منح من أمواله الخاصة 10 ملايين درهم لدعم الثقافة
"قاهر الصحراء".. هكذا لقب الشيخ زايد بن آل نهيان الذى قدم جهودا مقدّرة وتضحيات هائلة في مجال التنمية وبناء الدولة، انطلاقاً من وعي عميق، وحس إنساني نافذ، ورؤية ثاقبة نحو المستقبل، فوفر العناصر الأساسية اللازمة لنجاح أى دولة تطمح إلى خلق واقع أفضل.
من يعرف الشيخ زايد بن آل نهيان أو يقرأ عن تاريخه يتسنى له إدراك أنه لم يكن قائدا سياسيا محنكا فقط، لكنه أيضا كان شخصية إعلامية مميزة يجيد مهارات التواصل مع وسائل الإعلام والإعلاميين وكان يصنع الحدث، بهذه الكلمات وصف الكاتب الكبير والإعلامى محمد الحمادى رئيس جمعية الصحفيين الإماراتيين ورئيس تحرير صحيفة الرؤية الإماراتية، الشيخ "زايد"، أضاف أنه كان لافتا للأنظار دائما وعندما بدأ يجمع الإمارات المتفرقة أدرك ان هذا يحتاج نقل من قبل الإعلام للعالم أجمع فتواصل "زايد" مع الإعلاميين، فلم تخلو قاعة اجتماعات خلال جوالاته فى الإمارات والقرى من وجود إعلامى مميز،وما تم توثيقه خلال الفترة الماضية يؤكد أن الشيخ زايد نجح فى توصيل رسالته لأنها كانت رسالة "صادقة" ما ضمن قوة تأثيرها.
الكاتب الإماراتى محمدالحمادى
وأشار الحمادى ، حسبما أوردت صحيفة البيان الإماراتية، إلى الرؤية المميزة التى تمتع بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان للإعلام عبر زوايا مختلفة كصناعته للحدث وإسهاماته في صناعة الإعلام العربى.
هذا ما أكده كتاب «زايد بن سلطان آل نهيان - القائد والمسيرة» الذى تناول أسس وقوى دعائم بنيان الإعلام الإماراتي التى رسخ لها الشيخ زايد ليكون على قدر كبير من المسؤولية؛ فقد مارس الإعلام الإماراتى منذ البدايات دوراً إيجابياً منفتحاً في مضمونه، في ظل قيادة لم تمارس أي قيود من أي نوع على العمل الإعلامي أو الحريات المهنية.
الشيخ زايد الذى ساهم فى نشر قيم التسامح والمحبة
و يسرد الكتاب الذي يعود إصداره إلى العام 1981 ألّفه الإعلامي حمدي تمام، أحد الإعلاميين الأوائل الذين عملوا مع الشيخ زايد مواقف تكشف الدور الذي لعبه الشيخ زايد في بناء مجتمع الإمارات ثقافياً وتعليمياً وإعلامياً، ويذكر أنه كان قريباً منه عند افتتاح الدورة الأولى لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، ورآه وهو يتوقف أمام دور النشر ويطالع الكتب التراثية والشعرية والأدبية. و بعد انتهاء الشيخ زايد من جولته طلب من مدير الديوان حينها، علي الشرفا، أن يستعرض ما تقدمه دور النشر ويختار بعض العناوين التي تفيد الشباب والناشئة مع التركيز على كتب التراث والشعر والعلوم وكتب الأطفال، على أن يدفع ثمنها من الأموال الخاصة به، وطلب منه أن يقسمها ويسلمها لإدارات المكتبات في مدارس الإمارات كافة، وبالأخص مدارس المنطقة الشمالية، وقال تمام: لقد عرفت لاحقاً أن قيمة المنحة بلغت 10 ملايين درهم.
مسيرة زايد فى "التنمية"
أضاف الحمادى، أنه من الصعب حصر مسيرة زايد في التنمية وبناء الدولة لأنها كبيرة للغاية، ارتكزت على بناء الإنسان أولاً ثم على المشاريع المستدامة وهو نهج مازال قادة الإمارات أبناء الشيخ زايد يعتمدونه في مسيرتهم، مؤكدا أن اهتمام الشيخ زايد انصب على الإنسان قبل العمارات .
أبناء "زايد"
وأكد الحمادى أن من يرغب فى معرفة مسيرة وجهود "قاهر الصحراء" لا بد أن يستعيد صورة إمارة أبوظبي قبل خمسين عاماً، لنعرف كيف كانت هذه الأرض، وكيف كان هذا المكان، وكيف أصبحت أبوظبي اليوم مدينة عصرية ومتطورة، فعندما بنى هذه الدولة لم يركز فقط على الشكل الظاهرى للعمارة وتأسيس البنية التحتية فقط، بل ذهب لأبعد من ذلك، عندما فكر بداية فى الإنسان أصلاً وجوهراً ومنبعاً للتنمية الحقيقية، فمن دون وجود الإنسان الواعى والمتعلم والمثقف لا يمكن للمدن والدول أن تصنع تنميتها المستدامة.
عام "زايد"
ومن أقوال "زايد" المأثورة «ثروتي هي سعادة شعبي»، وقد طبقت هذه المقولة وأصبحت توجها للدولة لم تلامس المواطن الإماراتي فقط بل امتدت لكل المقيمين على أرض الدولة عرفاناً بما قدموه من جهود وطاقات معرفية وكان يؤمن بأن الخير الذي وهبه الله لدولة الإمارات يجب أن يعمّ الجميع، وكان جل اهتمام "زايد" منصبا على كيفية بناء «الأمة» وليس مجرد بناء وطن أو دولة و تطلّب الأمر منه مواجهة تحديات ضخمة في مكان كان شبه فارغ من البشر والعمران والتعليم والصحة والطرق والبنى الأساسية للدول الحديثة، فذهب الشيخ زايد، للبحث عن الطاقات والخبرات في البلدان العربية التي قطعت أشواطاً مهمة في مجالات التنمية، مثل تونس التي استفاد من خبرائها القانونيين، ومصر التي استفاد من خبراتها في مجال التعليم، والأردن التي استفاد من خبرتها في مجال الأمن، وغيرها من الدول العربية والأجنبية التي ساهمت بقوة في وضع اللبنات الأولى لشكل وصورة المكان قبل وبعد قيام دولة الاتحاد.
ابتعاث الطلاب
كما أرسل الشيخ "زايد" بعثات طلابية إلى الخارج حتى يعودوا مسلحين بالعلم والمعرفة وليساهموا مع الآخرين في صياغة الصورة المبهجة للدولة التي نراها اليوم، والتي باتت نموذجاً مبهراً ومثالاً ساطعاً يحتذى به في الدول التي سبقتنا في التنمية والتطور. حسبما أوردت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية .
وقال الحمادى طبقا للصحيفة: إن احتفاءنا بمئوية زايد، تفرض علينا استعادة الإنجازات المميزة التي حققها الراحل الكبير من خلال حلمه العارم الذي كان يؤمن به إيماناً مطلقاً، مضيفاً أن هذا الحلم هو سرّ نجاح شخصية الشيخ زايد فهو لم ينظر فقط للواقع المحيط به، بل إلى ما يمكن أن يحققه في هذا المكان بعد ثلاثين أو خمسين عاماً، ومن هنا فإن بعد نظره وعمق رؤيته تجسدتا اليوم في كل ما نراه من ظواهر إيجابية لافتة سواء ما يخص العمران أو الإنسان.
الشيخ زايد يكرم طالبة عام 1979
تحقيق السعادة منهجه
إن دولة الإمارات بنيت على أساس تحقيق السعادة وبناء الفكر الإنساني الشامل، وأن مصطلحاً حديثاً مثل «التنمية المستدامة» عرفته الإمارات منذ البدايات، وانتبه له الشيخ زايد مبكراً، بشكل فطري، وبحنكة ذاتية، وبذكاء وتخطيط، مما أهله لقيادة الدولة، وتوحيد الإمارات المتفرقة، من خلال فكرة وحدوية طموح، بذل من أجلها الغالي والنفيس، وتحمل بسببها الكثير من المصاعب والعقبات واستطاع في النهاية، حسبما أوضح الحمادى، أن يحول المعجزة المتخيلة إلى واقع حي ونابض، نعيشه بكل تفاصيله المستندة إلى وعي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى تضحياته وإيمانه ببناء الأجيال والتعايش والتسامح والحوار الإيجابي مع الذات والآخر.
ونوه إلى أن مصطلح «القوة الناعمة»، استخدمه الشيخ زايد بن لتأسيس الدولة، وبناء العلاقات مع الدول العربية والأجنبية، ونشر قيم المحبة والتواصل مع الآخرين، مضيفاً أن الكثير من الأفكار التي زرعها "زايد" نرى ملامحها اليوم في الشكل المؤسسي للهيئات والوزارات والجمعيات والدوائر المحلية والحكومية بدولة الإمارات. أضاف، إننا محظوظون كشعب بالشيخ زايد وفكره المنفتح، وبمنهجه العالمي القائم على نبذ العنصرية والتمييز الإثني والديني والعرقي، وبالتالي فإن من ما نراه اليوم من قيم المحبة والتعايش والتسامح في الإمارات إنما هي من ثمار تلك البذور الفكرية الأولى التي غرسها الشيخ زايد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة