقل الحقوقى، فإن قطع الشك باليقين أفضل من دمغ الكل كليلة بما هو مستبطن.
ولو فعلت الحكومة خيرًا، لفصلت منظمات ومراكز ومؤسسات حقوق الإنسان عن قانون الجمعيات الأهلية، وفصلت قانونا خاصا يتناسب مع مهمتها الحقوقية وفق المعايير الدولية.. نكسب كثيرا!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة